[الْمُقَدِّمَةُ فِي اصْطِلَاحَاتٍ فِقْهِيَّةٍ تَتَعَلَّقُ بِالْكَفَالَةِ]
ِ الْكَفَالَةُ لُغَةً بِمَعْنَى الضَّمِّ وَالْعِلَاوَةِ وَعَلَيْهِ فَنَقْلُهَا إلَى مَعْنَى الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ مِنْ قَبِيلِ نَقْلِ الْعَامِّ إلَى الْخَاصِّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} [آل عمران: ٣٧] أَيْ ضَمَّهَا إلَى نَفْسِهِ وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ كَهَاتَيْنِ» أَيْ ضَامُّ الْيَتِيمِ إلَى نَفْسِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي أَوَّلِ الْكَفَالَةِ) . خُلَاصَةُ الْبَابِ الْأَوَّلِ قَدْ أَدْرَجْنَا هُنَا خُلَاصَةَ الْمَسَائِلِ إلَى الْبَابِ الثَّانِي. تَعْرِيفُ الْكَفَالَةِ: ضَمُّ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ فِي الْمُطَالَبَةِ بِشَيْءٍ وَتَرِدُ عَلَى هَذَا التَّعْرِيفِ الِاعْتِرَاضَاتُ الْآتِيَةُ:
١ - إذَا كَفَلَ أَحَدٌ نَفْسَ صَبِيٍّ بِلَا أَمْرٍ كَانَ الْكَفِيلُ مُطَالَبًا وَالْأَصِيلُ غَيْرَ مُطَالَبٍ.
٢ - إذَا كَفَلَ أَحَدٌ دَيْنًا عَلَى آخَرَ وَأَنْكَرَ الْمَدِينُ الدَّيْنَ وَحَلَفَ الْيَمِينَ طُولِبَ الْكَفِيلُ بِالدَّيْنِ دُونَ الْأَصِيلِ.
جَوَابُ الْأَوَّلِ - التَّعْرِيفُ بِالْأَخَصِّ. جَوَابُ الثَّانِي - يَكْفِي زَعْمُ الْكَفَالَةِ لِثُبُوتِ الْمُطَالَبَةِ يَثْبُتُ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ بِالْكَفَالَةِ بِالْعَيْنِ أَوْ بِالنَّفْسِ وَلَا يَكُونُ دَيْنًا لِأَنَّ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ لَا يُوجَدُ دَيْنٌ أَسَاسًا وَفِي الْكَفَالَةِ بِالدَّيْنِ عَلَى قَوْلٍ لَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ غَيْرُ حَقِّ الْمُطَالَبَةِ. وَلَيْسَ الدَّيْنُ لِأَنَّهُ:
أَوَّلًا: يَحْصُلُ تَوْثِيقُ الْحَقِّ بِثُبُوتِ حَقِّ الْمُطَالَبَةِ فِي الْكَفِيلِ وَلَا حَاجَةَ إلَى ثُبُوتِ الدَّيْنِ.
ثَانِيًا: بِمَا أَنَّ الدَّيْنَ يَبْقَى فِي ذِمَّةِ الْأَصِيلِ بَعْدَ الْكَفَالَةِ فَإِثْبَاتُ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ قَلْبٌ لِلْحَقِيقَةِ وَلَكِنْ يُعْتَرَضُ عَلَى هَذَا السَّبَبِ الثَّانِي بِأَنَّ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِالْمَالِ الْمَغْصُوبِ مِنْ الْغَاصِبِ أَوْ غَاصِبِ الْغَاصِبِ فَيُمْكِنُ تَطْبِيقُ مَسْأَلَةِ الْكَفَالَةِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الشَّرْعِيَّةِ. وَيُجَابُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ هُنَاكَ فَرْقًا بَيْنَ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ: بِأَنَّهُ لِلدَّائِنِ حَقُّ مُطَالَبَةِ الْأَصِيلِ أَوْ مُطَالَبَةِ الْكَفِيلِ أَمَّا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَنْ يُطَالِبَ وَاحِدًا مِنْ الْغَاصِبِ أَوْ غَاصِبِ الْغَاصِبِ فَقَطْ بِالْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَلَيْسَ لَهُ إذَا طَالَبَ أَحَدَهُمَا بِهِ أَنْ يُطَالِبَ الْآخَرَ.
ثَالِثًا: إذَا ثَبَتَ دَيْنَانِ تَسْتَحِيلُ الْمُطَالَبَةُ بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute