[الْمُقَدِّمَةُ فِي بَيَانِ الِاصْطِلَاحَات الْفِقْهِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ فِي الْهِبَةِ]
الْمُقَدِّمَةُ فِي بَيَانِ الْإِصْلَاحَاتِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ فِي الْهِبَةِ (الْمَادَّةُ ٨٣٣) - (الْهِبَةُ هِيَ تَمْلِيكُ مَالٍ لِآخَرَ بِلَا عِوَضٍ وَيُقَالُ لِفَاعِلِهِ: وَاهِبٌ، وَلِذَلِكَ الْمَالُ مَوْهُوبٌ وَلِمَنْ قَبِلَهُ مَوْهُوبٌ لَهُ وَالِاتِّهَابُ بِمَعْنَى قَبُولِ الْهِبَةِ أَيْضًا) . الْهِبَةُ: فِي اللُّغَةِ هُوَ التَّفَضُّلُ وَالْإِحْسَانُ بِشَيْءٍ يَنْتَفِعُ بِهِ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَيْ الْمُعْطَى لَهُ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ مَالًا كَهِبَةِ شَخْصٍ لِآخَرَ فَرَسًا أَمْ غَيْرَ مَالٍ كَقَوْلِ الْإِنْسَانِ لِآخَرَ: لِيَهَبَ اللَّهُ لَك وَلَدَك، مَعَ أَنَّ وَلَدَ ذَلِكَ الشَّخْصِ حُرٌّ لَيْسَ بِمَالٍ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا} [مريم: ٥] وَقَدْ وَرَدَ أَيْضًا {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ} [الشورى: ٤٩] (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . فَعَلَى ذَلِكَ فَنَقْلُ الْهِبَةِ عَنْ مَعْنَاهَا اللُّغَوِيِّ إلَى مَعْنَاهَا الِاصْطِلَاحِيِّ هُوَ نَقْلُ الِاسْمِ الْعَامِّ إلَى الْخَاصِّ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ بِالْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيِّ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الْمَالِ، وَجَمْعُ الْهِبَةِ: هِبَاتٌ وَمَوَاهِبُ (الْفَتْحُ) وَالْهِبَةُ بِاصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ هِيَ تَمْلِيكُ مَالٍ لِآخَرَ بِلَا عِوَضٍ وَيُسَمَّى الْمُمَلِّكُ وَاهِبًا وَيُسَمَّى ذَلِكَ الْمَالُ مَوْهُوبًا وَيُسَمَّى الشَّخْصُ الَّذِي يَقْبَلُ ذَلِكَ التَّمْلِيكَ مَوْهُوبًا لَهُ كَمَا أَنَّ الِاتِّهَابَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ التَّاءِ هُوَ بِمَعْنَى قَبُولِ الْهِبَةِ كَمَا أَنَّ الِاسْتِيهَابَ هُوَ بِمَعْنَى طَلَبِ الْهِبَةِ (الْكِفَايَةُ وَالْفَتْحُ) وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا التَّعْرِيفِ أَنَّ الْهِبَةَ عِبَارَةٌ عَنْ التَّمْلِيكِ إلَّا أَنَّهُ يُطْلِقُ أَحْيَانًا كَلِمَةَ هِبَةٍ بِمَعْنَى الْمَوْهُوبِ وَأَنَّ الْهِبَةَ الْوَارِدَةَ فِي عِنْوَانِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي هِيَ بِمَعْنَى الْمَوْهُوبِ وَيُطْلِقُ أَيْضًا عَلَى الْمَالِ الْمَوْهُوبِ لَفْظَةَ مُوهَبَةٍ (الْفَتْحُ) .
وَيَدْخُلُ فِي تَعْرِيفِ الْهِبَةِ الْمُتَقَدِّمِ الْهَدِيَّةُ وَالصَّدَقَةُ وَإِنَّ تَعْرِيفَ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ لَا يُوجَبُ خُرُوجُهُمَا مِنْ الْهِبَةِ.
إيضَاحُ الْقُيُودِ: - (التَّمْلِيكُ) إنَّ تَقْيِيدَ التَّمْلِيكِ بِقَيْدٍ بِلَا عِوَضٍ هُوَ مَرْبُوطٌ بِالتَّمْلِيكِ وَمُؤَخَّرٌ عَنْهُ فِي الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ تَعْرِيفَهُ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ تَمْلِيكِهِ الْمَالَ بِلَا عِوَضٍ وَعَلَى ذَلِكَ يَكُونُ لَفْظُ التَّمْلِيكِ الْجُزْءَ الْأَوَّلَ الْمَعْنَوِيَّ لِلتَّعْرِيفِ وَهُوَ بِمَثَابَةِ جِنْسِهِ وَيَكُونُ مِنْ وَجْهٍ قَيْدًا مُدْخِلًا فَيَدْخُلُ فِيهِ التَّمْلِيكَاتُ الْأُخْرَى كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ وَيَكُونُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ قَيْدًا مُخْرِجًا وَيُخَرِّجُ ذَلِكَ اللَّفْظُ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ مِنْ التَّعْرِيفِ وَهِيَ: ١ - فَرَاغُ الْمُسْتَغَلَّاتِ الْوَقْفِيَّةِ وَالْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ مَجَّانًا فَتَخْرُجُ مِنْ التَّعْرِيفِ عَلَى رَأْيِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْفَرَاغَ هُوَ نُزُولٌ عَنْ الْحَقِّ الْعَادِي الْمُجَرَّدِ.
٢ - بِمَا أَنَّ كَلِمَةَ التَّمْلِيكِ تُفِيدُ التَّمْلِيكَ حَالًّا فَيَخْرُجُ بِهَذَا الْقَيْدِ أَيْضًا الْوَصِيَّةُ.
٣ - يَخْرُجُ بِلَفْظِ التَّمْلِيكِ هِبَةُ الدَّيْنِ لِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ الْوَارِدُ ذِكْرُهَا فِي الْمَادَّةِ (٨٧٣) فَيَجِبُ خُرُوجُهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute