للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ أَحْيَاءِ تِلْكَ الْمَدِينَةِ فَإِذَا سَلَّمَهُ فِي حَيٍّ مِنْ أَحْيَائِهَا فَقَدْ بَرِئَ وَلَا يُطَالَبُ بِتَسْلِيمِهِ مَرَّةً أُخْرَى فِي مَحَلَّةٍ أُخْرَى (الْبَزَّازِيَّةُ) .

إلَّا أَنَّ الْعُلَمَاءَ قَالُوا بِلُزُومِ بَيَانِ النَّاحِيَةِ الَّتِي يُرَادُ التَّسْلِيمُ فِيهَا إذَا كَانَتْ الْمَدِينَةُ كَبِيرَةً وَتَبْلُغُ نَوَاحِيهَا فَرْسَخًا (لِأَنَّ جَهَالَتَهَا مُفْضِيَةٌ إلَى الْمُنَازَعَةِ) .

(الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ) .

الِاخْتِلَافُ فِي صِحَّةِ السَّلَمِ وَفَسَادِهِ: إذَا اخْتَلَفَ الطَّرَفَانِ فِي صِحَّةِ السَّلَمِ وَفَسَادِهِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: إنَّ السَّلَمَ صَحِيحٌ لِتَوَفُّرِ الشُّرُوطِ فِيهِ وَقَالَ الْآخَرُ: فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْفُلَانِيَّ مَفْقُودٌ مِنْهُ؛ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ.

(الْخَيْرِيَّةُ فِي السَّلَمِ) .

[ (الْمَادَّةُ ٣٨٧) يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ بَقَاءِ السَّلَمِ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ]

(الْمَادَّةُ ٣٨٧) يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ بَقَاءِ السَّلَمِ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَإِذَا تَفَرَّقَ الْعَاقِدَانِ قَبْلَ تَسْلِيمِ رَأْسِ السَّلَمِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ.

أَيْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ بَقَاءِ السَّلَمِ بَعْدَ انْعِقَادِهِ وَهُوَ جَامِعٌ لِلشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ أَيْ رَأْسِ الْمَالِ سَوَاءٌ كَانَ عَيْنًا، أَوْ دَيْنًا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَيْ قَبْلَ افْتِرَاقِ الطَّرَفَيْنِ بِأَبْدَانِهِمَا؛ لِأَنَّ السَّلَمَ بَيْعُ مُؤَجَّلٍ بِمُعَجَّلٍ وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ بِتَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَالِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ التَّسَلُّمُ فِي أَوَّلِ الْمَجْلِسِ، أَوْ فِي آخِرِهِ بَعْدَ التَّأَنِّي وَالتَّطْوِيلِ.

" الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ "، وَإِذَا امْتَنَعَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ عَنْ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ يُجْبِرُهُ الْحَاكِمُ عَلَى قَبْضِهِ.

(لِأَنَّ سَاعَاتِ الْمَجْلِسِ لَهَا حُكْمُ سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ) فَإِذَا افْتَرَقَ الْمُتَعَاقِدَانِ افْتِرَاقَ أَبَدَانً قَبْلَ تَسَلُّمِ رَأْسِ الْمَالِ فَالْعَقْدُ مُنْفَسِخٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ افْتِرَاقٌ عَنْ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَإِنْ كَانَ انْعِقَادُهُ صَحِيحًا وَذَلِكَ لِعَدَمِ إيفَاءِ الثَّمَنِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ.

قَالَ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ (فَلَوْ انْتَقَضَ الْقَبْضُ بَطَلَ السَّلَمُ كَمَا لَوْ كَانَ عَيْنًا فَوَجَدَهُ مَعِيبًا أَوْ مُسْتَحَقًّا وَلَمْ يَرْضَ بِالْعَيْبِ وَلَمْ يُجِزْهُ الْمُسْتَحِقُّ، أَوْ دَيْنًا فَاسْتُحِقَّ وَلَمْ يُجِزْهُ وَاسْتُبْدِلَ بَعْدَ الْمَجْلِسِ فَلَوْ قَبِلَهُ صَحَّ) انْتَهَى.

لِهَذَا لَمْ يَكُنْ مَكَانُ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ شَرْطًا؛ لِأَنَّهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ يَجِبُ تَسْلِيمُهُ فِي مَكَانِ الْعَقْدِ.

كَذَلِكَ لَا يَكُونُ الْعَقْدُ صَحِيحًا إذَا كَانَ لِإِنْسَانٍ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ فَقَالَ لَهُ: إنَّ مَالِي عَلَيْكَ مِنْ الدَّيْنِ سَلَمٌ فِي كَذَا كَيْلَةِ حِنْطَةٍ تُؤَدِّيهَا إلَيَّ فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ فِي مَكَانِ كَذَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ قَبْضُهُ الثَّمَنَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ حَتَّى إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَسَلَّمَ نِصْفَهُ نَقْدًا وَبَقِيَ النِّصْفُ الثَّانِي دَيْنًا فَالسَّلَمُ صَحِيحٌ فِي حِصَّةِ النِّصْفِ الْمُسْلَمِ وَبَاطِلٌ فِي حِصَّةِ الدَّيْنِ.

(لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ) (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ فِي السَّلَمِ) .

افْتِرَاقُ الْأَبَدَانِ: يُتِمُّ ذَلِكَ بِغِيَابِ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ عَنْ نَظَرِ الْآخَرِ وَعَلَى ذَلِكَ فَإِذَا لَمْ يَفْتَرِقَا بَلْ قَامَا وَمَشَيَا مَعًا فَرْسَخًا، أَوْ فَرْسَخَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ فَتَقَابَضَا قَبْلَ افْتِرَاقِ أَبْدَانِهِمَا فَالسَّلَمُ صَحِيحٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>