وَحَاصِلُ الْكَلَامِ هُوَ إذَا وَقَفَ الْمُضَارِبُ عَلَى عَزْلِهِ فَفِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ ثَلَاثَةُ احْتِمَالَاتٍ:
١ - أَنْ يَكُونَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَنْعَزِلُ الْمُضَارِبُ حَالًا وَلَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ بَعْدَ ذَلِكَ مُطْلَقًا ٢ - أَنْ لَا يَكُونَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَأَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ أَحَدَ النَّقْدَيْنِ وَأَنْ يَكُونَ مَالًا كَالْعُرُوضِ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَكُونُ تَأْثِيرٌ لِلْعَزْلِ فِي الْحَالِ إذْ إنَّ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يَبِيعَ تِلْكَ الْعُرُوضَ وَأَنْ يُبَدِّلَهَا لِمَالٍ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ وَعِنْدَ تَبْدِيلِهِ لَهَا يَنْعَزِلُ وَلَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ بَعْدَ الْعَزْلِ فِي الْعُرُوضِ وَبَيْعَهُ لَهَا هُوَ لِضَرُورَةِ إظْهَارِ الرِّبْحِ أَصْبَحَتْ الْعُرُوض نَقْدًا لَمْ يَبْقَ ضَرُورَةٌ وَاحْتِيَاجٌ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٢٢)
فَرْعٌ: إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ ذَهَبًا وَأَخَذَ رَبُّ الْمَالِ حِينَ الْقِسْمَةِ فِضَّةً جَازَ كَمَا أَنَّهُ إذَا أَخَذَ عُرُوضًا بِقِيمَتِهَا جَازَ أَيْضًا وَتَعْبِيرُ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْقِسْمَةِ وَلَيْسَ قِيمَتُهَا يَوْمَ الدَّفْعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَفِي هَذَا الْحَالِ لَوْ نَهَى رَبُّ الْمَالِ الْمُضَارِبَ عَنْ الْبَيْعِ نَسِيئَةً فَلَهُ الْبَيْعُ نَسِيئَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْتَدِرُ رَبُّ الْمَالِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى عَزْلِ الْمُضَارِبِ كَمَا لَا يَصِحُّ نَهْيُهُ عَنْ الْمُسَافَرَةِ فِي الرِّوَايَاتِ الْمَشْهُورَةِ وَكَمَا لَا يَمْلِكُ تَخْصِيصَ الْإِذْنِ؛ لِأَنَّهُ عَزْلٌ مِنْ وَجْهٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ٣ - أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مِنْ وَجْهٍ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ كَأَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ ذَهَبًا وَمَالُ الْمُضَارَبَةِ فِضَّةً أَوْ بِالْعَكْسِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يُبَدِّلَ النَّقْدَ الْمَوْجُودَ بِجِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ تَبْدِيلُهُ بِعُرُوضٍ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى وَالزَّيْلَعِيّ) إذَا تُوُفِّيَ رَبُّ الْمَالِ أَوْ جُنَّ جُنُونًا مُطْبِقًا فَالْحُكْمُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ أَيْضًا وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُضَارِبِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي النُّقُودِ الَّتِي فِي يَدِهِ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ وَلَكِنْ لَهُ تَبْدِيلُ الْعُرُوضِ بِنَقْدٍ (أَبُو السُّعُودِ وَالْبَحْرُ) وَحُكْمُ الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ غَيْرُ جَارٍ فِي الشَّرِكَةِ وَذَلِكَ إذَا فَسَخَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الشَّرِكَةَ فَيَصِحُّ الْفَسْخُ وَلَوْ كَانَتْ أَمْوَالُ الشَّرِكَةِ أَمْتِعَةً (الْبَحْرُ) وَإِذَا فَسَخَ رَبُّ الْمَالِ الشَّرِكَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَإِذَا كَانَ فِي الْمُضَارَبَةِ رِبْحٌ، فَالْمُضَارِبُ مَجْبُورٌ عَلَى تَحْصِيلِ دُيُونِ الْمُضَارَبَةِ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (الـ ١٤٢٣) أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فَالْمُضَارِبُ غَيْرُ مَجْبُورٍ عَلَى قَبْضِ الدُّيُونِ بَلْ يَلْزَمُهُ تَوْكِيلُ رَبِّ الْمَالِ لِلْقَبْضِ الْمَذْكُورِ (الْبَحْرُ) وَكَمَا أَنَّ لِرَبِّ الْمَالِ عَزْلَ الْمُضَارِبِ فَلِلْمُضَارِبِ أَيْضًا عَزْلُ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١١٤٠) أَنَّ الْمُضَارَبَةَ مِنْ الْعُقُودِ الْغَيْرِ اللَّازِمَةِ عَلَى الطَّرَفَيْنِ
[ (الْمَادَّةُ ١٤٢٥) يَسْتَحِقُّ الْمُضَارِبُ الرِّبْحَ فِي مُقَابِلَةِ عَمَلِهِ]
الْمَادَّةُ (١٤٢٥) - (إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْمُضَارِبُ الرِّبْحَ فِي مُقَابِلَةِ عَمَلِهِ أَمَّا الْعَمَلُ فَيَتَقَوَّمُ بِالْعَقْدِ فَقَطْ وَعَلَيْهِ فَأَيُّ مِقْدَارٍ يُشْتَرَطُ فِي عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ مِنْ الرِّبْحِ لِلْمُضَارِبِ يَأْخُذُ حِصَّتَهُ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute