يَعْنِي لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: قَدْ أَقْرَضْتُك ثَمَانِيَةَ دَرَاهِمَ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِقَوْلِهِمْ: إنَّهُ عِنْدَمَا أَدَّى الْمُدَّعِي الْمَبْلَغَ الْمُقْتَرَضَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ وَزَنَّاهُ أَوْ عَدَدْنَاهُ نَقْبَلُ شَهَادَتَهُمْ (الْبَهْجَةُ) . أَمَّا لَوْ شَهِدَ الْقَاضِي بَعْدَ الْعَزْلِ عَلَى إقْرَارِ أَحَدٍ وَقَعَ فِي حُضُورِهِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَيْسَ فِعْلُ الْقَاضِي بَلْ هُوَ فِعْلُ الْمُقِرِّ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالْبَهْجَةُ) .
الشَّهَادَةُ عَلَى مَا هُوَ فِي حُكْمِ الْفِعْلِ - لَا تَصِحُّ شَهَادَةُ الْكَفِيلِ بِالثَّمَنِ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ عَلَى الْعَقْدِ، مَثَلًا لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ قَائِلِينَ: قَدْ بَاعَ فُلَانٌ إلَى فُلَانٍ هَذَا الْمَالَ بِكَفَالَتِنَا عَلَى السَّنَدِ فَإِذَا كَانَتْ كَفَالَةُ الشُّهُودِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ فَلَا تَصِحُّ هَذِهِ الشَّهَادَةُ إذْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَتِمُّ الْبَيْعُ بِالْكَفَالَةِ فَيَكُونُ الشُّهُودُ فِي حُكْمِ الْبَائِعِ وَتَكُونُ شَهَادَتُهُمْ عَلَى فِعْلِهِ، أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ كَفَالَتُهُمْ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ فَتَصِحُّ الشَّهَادَةُ.
[ (الْمَادَّةُ ١٧٠٥) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ عَادِلًا]
الْمَادَّةُ (١٧٠٥) - (يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ عَادِلًا، وَالْعَادِلُ مَنْ تَكُونُ حَسَنَاتُهُ غَالِبَةً عَلَى سَيِّئَاتِهِ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ اعْتَادَ أَعْمَالًا تَخِلُّ بِالنَّامُوسِ وَالْمُرُوءَةِ كَالرَّقَّاصِ وَالْمَسْخَرَةِ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَعْرُوفِينَ بِالْكَذِبِ) . يُشْتَرَطُ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ عَادِلًا، وَيَثْبُتُ هَذَا بِدَلِيلَيْنِ: الْأَوَّلُ - قَدْ وَرَدَ فِي الْآيَةِ الْجَلِيلَةِ {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] .
الثَّانِي - لَمَّا كَانَتْ الشَّهَادَةُ خَبَرًا مُحْتَمِلَ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ، وَالْحُجَّةُ هِيَ خَبَرٌ صَادِقٌ فَيَتَرَجَّحُ بِعَدَالَةِ الشُّهُودِ طَرَفُ الصِّدْقِ (الدُّرَرُ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (١٦٨٢) أَمَّا إذَا كَانَ الشَّاهِدُ غَيْرَ عَادِلٍ فَيَكُونُ مَلْحُوظًا فِيهِ اخْتِيَارُ الْكَذِبِ. فَإِذَا كَانَ الشَّاهِدُ عَادِلًا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَلَوْ بَيَّنَ قَبْلَ الشَّهَادَةِ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَدَيْهِ عِلْمٌ بِالْمَشْهُودِ بِهِ، فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ الشَّاهِدُ: إنَّ الشَّهَادَةَ الَّتِي سَأَشْهَدُهَا لِفُلَانٍ هِيَ شَهَادَةُ زُورٍ ثُمَّ شَهِدَ لَهُ فِي دَعْوَى تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ بِأَنَّهُ حِينَمَا قَالَ هَذَا الْقَوْلَ كَانَ يَجْهَلُ الْمَشْهُودَ بِهِ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: لَيْسَ عِنْدِي شَهَادَةٌ لِفُلَانٍ فِي أَمْرٍ مَا، ثُمَّ شَهِدَ لَهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَقُولَ: إنَّهُ كَانَ عِنْدِي شَهَادَةٌ لَهُ وَقَدْ كُنْت نَسِيتُهَا. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الشَّاهِدُ: لَا أَعْلَمُ الْمَشْهُودَ بِهِ ثُمَّ شَهِدَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْغَيْرِ الْعَالِمِ عَلَى الْعَالِمِ، وَشَهَادَةُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَالِمِ كَمَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مُعَلِّمِ الصِّبْيَانِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .
وَالْعَادِلُ مَنْ تَكُونُ حَسَنَاتُهُ غَالِبَةً عَلَى سَيِّئَاتِهِ، وَهُوَ الْمُتَوَقِّي كَبَائِرَ الذُّنُوبِ وَالْغَيْرُ الْمُصِرُّ عَلَى صَغَائِرِهَا وَكَانَ صَلَاحُهُ أَكْثَرَ مِنْ فَسَادِهِ وَصَوَابُهُ أَوْفَرَ مِنْ خَطَئِهِ، وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا صَغِيرَةَ مَعَ الْإِصْرَارِ وَلَا كَبِيرَةَ مَعَ الِاسْتِغْفَارِ» يَعْنِي أَنَّ الصَّغِيرَةَ تَكُونُ كَبِيرَةً بِالْإِصْرَارِ أَيْ أَنَّ ارْتِكَابَ الصَّغِيرَةِ بِدُونِ الْإِصْرَارِ بِشَرْطِ اجْتِنَابِ الْكَبِيرَةِ لَيْسَ مَانِعًا لِلشَّهَادَةِ. وَيَكْفِي أَنْ تَغْلِبَ الْحَسَنَاتُ السَّيِّئَاتِ وَلَمْ يُشْتَرَطْ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ سَيِّئَاتٌ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute