[الْكِتَابُ الثَّالِثُ الْكَفَالَةُ وَيَحْتَوِي عَلَى مُقَدِّمَة وَثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ]
ٍ مَشْرُوعِيَّةُ الْكَفَالَةِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ فَقَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: ٧٢] وَجَاءَ فِي السُّنَّةِ «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» أَيْ الْكَفِيلُ ضَامِنٌ (فَتْحُ الْقَدِيرِ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٦٤٣) .
لِلْكَفَالَةِ عِدَّةُ مَحَاسِنَ جَلِيلَةٍ. كَإِزَالَةِ خَوْفِ الدَّائِنِ وَآلَامِهِ مِنْ ضَيَاعِ مَالِهِ وَخَوْفِ الْمَدِينِ عَلَى نَفْسِهِ فَعَلَيْهِ لِلْكَفِيلِ بِذَلِكَ يَدٌ عَلَى الدَّائِنِ وَالْمَدِينِ مَعًا وَالْكَفَالَةُ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ تُعَدُّ مِنْ الْأَفْعَالِ الْعَالِيَةِ حَتَّى امْتَنَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا حَيْثُ قَالَ {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} [آل عمران: ٣٧] فِي قِرَاءَةِ التَّشْدِيدِ يَتَضَمَّنُ الِامْتِنَانَ عَلَى مَرْيَمَ إذْ جَعَلَ لَهَا مَنْ يَقُومُ بِمَصَالِحِهَا وَيَقُومُ بِهَا بِأَنْ أَتَاحَ لَهَا ذَلِكَ وَسُمِّيَ نَبِيًّا بِذِي الْكِفْلِ لَمَّا كَفَلَ جَمَاعَةً مِنْ الْأَنْبِيَاءِ لِمَلِكٍ أَرَادَ قَتْلَهُمْ (الشِّبْلِيُّ) .
وَمَعَ ذَلِكَ فَالِامْتِنَاعُ عَنْ الْكَفَالَةِ أَقْرَبُ لِلْحِيطَةِ وَالْحَذَرِ لِأَنَّهُ جَاءَ فِي التَّوْرَاةِ (الزَّعَامَةُ أَوَّلُهَا مَلَامَةٌ وَأَوْسَطهَا نَدَامَةٌ وَآخِرُهَا غَرَامَةٌ) . وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إنَّ الْكَفِيلَ يَكُونُ مُعَرَّضًا لِلَوْمِ النَّاسِ وَقَدْ يَلُومُ نَفْسَهُ بِنَفْسِهِ عَلَى مُجَازَفَتِهِ بِالْكَفَالَةِ وَبِمَا أَنَّهُ يَكُون مُطَالَبًا بِحَسَبِ الْكَفَالَةِ بِتَأْدِيَةِ دَيْنِ غَيْرِهِ قَدْ يَنْدَمُ لِتَطْوِيحِهِ مَالَهُ فِي سَبِيلِ غَيْرِهِ وَقَدْ يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ بِضَمَانِهِ الْمَالَ الَّذِي تَعَهَّدَ بِهِ وَنَصَبَ وَتَعِبَ فِي السَّعْيِ وَرَاءَ الْحُصُولِ عَلَى الشَّخْصِ الْمَكْفُولِ. لِأَنَّ الْغُرْمَ لُزُومُ الضَّرَرِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا} [الفرقان: ٦٥] (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute