للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ بَعْضِ الضَّوَابِطِ الْعُمُومِيَّةِ]

يُبْحَثُ فِي هَذَا الْفَصْلِ فِي الْبَرَاءَاتِ الَّتِي تَقَعُ فِي كُلِّ أَنْوَاعِ الْكَفَالَاتِ كَمَا فِي الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَالْكَفَالَةِ بِالْمَالِ، وَفِي الْفُصُولِ الْآتِيَةِ يُبْحَثُ عَنْ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ كَفَالَةٍ عَلَى حِدَةٍ، وَلِذَلِكَ فَقَدْ جَاءَ فِي عُنْوَانِ هَذَا الْفَصْلِ (الضَّوَابِطُ الْعُمُومِيَّةُ) .

(الْمَادَّةُ ٦٥٩) لَوْ سُلِّمَ الْمَكْفُولُ بِهِ مِنْ طَرَفِ الْأَصِيلِ أَوْ الْكَفِيلِ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ.

سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُسَلَّمُ النَّفْسَ أَمْ الْمَالَ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمُسَلِّمُ الْأَصِيلَ أَمْ الْكَفِيلَ أَمْ كَفِيلُ الْكَفِيلِ.

(التَّنْوِيرُ، وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ) لِأَنَّ الْحَقَّ الْوَاحِدَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (١٦٥١) لَا يُسْتَوْفَى مِنْ اثْنَيْنِ كُلٌّ عَلَى حِدَةٍ بِتَمَامِهِ.

وَبِمَا أَنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ مُجْمَلَةٌ لِلْغَايَةِ وَمُحْتَاجَةٌ إلَى بَعْضِ تَفْصِيلَاتٍ فَلْنُبَادِرْ إلَى الْإِيضَاحَاتِ الْآتِيَةِ: أَنَّ الْمَكْفُولَ بِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: نَفْسٌ، وَمَالٌ، وَتَسْلِيمٌ وَيُقَسَّمُ كُلٌّ بِحَسَبِ إيفَائِهِ وَتَسْلِيمِهِ مِنْ الْأَصِيلِ أَوْ الْكَفِيلِ إلَى قِسْمَيْنِ وَإِذَا ضُرِبَتْ هَذِهِ التَّقْسِيمَاتُ بَعْضُهَا بِبَعْضِ يَظْهَرُ سِتَّةُ أَحْكَامٍ:

الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: إذَا سَلَّمَ الْأَصِيلُ الْمَكْفُولَ بِهِ النَّفْسَ أَيْ إذَا سَلَّمَ الْأَصِيلُ نَفْسَهُ لِلْمَكْفُولِ لَهُ بَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ النَّفْسِيَّةِ، وَذَلِكَ فِيمَا لَوْ بَيْنَ حِينِ تَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ أَنَّهُ يُسَلِّمُهَا بِكَفَالَتِهِ إيَّاهُ أَوْ بِمُقْتَضَى كَفَالَتِهِ وَإِذَا تَعَدَّدَ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَ أَنَّهُ سَلَّمَ نَفْسَهُ لِكَفَالَتِهِمْ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَفَالَةِ التَّسْلِيمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَمَتَى وَقَعَ التَّسْلِيمُ الْمَذْكُورُ انْتَهَتْ الْكَفَالَةُ وَإِلَّا فَلَا يَبْرَأُ كَمَا يُسْتَخْرَجُ لُزُومُ هَذَا الْقَيْدِ مِنْ فِقْرَةِ (أَوْ سَلَّمَ الْمَكْفُولُ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ) مِنْ الْمَادَّةِ (٦٥١) حَتَّى أَنَّهُ لَوْ قَابَلَ الْمَكْفُولُ بِهِ الْمَكْفُولَ لَهُ بِنَفْسِهِ وَبَقِيَ الِاثْنَانِ مَعًا مِنْ الصَّبَاحِ إلَى الْمَسَاءِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمَكْفُولُ بِهِ أَنَّهُ حَضَرَ إلَيْهِ لِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ مِنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ أَوْ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ فَلَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ، وَبَرَاءَةُ الْكَفِيلِ مِنْ الْكَفَالَةِ النَّفْسِيَّةِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ إنَّمَا تَكُونُ إذَا وَقَعَتْ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ بِهِ أَمَّا إذَا وَقَعَتْ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ بِدُونِ أَمْرِ الْمَكْفُولِ بِهِ فَلَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ بِتَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ بِهِ نَفْسَهُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ نَفْسِهِ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ وَلَيْسَ بِمُطَالَبٍ بِذَلِكَ (النَّهْرُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>