هَذَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّسَلُّمِ وَالتَّسْلِيمِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَالْجَهَالَةُ فِيهِ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْبَيْعِ وَعَلَى هَذَا إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ آخَرَ مَتَاعَهُ الَّذِي عِنْدَهُ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَكَانَ مِقْدَارُهُ غَيْرَ مَعْلُومٍ لِلْمُتَبَايِعَيْنِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) (أَنْقِرْوِيٌّ) فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَدَعُ سَبِيلًا لِلنِّزَاعِ؛ لِأَنَّ جَهَالَةَ الْمَبِيعِ تَمْنَعُ مِنْ تَسْلِيمِهِ وَتَسَلُّمِهِ وَتُؤَدِّي إلَى تَنَازُعِ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَيَصِيرُ الْعَقْدُ بِهَا غَيْرَ مُفِيدٍ وَكُلُّ عَقْدٍ يُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ فَاسِدٌ فَبَيْعُ الْمَالِ الْمَجْهُولِ الَّذِي يُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَاسِدٌ كَبَيْعِ شَاةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ مِنْ قَطِيعِ غَنَمٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٢١٢) وَقَدْ ذُكِرَ فِي مَتْنِ الْمَجَلَّةِ أَنَّ الْمَبِيعَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا لِلْمُشْتَرِي وَهَذَا التَّقْيِيدُ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَعْلُومًا لِلْبَائِعِ فَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ إنَّ أَرْضَكَ الَّتِي تَحْتَ يَدِي لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ وَقَدْ اشْتَرَيْتُهَا مِنْك بِخَمْسِينَ قِرْشًا فَقَالَ الْآخَرُ قَدْ بِعْتُكهَا فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٣٢٢) وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ حِصَّتَهُ فِي دَارِ وَكَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِمِقْدَارِ تِلْكَ الْحِصَّةِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ لَا يَعْرِفُ مِقْدَارَ حِصَّتِهِ فِيهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الْبَيْعِ غَبْنٌ وَتَضْرِيرٌ ثَبَتَ لِلْبَائِعِ خِيَارُ الْغَبْنِ وَالتَّضْرِيرِ كَمَا سَيَرِدُ فِي الْمَادَّةِ ٣٥٧
[ (الْمَادَّةُ ٢٠١) يَصِيرُ الْمَبِيعُ مَعْلُومًا بِبَيَانِ أَحْوَالِهِ وَصِفَاتِهِ]
(الْمَادَّةُ ٢٠١) يَصِيرُ الْمَبِيعُ مَعْلُومًا بِبَيَانِ أَحْوَالِهِ وَصِفَاتِهِ الَّتِي تُمَيِّزُهُ عَنْ غَيْرِهِ مَثَلًا لَوْ بَاعَهُ كَذَا مُدًّا مِنْ الْحِنْطَةِ الْحَمْرَاءِ أَوْ بَاعَهُ أَرْضًا مَعَ بَيَانِ حُدُودِهَا صَارَ الْمَبِيعُ مَعْلُومًا وَصَحَّ الْبَيْعُ.
إنَّ طُرُقَ الْعِلْمِ بِالْمَبِيعِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَبِيعِ وَمِنْ طُرُقِ الْعِلْمِ بِهِ أَوَّلًا بِالْإِشَارَةِ ثَانِيًا بِالْخَوَاصِّ الَّتِي تُمَيِّزُهُ عَنْ سِوَاهُ وَهِيَ مِقْدَارُهُ وَحُدُودُهُ وَصِفَاتُهُ ثَالِثًا مَكَانُهُ الْخَاصُّ رَابِعًا بِإِضَافَةِ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ إلَى نِصْفِهِ خَامِسًا بِبَيَانِ الْجِنْسِ عَلَى قَوْلِ
طَرِيقِ الْعِلْمِ بِالْإِشَارَةِ.
إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مُشَارًا إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا فَلَا حَاجَةَ إلَى بَيَانِ مِقْدَارِهِ وَوَصْفِهِ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ تَنْتَفِي بِالْإِشَارَةِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثَةُ مَوَاضِعَ:
الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مِنْ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ الَّتِي تُلَاقِي الْمَبِيعَ فِي الْجِنْسِ.
الثَّانِي: السَّلَمُ.
الثَّالِثُ: إذَا كَانَ رَأْسُ مَالِ الثَّمَنِ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا فَفِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ لَا تَكْفِي الْإِشَارَةُ فَيَجِبُ بَيَانُ مِقْدَارِ الْمَبِيعِ وَصِفَتِهِ فِي مُبَادَلَةِ حِنْطَةٍ بِحِنْطَةٍ لَا تَكْفِي الْإِشَارَةُ بَلْ يَجِبُ التَّسَاوِي فِي الْكَيْلِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ)
طَرِيقُ الْعِلْمِ بِبَيَانِ الصِّفَاتِ وَالْحُدُودِ.
وَتَكُونُ بِالْقَوْلِ مِثْلُ: بِعْت كَذَا كَيْلَةَ حِنْطَةٍ مِنْ الْجِنْسِ الْفُلَانِيِّ أَيْ بِذِكْرِ صِفَتِهِ وَمِقْدَارِهِ أَوْ بِعْت الْأَرْضَ الْمَحْدُودَةَ بِكَذَا وَكَذَا أَوْ بِعْتُ الْأَرْضَ فِي الْمَوْقِعِ الْفُلَانِيِّ وَاَلَّتِي هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ كَذَا ذِرَاعًا بِبَيَانِ مِقْدَارِ الْمَبِيعِ فَيَكُونُ الْمَبِيعُ مَعْلُومًا وَالْبَيْعُ صَحِيحًا ذَاتًا وَوَصْفًا (بَزَّازِيَّةٌ) وَعَلَى هَذَا إذَا ذَكَرَ مِقْدَارَ الْمُقَدَّرَاتِ وَوَصَفَهَا فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: بِعْتُك الْحِصَانَ الَّذِي اشْتَرَيْته
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute