للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ عَرَّفَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ الْمَوَاتَ بِوُقُوفِ الصَّائِحِ فِي أَعْلَى مَحِلٍّ مِنْ طَرَفِ الْعُمْرَانِ وَلَمْ يَذْكُرْ بَعْضُهُمْ قَيْدَ " فِي أَعْلَى مَحِلٍّ " وَقَدْ قَبِلَتْ الْمَجَلَّةُ الْقَوْلَ الثَّانِي (التَّتَارْخَانِيَّة) إيضَاحُ السَّبَبِ وَالْقُيُودِ وَالشُّرُوطِ -.

وَسَبَبُ تَعْطِيلِ هَذِهِ الْأَرَاضِي عَنْ الزِّرَاعَةِ هُوَ إمَّا لِانْقِطَاعِ الْمَاءِ عَنْهَا أَوْ لِاسْتِيلَاءِ الْمَاءِ وَغَلَبَتِهِ عَلَيْهَا (الطُّورِيُّ) . وَعَلَى هَذَا الْحَالِ لَوْ كَانَتْ أَرْضٌ مَغْمُورَةٌ بِالْمِيَاهِ وَجَفَّتْ عَنْهَا بِصُورَةٍ لَا تَعُودُ الْمِيَاهُ إلَيْهَا فَتُعَدُّ هَذِهِ الْأَرْضُ مَوَاتًا إذَا لَمْ تَكُنْ حَرِيمًا لِعَامِرٍ وَالْقَصَبَةُ مُسْتَعْمَلَةٌ بِمَعْنَى الْبَلْدَةِ وَالْمَدِينَةِ الْكَبِيرَةِ إلَّا أَنَّهَا قَدْ وَرَدَتْ هُنَا بِمَعْنَى الْبَلْدَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ سَوَاءٌ كَانَتْ كَبِيرَةً أَوْ صَغِيرَةً. وَتُطْلَقُ الْقَرْيَةُ كَثِيرًا عَلَى الْمَدِينَةِ أَيْضًا إذْ أَطْلَقَ الْكِتَابُ الْكَرِيمُ الْقَرْيَتَيْنِ عَلَى مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ وَالطَّائِفِ حَيْثُ قَالَ: {عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} [الزخرف: ٣١] وَحَيْثُ إنَّهُ قَدْ ذَكَرَ الْقَرْيَةَ هُنَا مُقَابِلَ الْقَصَبَةِ فَهِيَ بِمَعْنَى الْقَرْيَةِ.

وَيُفْهَمُ مِنْ التَّعْرِيفِ وَالشَّرْحِ أَنَّهُ يَجِبُ وُجُودُ سَبْعَةِ شُرُوطٍ حَتَّى تُعَدَّ الْأَرْضُ مَوَاتًا:

١ - أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْأَرَاضِيِ غَيْرَ مِلْكٍ لِأَحَدٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يُصْرَفُ عَلَى الْكَامِلِ وَكَمَالُ ذَلِكَ كَوْنُهُ لَيْسَ مِلْكًا لِأَحَدٍ (الطُّورِيُّ) . فَعَلَيْهِ إذَا أَصْبَحَتْ مَمْلُوكَةً لِأَحَدٍ بَعْدَ اسْتِيلَاءِ الْإِسْلَامِ فَتَبْقَى مَلَكِيَّتُهَا وَلَا تَزُولُ بِتَرْكِهَا وَتَعْطِيلِهَا مُدَّةً طَوِيلَةً وَلَا تُعَدُّ هَذِهِ الْأَرْضُ مَوَاتًا لِذَلِكَ السَّبَبِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ نَقَلَ أَحَدٌ تُرَابًا مِنْ أَرْضٍ خَرِبَةٍ إلَى دَارِهِ فَيُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الْمَكَانَ الْمَذْكُورَ مِلْكٌ لِأَحَدٍ بَعْدَ اسْتِيلَاءِ الْإِسْلَامِ عَلَى الْبِلَادِ الْمَذْكُورَةِ وَلَكِنْ لَمْ يَعْلَمْ مَالِكَهَا فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ التُّرَابِ أَمَّا إذَا كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ لَهَا مَالِكًا قَبْلَ اسْتِيلَاءِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهَا أَوْ كَانَ غَيْرَ مَعْلُومٍ مَالِكُهَا فَيَجُوزُ أَخْذُ التُّرَابِ مِنْهَا. وَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا كَانَ مَالِكُ الْأَرْضِ مَعْلُومًا فَتَكُونُ لِمَالِكِهَا وَلِوَرَثَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ أَمَّا إذَا كَانَ مَالِكُهَا غَيْرَ مَعْلُومٍ فَتَكُونُ لُقَطَةً وَيَتَصَرَّفُ فِيهَا إمَامُ الْمُسْلِمِينَ كَتَصَرُّفِهِ فِي جَمِيعِ اللُّقَطَاتِ وَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا ظَهَرَ مَالِكُهَا فَتُرَدُّ إلَيْهِ، كَمَا أَنَّهُ إذَا ضَبَطَهَا أَحَدٌ بِدَاعِي أَنَّهَا مَوَاتٌ وَزَرَعَهَا وَتَرَتَّبَ نُقْصَانُ أَرْضٍ مِنْ زِرَاعَتِهَا فَيَضْمَنُ نُقْصَانَ الْأَرْضِ لِمَالِكِهَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩٠٧) .

وَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْ زِرَاعَتِهَا نُقْصَانُ أَرْضٍ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَيَكُونُ الزَّرْعُ لِلزَّارِعِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٢٤٦) . (الْخَانِيَّةُ بِزِيَادَةٍ وَأَبُو السُّعُودِ وَالطُّورِيُّ بِتَغْيِيرٍ مَا) .

وَإِذَا انْقَرَضَ أَصْحَابُ الْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ فَتَكُونُ تِلْكَ الْأَرَاضِي عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ كَالْمَوَاتِ وَتَكُونُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ لُقَطَةً (الْهِنْدِيَّةُ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ فِي الْبَابِ الثَّانِي) وَفِي قَانُونَ الْأَرَاضِي الْعُثْمَانِيِّ تَعُودُ هَذِهِ الْأَرَاضِي الْمَمْلُوكَةُ الَّتِي انْقَرَضَ أَصْحَابُهَا إلَى بَيْتِ الْمَالِ وَتَكْتَسِبُ حُكْمَ الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ.

كَذَلِكَ لَوْ اسْتَوْلَى الْبَحْرُ عَلَى أَرَاضِي أَحَدٍ فَأَصْبَحَتْ بَحْرًا ثُمَّ عَادَتْ فَأَحْيَاهَا آخَرُ فَتَكُونُ تِلْكَ الْأَرَاضِي لِمَالِكِهَا الْأَوَّلِ وَلَا تَكُونُ لِلْمُحَيِّي (الْهِنْدِيَّةُ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>