للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالسَّعْيُ وَالْعَمَلُ مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ، وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا التَّعْبِيرِ أَنَّ حَقِيقَةَ وَمَاهِيَّةَ هَذِهِ الْمُضَارَبَةِ عِبَارَةٌ عَنْ مَجْمُوعِ الْعَقْدِ وَالْعَمَلِ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ مِنْ أَنَّ رُكْنَ الْمُضَارَبَةِ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ، وَيُسْتَفَادُ مِنْ حُصُولِ الْعَمَلِ مِنْ قِبَلِ الْمُضَارِبِ أَنَّهُ لَوْ شُرِطَ عَمَلُ رَبِّ الْمَالِ مَعَ الْمُضَارِبِ تَفْسُدُ الْمُضَارَبَةُ؛ لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ يُخِلُّ بِتَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ.

اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٤١٠) سَوَاءٌ كَانَ رَبُّ الْمَالِ الْمَشْرُوطِ عَمَلُهُ عَاقِدًا أَوْ غَيْرَ عَاقِدٍ كَالصَّغِيرِ وَالْمَعْتُوهِ (الْبَحْرُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . كَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَنَانًا مِقْدَارًا مِنْ رَأْسِ مَالِ الشَّرِكَةِ إلَى آخَرَ مُضَارَبَةً وَشَرَطَ عَمَلَ الشَّرِيكِ مَعَ الْمُضَارِبِ تَفْسُدُ الْمُضَارَبَةُ (الْبَحْرُ) ٣ - فِي الرِّبْحِ، أَمَّا إذَا شُرِطَ تَمَامُ الرِّبْحِ لِأَحَدِهِمَا فَلَا يَكُونُ هَذَا الْعَقْدُ مُضَارَبَةً، فَإِذَا شُرِطَ كُلُّ الرِّبْحِ لِلْمُضَارِبِ فَيَكُونُ الْعَقْدُ قَرْضًا وَالْمُضَارِبُ مُسْتَقْرِضًا لِقِلَّةِ ضَرَرِ الْقَرْضِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْهِبَةِ فَجُعِلَ قَرْضًا وَلَمْ يُجْعَلْ هِبَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ أَدْنَى التَّبَرُّعِ؛ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ الْحَقَّ عَنْ الْعَيْنِ دُونَ الْبَدَلِ، وَالْهِبَةُ تَقْطَعُهُ عَنْهُمَا، فَكَانَ أَوْلَى لِكَوْنِهِ أَقَلَّ ضَرَرًا؛ وَلِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْمُضَارِبِ لِكُلِّ الرِّبْحِ يَحْصُلُ بِكَوْنِ رَأْسِ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ فَرْعٌ لِلْمَالِ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَمُقْتَضَى شَرْطِ كُلِّ الرِّبْحِ لِلْمُضَارِبِ يُوجِبُ تَمْلِيكَ رَأْسِ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ كَمَا أَنَّهُ إذَا شُرِطَ كُلُّ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ كَانَ الْمُضَارِبُ مُسْتَبْضَعًا فَلَيْسَ لَهُ رِبْحٌ وَلَا أُجْرَةٌ كَمَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ مَسْئُولًا عِنْدَ هَلَاكِ الْمَالِ (الْبَحْرُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنَّهُ يُقْتَضَى فِي الْمُضَارَبَةِ أَنْ يَكُونَ الِاشْتِرَاكُ فِي الرِّبْحِ، فَلِذَلِكَ إذَا شُرِطَ لِلْمُضَارِبِ شَيْءٌ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ مِقْدَارٌ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَمِقْدَارٌ مِنْ الرِّبْحِ تَفْسُدُ الْمُضَارَبَةُ (الْبَحْرُ وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى) وَتَخْرُجُ بِتَعْبِيرِ (فِي الرِّبْحِ) الْمُضَارَبَةُ الْفَاسِدَةُ حَيْثُ لَا يَكُونُ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ اشْتِرَاكٌ فِي الرِّبْحِ وَيَكُونُ كُلُّ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ، وَلَكِنْ تَنْقَلِبُ الْمُضَارَبَةُ الْفَاسِدَةُ فِي هَذَا الْحَالِ لِلْإِجَارَةِ وَلَا يَكُونُ خُرُوجُهَا مِنْ التَّعْرِيفِ مُضِرًّا بِهَا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَيُدْعَى صَاحِبُ الْمَالِ رَبَّ الْمَالِ وَالْعَامِلُ مُضَارِبًا بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ، وَلَفْظُ (رَبُّ) تَأْتِي بِمَعْنَى مَالِكٍ وَمُصْلِحٍ وَسَيِّدٍ وَمَعْبُودٍ، لَكِنَّ مَعْنَاهَا هُنَا الْمَالِكُ، وَإِذَا قِيلَ الرَّبُّ مُعَرَّفًا بِاللَّامِ فَيُطْلَقُ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (الْكُلِّيَّاتُ)

[ (الْمَادَّةُ ١٤٠٥) رُكْنُ الْمُضَارَبَةِ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ]

الْمَادَّةُ (١٤٠٥) - (رُكْنُ الْمُضَارَبَةِ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ، مَثَلًا إذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ: خُذْ رَأْسَ الْمَالِ هَذَا مُضَارَبَةً وَاسْعَ وَاعْمَلْ عَلَى أَنْ يُقْسَمَ رِبْحُهُ بَيْنَنَا مُنَاصَفَةً أَوْ ثُلُثَيْنِ وَثُلُثًا. أَوْ قَالَ قَوْلًا يُفِيدُ مَعْنَى الْمُضَارَبَةِ كَقَوْلِهِ: خُذْ هَذِهِ النُّقُودَ وَاجْعَلْهَا رَأْسَ مَالٍ وَالرِّبْحُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَنَا عَلَى نِسْبَةِ كَذَا، وَقَبِلَ الْمُضَارِبُ، تَنْعَقِدُ الْمُضَارَبَةُ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>