اثْنَانِ فِي مَالٍ وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ الْوَاضِعُ الْيَدِ الْمُسْتَقِلُّ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ فَيُعْتَبَرُ الَّذِي تَصَرُّفُهُ أَظْهَرُ وَأَقْوَى عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ ذَا الْيَدِ وَيُعْتَبَرُ الْآخَرُ خَارِجًا.
مَثَلًا لَوْ أَمْسَكَ أَحَدٌ طَرَفَ الثِّيَابِ وَكَانَ الْآخَرُ لَابِسَهَا فَيُعَدُّ اللَّابِسُ ذَا الْيَدِ وَالْآخَرُ خَارِجًا، كَذَلِكَ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا رَاكِبَ الْفَرَسِ وَالْآخَرُ قَابِضًا زِمَامَهَا فَيُعَدُّ الرَّاكِبُ ذَا الْيَدِ وَالْقَابِضُ الزِّمَامِ خَارِجًا حَيْثُ إنَّ تَصَرُّفَ لَابِسِ الثِّيَابِ وَرَاكِبِ الْفَرَسِ أَظْهَرُ وَأَقْوَى مِنْ تَصَرُّفِ الْآخَرَيْنِ حَيْثُ إنَّ التَّصَرُّفَ الْمَذْكُورَ خَاصٌّ بِالْمِلْكِ فَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا أَقَامَ الِاثْنَانِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِيَّةِ تُرَجَّحُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (١٧٥٧) بَيِّنَةُ الْخَارِجِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُقِمْ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ يُتْرَكُ الْمَالُ بِقَضَاءِ التَّرْكِ فِي يَدِ ذِي الْيَدِ وَلَا يَتْرُكُ قَضَاءٌ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَلِذَلِكَ إذَا اسْتَطَاعَ الْخَارِجُ أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً بِأَنَّ الْمَالَ الْمُدَّعَى بِهِ هُوَ مِلْكُهُ فَيُحْكَمُ لَهُ بِذَلِكَ الْمَالِ بِقَضَاءِ الِاسْتِحْقَاقِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٧٨٦) وَشَرْحَهَا (الدُّرَرُ والشُّرُنْبُلاليُّ) .
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ تَصَرُّفُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ تَصَرُّفِ الْآخَرِ أَيْ أَنْ يَكُونَ تَصَرُّفُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ تَصَرُّفِ الْآخَرِ حَالَ كَوْنِ الِاثْنَيْنِ مُتَصَرِّفَيْنِ بِهِ فَيُعْتَبَرُ فِي هَذَا الْحَالِ أَنَّ الْمُتَصَرِّفَ فِي الْأَكْثَرِ ذُو الْيَدِ وَالْآخَرُ خَارِجًا. مَثَلًا لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ حِمْلٌ مُحَمَّلًا عَلَى دَابَّةٍ وَكَانَ لِآخَرَ آنِيَةٌ مُعَلَّقَةٌ عَلَى تِلْكَ الدَّابَّةِ فَيُعْتَبَرُ صَاحِبُ الْحِمْلِ ذَا الْيَدِ عَلَى الدَّابَّةِ وَيُعْتَبَرُ الْآخَرُ خَارِجًا (الدُّرَرُ) . وَالتَّصَرُّفُ فِي نَفْسِ الْحَيَوَانِ أَكْثَرُ فِي هَذَا الْمِثَالِ أَمَّا مَسْأَلَةُ الثِّيَابِ الَّتِي وَرَدَ ذِكْرُهَا فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فَالْكَثْرَةُ لَمْ تَكُنْ فِي نَفْسِ التَّصَرُّفِ فَلِذَلِكَ لَيْسَ مِنْ مُنَافَاةٍ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَسَيُوَضَّحُ فِي الْمَادَّةِ (١٧٥٤) بَعْضُ إيضَاحَاتٍ تَتَعَلَّقُ بِوَضَاعَةِ الْيَدِ.
تَحَقُّقُ وَضَاعَةِ الْيَدِ. تَثْبُتُ وَضَاعَةُ الْيَدِ بِالْبَيِّنَةِ كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ النِّزَاعُ الدَّائِرُ عَلَى وَضْعِ الْيَدِ مُتَعَلِّقًا بِالْمَنْقُولِ فَيُعْلَمُ ذُو الْيَدِ أَيْضًا عِنْدَ الْقَاضِي بِالرُّؤْيَةِ كَمَا أَنَّهُ يُعْلَمُ ذُو الْيَدِ فِي الْمَنْقُولِ بِالْإِقْرَارِ أَيْضًا. فَعَلَى ذَلِكَ إذَا تَنَازَعَ اثْنَانِ عَلَى وَضَاعَةِ الْيَدِ عَلَى شَيْءٍ وَادَّعَى أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ تَحْتَ يَدِهِ مُنْذُ شَهْرٍ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ تَحْتَ يَدِهِ مُنْذُ سَاعَةٍ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَيُتْرَكُ الْمَالُ فِي يَدِ صَاحِبِ الْبَيِّنَةِ الثَّانِيَةِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ تَحْتَ يَدِهِ مُنْذُ شَهْرٍ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ تَحْتَ يَدِهِ مُنْذُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ الْمَاضِيَةِ فَتُعْتَبَرُ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْجُمُعَةِ (الْخَانِيَّةُ) ٧.
[ (الْمَادَّةُ ١٦٨٠) الْخَارِجُ هُوَ الْبَرِيءُ عَنْ وَضْعِ الْيَدِ]
الْمَادَّةُ (١٦٨٠) - (الْخَارِجُ هُوَ الْبَرِيءُ عَنْ وَضْعِ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ بِالْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ) الْخَارِجُ هُوَ الْبَرِيءُ عَنْ وَضْعِ الْيَدِ عَلَى عَيْنٍ وَالتَّصَرُّفُ بِهَا تَصَرُّفُ الْمُلَّاكِ يَعْنِي يُطْلَقُ الْخَارِجُ عَلَى مَنْ لَمْ يَضَعْ يَدَهُ عَلَى الْعَيْنِ وَعَلَى مَنْ لَمْ يَتَصَرَّفْ بِهَا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ كَالشَّخْصِ الَّذِي لَمْ يَقْبِضْ عَلَى طَرَفِ الثِّيَابِ، وَعَلَى الَّذِي يَقْبِضُ عَلَى طَرَفِ ثَوْبٍ يَلْبَسُهُ آخَرُ وَعَلَى مَنْ يَقْبِضُ عَلَى زِمَامِ دَابَّةٍ يَرْكَبُهَا آخَرُ، وَعَلَى مَنْ عَلَّقَ آنِيَتَهُ عَلَى دَابَّةٍ مُحَمَّلَةٍ بِحِمْلٍ لِآخَرَ وَعَلَى مَنْ يَحْمِلُ مِفْتَاحَ غُرْفَةٍ فِي دَارٍ يَسْكُنُهَا آخَرُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute