وَأَنَا لَا أُرِيدُ فَالْبَيْعُ لَا يَنْفَسِخُ؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِ الْفَسْخِ أَوَّلًا وَثَانِيًا؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْإِقَالَةِ اتِّحَادُ الْمَجْلِسِ.
النَّوْعُ الثَّانِي مِنْ نَوْعِ قَبُولِ الْإِقَالَةِ: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ دَلَالَةً وَفِعْلًا وَيَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ مَا يَأْتِي:
أَوَّلًا: إذَا بَاعَ إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ خَمْسَ أَذْرُعٍ قُمَاشًا وَبَعْدَ أَنْ سَلَّمَهُ ذَلِكَ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: قَدْ أَقَلْت الْبَيْعَ فَخُطَّ مِنْ هَذَا الْقُمَاشِ ثَوْبًا وَبِدُونِ أَنْ يَنْبِسَ الْمُشْتَرِي بِبِنْتِ شَفَةٍ قَصَّ الْقُمَاشَ ثَوْبًا لِلْبَائِعِ فَإِنَّ الْإِقَالَةَ تَنْعَقِدُ ثَانِيًا إذَا كَانَ الْقُمَاشُ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَلَمْ يُسَلَّمْ إلَى الْمُشْتَرِي فَقَالَ لِلْبَائِعِ قَدْ أَقَلْت الْبَيْعَ فَإِذَا قَصَّ الْبَائِعُ الْقُمَاشَ ثَوْبًا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ فَالْإِقَالَةُ تَنْعَقِدُ ثَالِثًا إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ قَبْضِهِ الْمَبِيعَ: أَقَلْت الْبَيْعَ فَقَبَضَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ فَالْإِقَالَةُ تَنْعَقِدُ.
إنَّ إيجَابَ الْإِقَالَةِ يُصْبِحُ مَرْدُودًا بِالرَّدِّ وَعَلَيْهِ إذَا رَدَّ الْبَائِعُ الْإِقَالَةَ صَرَاحَةً فَالْإِيجَابُ يَبْطُلُ وَاسْتِعْمَالُ الْبَائِعِ لِلْمَبِيعِ بَعْدَ رَدِّهِ الْإِيجَابَ لَا يُعَدُّ قَبُولًا لِلْإِقَالَةِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ اسْتِعْمَالُ الْبَائِعِ لِلْمَبِيعِ يُعَدُّ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى قَبُولِهِ الْإِقَالَةَ إلَّا أَنَّ الدَّلَالَةَ دُونَ التَّصْرِيحِ فَلَا يَبْطُلُ بِهَا الرَّدُّ الَّذِي حَصَلَ بِهِ " رَدُّ الْمُحْتَارِ " (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ١٨٤) .
ثَانِيًا: تَنْعَقِدُ الْإِقَالَةُ بِالرِّسَالَةِ فَإِذَا أَرْسَلَ أَحَدُ الْمُتَابِعَيْنِ رَسُولًا إلَى الْآخَرِ لِيَبِيعَهُ الْإِقَالَةَ وَبَلَّغَهُ الرَّسُولُ إيَّاهَا وَقَبِلَ الْمُبَلَّغُ إلَيْهِ الْإِقَالَةَ فِي مَجْلِسِ التَّبْلِيغِ دُونَ أَنْ يَتَشَاغَلَ بِعَمَلٍ آخَرَ أَوْ يَأْتِيَ بِأَيِّ شَيْءٍ دَالٍّ عَلَى الْإِعْرَاضِ تَكُونُ الْإِقَالَةُ صَحِيحَةً وَعَلَيْهِ فَلَوْ ادَّعَى ذَلِكَ الشَّخْصُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ فَسَخَ الْبَيْعَ وَقَبِلَ الْإِقَالَةَ فِي مَجْلِسِ التَّبْلِيغِ فَأَنْكَرَ الطَّرَفُ الْآخَرُ حُصُولَ الْقَبُولِ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ بِالْإِقَالَةِ لَا تُصَدَّقُ دَعْوَاهُ بِدُونِ بَيِّنَةٍ " بَزَّازِيَّةٌ " كَذَلِكَ تَنْعَقِدُ الْإِقَالَةُ بِالْكِتَابِ وَالْمُكَاتَبَةِ وَتَنْعَقِدُ أَيْضًا بِالتَّعَاطِي وَبِإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ الْمَعْرُوفَةِ
[ (الْمَادَّةُ ١٩٢) الْإِقَالَةُ بِالتَّعَاطِي الْقَائِمِ مَقَامَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ]
(الْمَادَّةُ ١٩٢) :
الْإِقَالَةُ بِالتَّعَاطِي الْقَائِمِ مَقَامَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ صَحِيحَةٌ.
يَعْنِي أَنَّ الْإِقَالَةَ تَنْعَقِدُ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ بِتَرَادِّ الْبَدَلَيْنِ كَمَا أَنَّ الْبَيْعَ يَنْعَقِدُ بِتَعَاطِي الْبَدَلَيْنِ " رَدُّ الْمُحْتَارِ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ١٧٥ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِقَالَةَ بِالتَّعَاطِي تَنْعَقِدُ بِثَلَاثِ طُرُقٍ:
الْأَوَّلُ: بِتَعَاطِي الْفَرِيقَيْنِ.
مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَرُدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ لِلْبَائِعِ بِدَاعِي وُجُودِ عَيْبٍ قَدِيمٍ فِيهِ فَيَقْبَلُ الْبَائِعُ الرَّدَّ بِالرِّضَا فَيَكُونُ ذَلِكَ إقَالَةً حَتَّى لَوْ أَنَّ الْمَبِيعَ بَعْدَ ذَلِكَ تَلِفَ فِي يَدِ الْبَائِعِ لَمْ يَضْمَنْ الْمُشْتَرِي كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِلْبَائِعِ أَنْ يَطْلُبَ إعَادَةَ الْبَيْعِ بِنَاءً عَلَى تَبَيُّنِ عَدَمِ الْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ.
الطَّرِيقُ الثَّانِيَةُ: بِإِعْطَاءِ الْمُشْتَرِي فَقَطْ.
مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَطْلُبَ الْبَائِعُ إقَالَةَ الْبَيْعِ فَيَطْلُبُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ أَنْ يَرُدَّ لَهُ الثَّمَنَ فَيَكْتُبُ الْبَائِعُ سَنَدًا عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ ثُمَّ يُعْطِيَهُ الْمُشْتَرِيَ فَيَرُدُّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ لِلْبَائِعِ فَالْإِقَالَةُ مُنْعَقِدَةٌ بِهَذِهِ الطَّرِيقِ (الْخَيْرِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) وَكَذَلِكَ إذَا رَدَّ الْمُشْتَرِي صَكَّ الْعَقَارِ الْمَبِيعِ عَلَى سَبِيلِ الْإِقَالَةِ إلَى الْبَائِعِ فَأَخَذَ الصَّكَّ وَتَصَرَّفَ فِي الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ فَتَنْعَقِدُ الْإِقَالَةُ بِطَرِيقِ الْإِعْطَاءِ مِنْ جَانِبِ الْمُشْتَرِي.
الطَّرِيقُ الثَّالِثَةُ: بِإِعْطَاءِ الْبَائِعِ.
مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَتَسَلَّمَ الْمُشْتَرِي مِائَةَ كَيْلَةٍ حِنْطَةً شَرَاهَا مِنْ الْبَائِعِ ثُمَّ يَقُولَ