[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي إقَالَةِ الْبَيْعِ]
(الْمَادَّةُ ١٩٠) :
لِلْعَاقِدَيْنِ أَنْ يَتَقَايَلَا الْبَيْعَ بِرِضَاهُمَا.
إنَّ جَوَازَ الْإِقَالَةِ ثَابِتٌ بِالنَّقْلِ وَالْعَقْلِ فَمِنْ النَّقْلِ مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «مَنْ أَقَالَ نَادِمًا بَيْعَتَهُ أَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَثَرَاتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَالْعَقْلُ يَقْضِي بِأَنَّ مِنْ حَقِّ الطَّرَفَيْنِ أَنْ يَرْفَعَا الْعَقْدَ تَبَعًا لِلْمَصْلَحَةِ " مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ " لِلْمُتَبَايِعَيْنِ أَنْ يَتَقَايَلَا الْبَيْعَ فِي الْمَبِيعِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ.
مِثَالُ الْأَوَّلِ: إذَا بَاعَ إنْسَانٌ مَالًا مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَ الْبَائِعُ الْمَالَ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ قَالَ لِلْمُشْتَرِي: أَقَلْت الْبَيْعَ، فَقَالَ الْمُشْتَرِي: قَبِلْت فَتَكُونُ الْإِقَالَةُ هَهُنَا فِي كُلِّ الْمَبِيعِ وَيَرْجِعُ إلَى مِلْكِ الْبَائِعِ.
وَمِثَالُ الثَّانِي إذَا بَاعَ إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ خَمْسَ عَشْرَةَ كَيْلَةً حِنْطَةً، وَقَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي إمَّا أَنْ تَدْفَعَ لِي الثَّمَنَ أَوْ تَرُدَّ لِي الْحِنْطَةَ فَلَوْ رَدَّ الْمُشْتَرِي خَمْسَ كَيْلَاتٍ فَقَدْ وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ فِي الْخَمْسِ الْكَيْلَاتِ بِالتَّعَاطِي (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٢٧٥) .
وَيُفْهَمُ مِنْ قَيْدِ الرِّضَاءِ أَنَّ رِضَاءَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي الْإِقَالَةِ شَرْطٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي رَفْعِ الْعَقْدِ اللَّازِمِ أَمَّا رَفْعُ الْعَقْدِ غَيْرِ اللَّازِمِ فَعَائِدٌ إلَى صَاحِبِ الْخِيَارِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ رِضَا الْآخَرِ بَلْ يَكْفِي عِلْمُهُ (أَبُو السُّعُودِ) وَلَا يُقَالُ لِرَفْعِ هَذَا الْعَقْدِ إقَالَةٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ١٦٣)
[ (الْمَادَّةُ ١٩١) الْإِقَالَةُ كَالْبَيْعِ تَكُونُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ]
(الْمَادَّةُ ١٩١) الْإِقَالَةُ كَالْبَيْعِ تَكُونُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ: أَقَلْت الْبَيْعَ أَوْ فَسَخْته وَقَالَ الْآخَرُ: قَبِلْت، أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: أَقِلْنِي الْبَيْعَ فَقَالَ الْآخَرُ: قَدْ فَعَلْت صَحَّتْ الْإِقَالَةُ وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ.
تَنْعَقِدُ الْإِقَالَةُ فِي خَمْسِ صُوَرٍ:
الْأُولَى: الْمَذْكُورَةُ فِي مَتْنِ الْمَجَلَّةِ وَهِيَ الِانْعِقَادُ فِي الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَيُسْتَعْمَلُ فِي الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ صِيغَةُ الْمَاضِي فِي الْأَكْثَرِ مَعَ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَنْعَقِدُ لِصِيغَةِ الْأَمْرِ فَإِنَّ الْإِقَالَةَ تَنْعَقِدُ بِهَا مِنْ أَحَدِ الْمُتَقَايِلَيْنِ وَصِيغَةِ الْمَاضِي مِنْ الْآخَرِ كَمَا أَفْتَى الشَّيْخَانِ وَخَالَفَهُمَا فِي ذَلِكَ مُحَمَّدٌ وَالسَّبَبُ فِي جَوَازِ انْعِقَادِ الْإِقَالَةِ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ وَامْتِنَاعِهِ فِي الْبَيْعِ أَنَّ صِيغَةَ الْأَمْرِ فِي الْبَيْعِ تُحْمَلُ عَلَى الْمُسَاوَمَةِ فَلَا تَدُلُّ عَلَى التَّحْقِيقِ وَلَا تَكْفِي لِانْعِقَادِ الْبَيْعِ، أَمَّا الْإِقَالَةُ فَتَقَعُ بَعْدَ النَّظَرِ وَالتَّأَمُّلِ فِي الْأَمْرِ وَلَيْسَ فِيهَا مُسَاوَمَةٌ فَصِيغَةُ الْأَمْرِ فِيهَا تُحْمَلُ عَلَى التَّحْقِيقِ وَقَبُولُ الْإِقَالَةِ يَكُونُ عَلَى