قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ قَدْ بِعْتُك دَارِي بِكَذَا مَبْلَغًا أَوْ أَجَّرْتُك دُكَّانِي بِكَذَا بَدَلًا، وَأَجَابَهُ بِقَوْلِهِ: نَعَمْ فَيَكُونُ ذَلِكَ قَبُولًا مِنْهُ بِالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ، وَيَكُونُ الْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ مُنْعَقِدَيْنِ، كَذَلِكَ إذَا قَالَ شَخْصٌ لِمَدِينِهِ هَلْ تُقِرُّ بِمَا فِي هَذَا السَّنَدِ وَأَجَابَ الْمَدِينُ قَائِلًا: نَعَمْ. فَيَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِجَمِيعِ مَا وَرَدَ فِي السَّنَدِ الْمَذْكُورِ، كَذَلِكَ لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: إنَّ لِي عِنْدَك عَشْرَ جُنَيْهَاتٍ فَأَوْفِنِي إيَّاهَا فَأَجَابَهُ قَائِلًا: نَعَمْ. فَيَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ الْمَبْلَغِ، وَمُكَلَّفًا بِأَدَائِهِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ، كَذَلِكَ لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِشَخْصٍ مَرِيضٍ: هَلْ أَوْصَيْتَ بِثُلُثِ مَالِكَ لِيُصْرَفَ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ.؟ وَهَلْ نَصَّبْتنِي وَصِيًّا لِتَنْفِيذِ وَصِيَّتِك هَذِهِ.؟ وَأَجَابَهُ بِكَلِمَةِ أَوْصَيْتُ أَوْ فَعَلْت، فَيَكُونُ قَدْ أَوْصَى بِذَلِكَ الْمَالِ وَنَصَّبَهُ وَصِيًّا.
[ (الْمَادَّةُ ٦٧) لَا يُنْسَبُ إلَى سَاكِتٍ قَوْلٌ لَكِنَّ السُّكُوتَ فِي مَعْرِضِ الْحَاجَة بَيَان]
يَعْنِي: أَنَّهُ لَا يُعَدُّ سَاكِتٌ أَنَّهُ قَالَ كَذَا، لَكِنَّ السُّكُوتَ فِيمَا يَلْزَمُ التَّكَلُّمَ بِهِ إقْرَارٌ وَبَيَانٌ، وَذَلِكَ كَمَا إذَا رَأَيْتَ أَحَدًا يَتَصَرَّفُ فِي شَيْءٍ تَصَرُّفَ الْمَالِكِ بِلَا إذْنٍ مِنْكَ وَسَكَتَّ بِلَا عُذْرٍ يُعَدُّ ذَلِكَ إقْرَارًا مِنْكَ بِأَنَّكَ غَيْرُ مَالِكٍ لَهُ. إنَّ الْفِقْرَةَ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ (الْأَشْبَاهِ) وَالثَّانِيَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ عِلْمِ أُصُولِ الْفِقْهِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي كِتَابِ (الْمَرْأَةِ) (وَمِنْهُ أَيْ مِنْ بَيَانِ الضَّرُورَةِ السُّكُوتُ لَدَى الْحَاجَةِ إلَى الْبَيَانِ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى كَوْنِ السُّكُوتِ بَيَانُ حَالِ الْمُتَكَلِّمِ أَيْ الَّذِي شَأْنُهُ التَّكَلُّمُ فِي الْحَادِثَةِ لَا أَنَّهُ الْمُتَكَلِّمُ بِالْفِعْلِ، فَإِنَّ السُّكُوتَ يُنَافِيهِ) فَالْأَمْثِلَةُ عَلَى الْفِقْرَةِ الْأُولَى هِيَ كَمَا يَأْتِي: إذَا بَاعَ شَخْصٌ مَالَ غَيْرِهِ عَلَى مَرْأًى وَمَسْمَعٍ مِنْهُ وَسَكَتَ عَنْ عَمَلِهِ أَيْ أَنَّهُ لَمْ يَنْهَهُ عَنْ الْبَيْعِ، فَلَا يُعَدُّ هَذَا السُّكُوتُ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ كَمَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (١٦٥٩) رِضَاءً مِنْهُ بِالْبَيْعِ، أَوْ إجَازَةً لَهُ، كَذَا إذَا أَخْبَرَ شَخْصٌ صَاحِبَ مَالٍ بِأَنَّ شَخْصًا بَاعَ ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ آخَرَ فَسَكَتَ صَاحِبُ الْمَالِ، فَلَا يُعَدُّ سُكُوتُهُ إجَازَةً لِبَيْعٍ الْفُضُولِيِّ.
كَذَلِكَ: إذَا أَتْلَفَ شَخْصٌ مَالَ آخَرَ بِحُضُورِهِ وَسَكَتَ، فَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ إذْنًا بِإِتْلَافِ الْمَالِ، كَذَا: إذَا رَأَى الْقَاضِي قَاصِرًا لَيْسَ لَهُ وَصِيٌّ يَتَعَاطَى التِّجَارَةَ وَسَكَتَ، فَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ إذْنًا مِنْهُ لِلْقَاصِرِ بِتَعَاطِي التِّجَارَةِ.
كَذَلِكَ إذَا جَمَعَ شَخْصٌ أُنَاسًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مَدِينًا لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ، وَكَانَ لِرَجُلٍ مِنْ الْحُضُورِ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ فَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الرَّجُلَ بَعْدَ وَفَاةِ الْمَشْهَدِ مِنْ الِادِّعَاءِ بِمَا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute