الطَّرَفَيْنِ بَيِّنَةَ تَوَاتُرٍ فَيُوَفَّقُ عَلَى الْأُصُولِ الْمُبَيَّنَةِ فِي تَرْجِيحِ الْبَيِّنَةِ الْعَادِيَّةِ الْوَارِدَةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْبَابِ الرَّابِعِ.
مَثَلًا إذَا ادَّعَى مُتَوَلِّي وَقْفٍ أَنَّ الْأَرَاضِيَ الْوَاقِعَةَ فِي مَحَلٍّ هِيَ مِنْ أَرَاضِي الْوَقْفِ، وَادَّعَى صَاحِبُ الْأَرْضِ أَنَّهَا مِنْ الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ وَأَرَادَ كُلٌّ مِنْهُمَا إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى مُدَّعَاهُ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْجِهَةِ تَكُونُ الشُّهْرَةُ الشَّائِعَةُ فِي جَانِبِهَا، ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ تُوجَدُ شُهْرَةٌ شَائِعَةٌ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْأَرَاضِيَ أَرَاضِي وَقْفٍ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُتَوَلِّي، وَبِالْعَكْسِ إذَا كَانَتْ الشُّهْرَةُ الشَّائِعَةُ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْأَرَاضِيَ أَرَاضٍ أَمِيرِيَّةٌ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْأَرْضِ، أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ شُهْرَةٌ شَائِعَةٌ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَيُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ وَضْعُ الْيَدِ عَلَى تِلْكَ الْأَرَاضِي هُوَ مِنْ جِهَةِ الْوَقْفِ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْأَرْضِ، وَإِذَا كَانَ وَضْعُ الْيَدِ فِي طَرَفِ بَيْتِ الْمَالِ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُتَوَلِّي الْخَارِجِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٧٥٧) .
سُؤَالٌ - إنَّ التَّوَاتُرَ يَحْصُلُ بِالْآحَادِ فَيُحْتَمَلُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْآحَادِ الْكَذِبُ فَلِذَلِكَ لَا يَكُونُ خَبَرُهُمْ مُفِيدًا عِلْمَ الْيَقِينِ؛ لِأَنَّ الْمَجْمُوعَ هُوَ نَفْسُ الْآحَادِ وَجَوَازُ كَذِبِ الْآحَادِ يُوجِبُ جَوَازَ كَذِبِ الْمَجْمُوعِ؛ لِأَنَّ خَبَرَ كُلِّ وَاحِدٍ مُحْتَمَلُ الْكَذِبِ وَبِضَمِّ الْمُحْتَمَلِ إلَى الْمُحْتَمَلِ يَزْدَادُ الِاحْتِمَالُ؟
الْجَوَابُ - إنَّ حُكْمَ الْمَجْمُوعِ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ الْآحَادِ، إذْ يَحْصُلُ مِنْ الْجَمْعِ أَمْرٌ لَا يَحْصُلُ مِنْ الْوَاحِدِ كَالْجُنُودِ إذْ أَنَّ فِرْقَةً عَسْكَرِيَّةً تَسْتَطِيعُ افْتِتَاحَ مَدِينَةٍ، أَمَّا أُولَئِكَ الْجُنُودُ فَإِذَا كَانُوا اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً فَلَا يَسْتَطِيعُونَ فَتْحَهَا كَمَا أَنَّ عَشَرَةً مِنْ الْعُمَّالِ يَسْتَطِيعُونَ حَمْلَ حُمُولَةٍ وَزْنُهَا مِائَةُ أُقَّةٍ، أَمَّا اثْنَانِ مِنْهُمْ أَوْ أَرْبَعَةٌ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ حَمْلَ ذَلِكَ، وَمَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ سَحْبُ السَّفِينَةِ بِحِبَالٍ فَلَا يُمْكِنُ سَحْبُ أَصْغَرِ زَوْرَقٍ بِالْخِيطَانِ الَّتِي تَتَشَكَّلُ مِنْهَا الْحِبَالُ (شَرْحُ الْمَنَارِ وَالتَّلْوِيحُ بِزِيَادَةٍ) .
[ (الْمَادَّةُ ١٧٣٤) كَمَا لَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ فِي التَّوَاتُرِ كَذَلِكَ لَا تُتَحَرَّى الْعَدَالَةُ]
الْمَادَّةُ (١٧٣٤) - (كَمَا لَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ فِي التَّوَاتُرِ كَذَلِكَ لَا تُتَحَرَّى الْعَدَالَةُ بِنَاءً عَلَيْهِ لَا حَاجَةَ إلَى تَزْكِيَةِ الْمُخْبِرِينَ) .
فَلِذَلِكَ إذَا طَعَنَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ الْمُخْبِرِينَ بِالْفِسْقِ وَعَدَمِ الْعَدَالَةِ فَلَا يُعْتَبَرُ طَعْنُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُخْبِرُونَ مُسْلِمِينَ أَوْ غَيْرَ مُسْلِمِينَ حَتَّى لَوْ أَنَّ جَمْعًا غَيْرَ مَحْصُورٍ مِنْ رَعَايَا دَوْلَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ أَخْبَرُوا عَنْ وَفَاةِ مَلِيكِهِمْ فَيَحْصُلُ لَنَا عِلْمُ يَقِينٍ بِذَلِكَ (التَّلْوِيحُ) سَوَاءٌ أَكَانَ أُولَئِكَ الْمُخْبِرُونَ عُدُولًا أَمْ فُسَّاقًا. إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُخْبِرُونَ عُدُولًا فَيَحْصُلُ عِلْمُ الْيَقِينِ بِعَدَدٍ قَلِيلٍ مِنْهُمْ أَمَّا إذَا كَانُوا فُسَّاقًا فَيَجِبُ عَدَدٌ كَثِيرٌ لِحُصُولِ الْعِلْمِ (كَشْفُ الْأَسْرَارِ) .
[ (الْمَادَّةُ ١٧٣٥) لَيْسَ فِي التَّوَاتُرِ عَدَدٌ مُعَيَّنٌ لِلْمُخْبِرِينَ وَلَكِنْ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونُوا جَمًّا غَفِيرًا]
الْمَادَّةُ (١٧٣٥) - (لَيْسَ فِي التَّوَاتُرِ عَدَدٌ مُعَيَّنٌ لِلْمُخْبِرِينَ وَلَكِنْ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونُوا جَمًّا غَفِيرًا لَا يُجَوِّزُ الْعَقْلُ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى الْكَذِبِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute