أَعَارَا نَهَرَهُمَا مِنْ الرَّجُلِ لِيَنْتَفِعَ بِالْمَاءِ فَجَازَ الرُّجُوعُ بِالْعَارِيَّةِ (الْبَهْجَةُ) . وَلَيْسَ لِلَّذِينَ فِي أَعْلَى النَّهْرِ سَدُّ النَّهْرِ بِالْكُلِّيَّةِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ أَصْحَابِ الْأَرَاضِي السُّفْلَى وَإِنْ لَمْ تَشْرَبْ أَرَاضِيهِمْ بِدُونِهِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ حَقِّ الْغَيْرِ. أَمَّا إذَا اتَّفَقَ جَمِيعُهُمْ عَلَى ذَلِكَ أَيْ أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى إجْرَاءِ كُلِّ النَّهْرِ إلَى أَرَاضِي الَّذِينَ فِي الْأَعْلَى ثُمَّ إجْرَائِهِ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى الْأَرَاضِي السُّفْلَى جَازَ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ وَلَا يَتَعَرَّضُ فِي الْخُصُومَاتِ الَّتِي يَتَّفِقُ عَلَيْهَا الشُّرَكَاءُ.
أَمَّا إذَا قِيلَ: مَاءُ النَّهْرِ فَإِذَا لَمْ يُسَدَّ النَّهْرُ فَلَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ سَقْيَ أَرَاضِيهِ وَاتَّفَقَ الشُّرَكَاءُ عَلَى شَيْءٍ فِيهَا وَإِذَا لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى شَيْءٍ فَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ يَصِيرُ سَقْيُ الْأَرَاضِيِ الَّتِي فِي أَسْفَلِ النَّهْرِ أَوَّلًا ثُمَّ إنَّ أَهْلَ الْأَعْلَى يَسُدُّونَ كُلَّ النَّهْرِ وَيُجْرُونَ مَاءَهُ إلَى أَرَاضِيهِمْ وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ أَهْلُ الْأَسْفَلِ أُمَرَاءَ عَلَى أَهْلِ الْأَعْلَى وَيَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْأَعْلَى الْإِطَاعَةُ لِأَهْلِ الْأَسْفَلِ وَبِذَلِكَ يُدْفَعُ الضَّرَرُ الْعَامُّ وَيَحْصُلُ قَطْعُ التَّنَازُعِ وَالْخِصَامِ.
[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ]
[ (الْمَادَّةُ ١٢٧٠) الْأَرَاضِي الْمَوَاتُ هِيَ الْأَرَاضِي الَّتِي لَيْسَتْ مِلْكًا لِأَحَدٍ وَلَا هِيَ مَرْعًى وَلَا مُحْتَطَبٌ لِقَصَبَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ]
الْفَصْلُ الْخَامِسُ (فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ) ، وَتَعْرِيفُ الْإِحْيَاءِ قَدْ سَبَقَ فِي الْمَادَّةِ (١٠٥١) وَالْمَوَاتُ بِفَتْحِ الْمِيمِ بِوَزْنِ سَحَابٍ أَوْ بِضَمِّ الْمِيمِ بِوَزْنِ غُرَابٍ. وَمَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ الْحَيَوَانُ الْمَيِّتُ. وَمَعْنَاهُ الشَّرْعِيُّ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْمَعْنَى الْوَارِدِ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. وَتَسْمِيَةُ الْأَرَاضِي الْمُتَّصِفَةِ بِهَذَا الْوَصْفِ بِهِ اسْتِعَارَةٌ وَذَلِكَ أَنَّ الْحَيَوَانَ الْمَيِّتَ مُسْتَعَارٌ وَالْأَرَاضِي الْمَذْكُورَةُ مُسْتَعَارٌ لَهَا وَوَجْهُ الشَّبَهِ بُطْلَانُ الِانْتِفَاعِ فِي كِلَيْهِمَا يَعْنِي كَمَا يَفُوتُ الِانْتِفَاعُ مِنْ الْحَيَوَانِ إذَا مَاتَ تَفُوتُ وُجُوهُ الِانْتِفَاعِ مِنْ هَذِهِ الْأَرَاضِي كَالزِّرَاعَةِ وَغَرْسِ الْأَشْجَارِ وَإِنْشَاءِ الْأَبْنِيَةِ عَلَيْهَا.
الْمَادَّةُ (١٢٧٠) - (الْأَرَاضِي الْمَوَاتُ هِيَ الْأَرَاضِي الَّتِي لَيْسَتْ مِلْكًا لِأَحَدٍ وَلَا هِيَ مَرْعًى وَلَا مُحْتَطَبٌ لِقَصَبَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ، وَتَكُونُ بَعِيدَةً عَنْ أَقْصَى الْعُمْرَانِ أَيْ الَّتِي لَا يُسْمَعُ مِنْهَا صَوْتُ جَهِيرِ الصَّوْتِ مِنْ أَقْصَى الدُّورِ الَّتِي فِي طَرَفِ الْقَصَبَةِ أَوْ الْقَرْيَة) .
الْأَرَاضِي الْمَوَاتُ هِيَ الْأَرَاضِي الَّتِي لَيْسَتْ مِلْكًا لِأَحَدٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَلَا هِيَ وَقْفٌ أَوْ أَرْضٌ أَمِيرِيَّةٌ أَوْ مَرْعًى وَلَا مُحْتَطَبٌ لِقَصَبَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ أَوْ مَقْبَرَةٍ لَهَا، وَتَكُونُ بَعِيدَةً عَنْ أَقْصَى الْعُمْرَانِ وَيُفَسَّرُ أَقْصَى الْعُمْرَانِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: وَهِيَ الَّتِي لَا يُسْمَعُ مِنْهَا صَوْتُ جَهِيرِ الصَّوْتِ مِنْ أَقْصَى الدُّورِ الَّتِي فِي طَرَفِ الْقَصَبَةِ أَوْ الْقَرْيَةِ إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ الْمَذْكُورَةُ فِي جِوَارِ قَرْيَةٍ أَوْ قَصَبَةٍ وَلَيْسَ مِنْ طَرَفِ الْأَرَاضِي الْعَامِرَةِ يَعْنِي لَوْ وَقَفَ أَحَدٌ فِي طَرَفِ الْعَامِرِ وَصَاحَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ فَلَا يُسْمَعُ صَوْتُهُ وَمِقْدَارُ ذَلِكَ تَخْمِينًا مَسَافَةُ مِيلٍ وَنِصْفُ مِيلٍ أَيْ نِصْفُ سَاعَةٍ كَمَا فُسِّرَ وَقَدْ قُدِّرَ مِقْدَارُ الصَّوْتِ بِصَوْتِ الْمُؤَذِّنِ الْمُعْتَادِ لِلنَّاسِ وَأَنْ يَكُونَ بِدَرَجَةٍ لَا تُوجِبُ الْمَشَقَّةُ لِنَفَسِ الصَّائِحِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْخَانِيَّةُ وَالطُّورِيُّ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute