للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحُكْمُ: التَّعْزِيرُ فِي الرُّجُوعِ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَالتَّعْزِيرُ وَالضَّمَانُ فِي الرُّجُوعِ بَعْدَ الْقَضَاءِ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (١٧٢٨ و ١٧٢٩) .

الْمَحَاسِنُ: إنَّ الرُّجُوعَ عَنْ شَهَادَةِ الزُّورِ مَرْغُوبٌ وَمَشْرُوعٌ دِيَانَةً؛ لِأَنَّ فِي الرُّجُوعِ عَنْهَا خَلَاصًا مِنْ الْعِقَابِ الْكَبِيرِ، إذْ مِنْ الْوَاجِبِ عَلَى الشَّاهِدِ الَّذِي شَهِدَ زُورًا سَوَاءٌ أَكَانَ عَنْ عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ التَّوْبَةُ، وَلَا تَكُونُ التَّوْبَةُ إلَّا بِالرُّجُوعِ عَنْهَا فِي حُضُورِ الْقَاضِي وَيَجِبُ عَلَى الشَّاهِدِ زُورًا أَنْ يَرْجِعَ حَالًا عَنْ شَهَادَتِهِ وَأَنْ لَا يَكُونَ حَيَاؤُهُ مِنْ النَّاسِ وَخَوْفُهُ مِنْ لَوْمِ اللَّائِمِينَ مَانِعًا مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ إلَى الْحَقِّ أَوْلَى مِنْ الدَّوَامِ عَلَى الْبَاطِلِ، وَالْحَيَاءُ مِنْ اللَّهِ أَوْلَى مِنْ الْحَيَاءِ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ وَالزَّيْلَعِيّ) .

[ (الْمَادَّةُ ١٧٣٨) رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ بَعْدَ الشَّهَادَةِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي]

الْمَادَّةُ (١٧٣٨) - (إذَا رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي تَكُونُ شَهَادَتُهُمْ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ وَيُعَزَّرُونَ) .

إذَا رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ كُلِّ أَوْ بَعْضِ شَهَادَتِهِمْ بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي تَكُونُ شَهَادَتُهُمْ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ وَلَا يَصِحُّ الْحُكْمُ بِمُوجَبِ شَهَادَتِهِمْ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الشُّهُودِ أَوَّلًا: إنَّنَا نَشْهَدُ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ رُجُوعَهُمْ ثَانِيًا وَقَوْلَهُمْ: بِأَنَّنَا لَا نَشْهَدُ بِذَلِكَ هُوَ تَنَاقُضٌ وَبِمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِالْمُتَنَاقِضِ فَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَا يَلْزَمُ الشُّهُودَ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمْ لَمْ تُؤَدِّ إلَى إتْلَافِ شَيْءٍ.

سُؤَالٌ: إنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ وَإِنْ تَكُنْ لَمْ تُسَبِّبْ إتْلَافَ حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُ الشُّهُودَ ضَمَانُ شَيْءٍ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُمْ لَوْ بَقُوا عَلَى شَهَادَتِهِمْ لَاسْتَوْفَى الْمُدَّعِي حَقَّهُ فَلِذَلِكَ فَهُمْ قَدْ تَسَبَّبُوا بِإِتْلَافِ حَقِّ الْمُدَّعِي؟

الْجَوَابُ - إنَّ عَدَمَ ثُبُوتِ حَقِّ الْمُدَّعِي لَمْ يَكُنْ مُضَافًا إلَى الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ بَلْ هُوَ بَاقٍ فِي أَصْلِ الْعَدَمِ وَكَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الشُّهُودَ الضَّمَانُ لَوْ امْتَنَعُوا عَنْ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ ابْتِدَاءً فَلَا يَلْزَمُهُمْ أَيْضًا الضَّمَانُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (الزَّيْلَعِيّ) .

بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ - أَمَّا قَبْلَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ فَلَا يُتَصَوَّرُ الرُّجُوعُ عَنْ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ الشَّاهِدُ الَّذِي جَاءَ لِيَشْهَدَ فِي الْمَحْكَمَةِ: إنَّنِي رَجَعْتُ عَنْ الشَّهَادَةِ الَّتِي سَأَشْهَدُهَا فَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ رُجُوعًا وَلَا يَلْزَمُ التَّعْزِيرُ.

قَبْلَ الْحُكْمِ - أَمَّا حُكْمُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ بَعْدَ الْحُكْمِ فَهُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ.

عَنْ كُلِّ أَوْ بَعْضِ الشَّهَادَةِ - إذَا رَجَعَ الشَّاهِدُ قَبْلَ الْحُكْمِ عَنْ كُلِّ شَهَادَتِهِ فَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ كَمَا أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ عَنْ بَعْضِ شَهَادَتِهِ فَلَا يُحْكَمُ بِشَيْءٍ أَيْضًا، وَتَبْطُلُ الشَّهَادَةُ فِي الْكُلِّ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ قَدْ فَسَّقَ نَفْسَهُ (أَبُو السُّعُودِ) .

مَثَلًا لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ قَائِلِينَ: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِلْمُدَّعِي ثُمَّ شَهِدُوا قَبْلَ الْحُكْمِ فِي مَجْلِسِ حُكْمٍ بِأَنَّ عَرْصَةَ الدَّارِ لِلْمُدَّعِي وَأَنَّ بِنَاءَهَا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيُعَدُّ ذَلِكَ رُجُوعًا فِي كُلِّ الشَّهَادَةِ وَلَا تُقْبَلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>