كَذَلِكَ إذَا قَبَضَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الدَّيْنِ مَالَ الْمَدِينِ غَصْبًا أَوْ قَبَضَهُ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ وَبَاعَهُ لِآخَرَ أَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ فَالْحُكْمُ حَسَبُ الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ. لَكِنْ إذَا كَانَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ مَدِينًا لِلْمَدِينِ بِسَبَبٍ مُقَدَّمٍ عَنْ ثُبُوتِ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَحَصَلَ التَّقَاصُّ بِحِصَّتِهِ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ فَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ حِصَّتَهُ حَتَّى لَوْ ثَبَتَ هَذَا الدَّيْنُ بِمُجَرَّدِ إقْرَارِ الشَّرِيكِ الدَّائِنِ؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَ الدَّائِنَ، فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ قَاضِيًا دَيْنَهُ إذْ يُعْتَبَرُ فِي الدِّينَيْنِ أَنَّ الْآخَرَ قَضَى الْأَوَّلَ.
وَلَا يُعْتَبَرُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّ الشَّرِيكَ الدَّائِنَ قَدْ اسْتَوْفَى دَيْنَهُ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْكِفَايَةُ) . يُوجَدُ فَرْقٌ ظَاهِرٌ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ الْوَارِدَةِ إحْدَاهُمَا فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ، وَالْأُخْرَى فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْهَا. وَذَلِكَ أَنَّ بَدَلَ الضَّمَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى قَدْ وَجَبَ وَثَبَتَ فِي ذِمَّةِ الشَّرِيكِ الْمُتْلِفِ بَعْدَ ثُبُوتِ، وَوُجُوبِ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ فَيَكُونُ الْمُتْلِفُ قَدْ اسْتَوْفَى مَطْلُوبَهُ بِبَدَلِ الضَّمَانِ، أَيْ كَأَنَّهُ أَخَذَ مَطْلُوبَهُ نَقْدًا وَيَكُونُ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ حَقٌّ فِي أَخْذِ حِصَّتِهِ مِنْ الْمُتْلِفِ.
أَمَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ فَدَيْنُ الْمَدِينِ ثَابِتٌ وَوَاجِبٌ قَبْلَ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَقَدْ ثَبَتَ الدَّيْنُ الْمُشْتَرَكُ بَعْدَهُ وَبِمَا أَنَّ الدَّيْنَ الْمُتَأَخِّرَ هُوَ قَضَاءٌ عَنْ الدَّيْنِ الْمُتَقَدِّمِ فَيَكُونُ الشَّرِيكُ الْمُتْلِفُ قَاضِيًا دَيْنَهُ وَلَا يَكُونُ مُسْتَوْفِيًا لَهُ. كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِلْمَدِينِ بِدَيْنٍ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ قَبْلَ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَحَصَلَ التَّقَاصُّ بِالْمُقِرِّ بِهِ بِالدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَبَرِئَ الْمَدِينُ مِنْ الْحِصَّةِ الْمُقِرِّ بِهَا فَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ أَنْ يُضَمِّنَهُ حِصَّتَهُ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ هِيَ قَضَاءٌ لِلدَّيْنِ وَلَيْسَ اقْتِضَاءً وَقَبْضًا لَهُ إذْ إنَّ الضَّمَانَ وَالْمُشَارَكَةَ تَلْزَمُ بِالِاقْتِضَاءِ وَالْقَبْضِ وَلَا تَلْزَمُ بِالْقَضَاءِ (أَبُو السُّعُودِ وَالْهِنْدِيَّةُ) كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١ ١ ١) .
وَذَكَرَ (بِحِصَّتِهِ) بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ يُفِيدُ الْعُمُومَ فِي صُورَتَيْ حُصُولِ التَّقَاصِّ لِكُلِّ الْحِصَّةِ، وَفِي بَعْضِهَا وَذَلِكَ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ الْمُشْتَرَكُ خَمْسِينَ دِينَارًا وَكَانَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مَدِينًا لِلْمَدِينِ بِالدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَوَقَعَ التَّقَاصُّ فِي الْعَشَرَةِ الدَّنَانِيرِ فَلَيْسَ لِلدَّائِنِ الْآخَرِ أَنْ يُضَمِّنَ شَرِيكَهُ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ وَفِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ خَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا مِنْ الْأَرْبَعِينَ دِينَارًا الْبَاقِيَةِ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ لِلشَّرِيكِ الْمُقَاصِّ وَالْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ دِينَارًا لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ. .
[الْمَادَّةُ (٢ ١ ١ ١) لَيْسَ لِأَحَدِ الدَّائِنَيْنِ أَنْ يُؤَجِّلَ وَيُؤَخِّرَ الدَّيْنَ الْمُشْتَرَكَ بِلَا إذْنِ الْآخَرِ]
الْمَادَّةُ (٢ ١ ١ ١) - (لَيْسَ لِأَحَدِ الدَّائِنَيْنِ أَنْ يُؤَجِّلَ وَيُؤَخِّرَ الدَّيْنَ الْمُشْتَرَكَ بِلَا إذْنِ الْآخَرِ) لَيْسَ لِأَحَدِ الدَّائِنَيْنِ أَنْ يُؤَجِّلَ وَيُؤَخِّرَ الدَّيْنَ الْمُشْتَرَكَ الَّذِي لَمْ يَتَرَتَّبْ بِقَصْدٍ مِنْ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَصِحُّ هَذَا التَّأْجِيلُ لَا فِي حِصَّةِ نَفْسِهِ وَلَا فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ، حَتَّى أَنَّهُ لَوْ قَبَضَ الدَّائِنُ الْآخَرُ مِقْدَارًا مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ فَلِلدَّائِنِ الْمُؤَجَّلِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي الْحَالِ وَلَا يَلْزَمُ تَأْخِيرُ قَبْضِ حِصَّتِهِ مِنْ شَرِيكِهِ لِحِينِ حُلُولِ الْأَجَلِ بِدَاعِي أَنَّ التَّأْجِيلَ الْوَاقِعَ صَحِيحٌ. وَيُسْتَفَادُ مِنْ إطْلَاقِ عَدَمِ التَّأْجِيلِ عَدَمُ جَوَازِ تَأْجِيلِ كُلِّ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَعَدَمُ جَوَازِ تَأْجِيلِ حِصَّةِ الشَّرِيكِ الْمُؤَجَّلِ إذْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّلَ كُلَّ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ لِأَنَّ هَذَا التَّأْجِيلَ غَيْرُ جَائِزٍ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي حَقِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute