[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي حَقِّ الْمُعَامَلَاتِ الجوارية]
إنَّ الْمَسَائِلَ الَّتِي بَيَّنَتْهَا الْمَجَلَّةُ فِي هَذَا الْفَصْلِ قَدْ وَرَدَ ذِكْرُهَا فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ تَحْتَ عِنْوَانِ (كِتَابُ الْحِيطَانِ) ، و (بَابُ فِيمَا يُمْنَعُ عَنْهُ الْإِنْسَانُ وَمَا لَا) تَحْتَ عِنْوَانِ (مَسَائِلُ شَتَّى فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ) .
الْمَادَّةُ (١١٩٨) - (لِكُلِّ أَحَدٍ التَّعَلِّي عَلَى حَائِطِهِ الْمِلْكِ بِقَدْرِ مَا يُرِيدُ وَأَنْ يَعْمَلَ أَيَّ شَيْءٍ أَرَادَهُ وَلَيْسَ لِجَارِهِ مَنْعُهُ مَا لَمْ يَكُنْ ضَرَرٌ فَاحِشٌ) .
لِكُلِّ أَحَدٍ التَّعَلِّي عَلَى الْحَائِطِ الْمَمْلُوكِ لَهُ مُسْتَقِلًّا بِقَدْرِ مَا يَشَاءُ وَأَنْ يَعْمَلَ أَيَّ شَيْءٍ أَرَادَهُ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (١١٩٢ و ١١٩٤) . .
يَعْنِي لَهُ أَنْ يَفْتَحَ نَافِذَةً فِي الْحَائِطِ وَلَوْ كَانَتْ الْجِهَةُ الْأُخْرَى مِنْ ذَلِكَ الْحَائِطِ أَيْ الْمَحِلِّ الَّذِي تُطِلُّ عَلَيْهِ النَّافِذَةُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لِصَاحِبِ الْحَائِطِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ تَصَرَّفَ أَحَدٌ فِي مِلْكِهِ وَحَائِطِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَفَتَحَ فِيهِ بَابًا وَشِبَاكًا فَمَانَعَهُ جَارُهُ مِنْ ذَلِكَ فَأَعْطَى جَارَهُ نُقُودًا وَتَصَالَحَ مَعَهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَعَرَّضُ لِلْبَابِ وَالشِّبَاكِ اللَّذَيْنِ فَتَحَهُمَا فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ لِأَنَّ أَخْذَ الْجَارِ الْمَذْكُورِ النُّقُودَ كَانَ مُقَابِلَ الْكَفِّ عَنْ مَنْعِ الْجَارِ مِنْ الِانْتِفَاعِ فِي مَالِهِ فَأَصْبَحَ بَدَلُ الصُّلْحِ مَأْخُوذًا مُقَابِلَ الْكَفِّ عَنْ الْبَاطِلِ مَعَ أَنَّ الْكَفَّ عَنْ الْبَاطِلِ وَاجِبٌ وَلَازِمٌ بِلَا بَدَلٍ.
كَذَلِكَ لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ مِنْ جَارِهِ بَدَلَ صُلْحٍ عَلَى أَنْ لَا يَفْتَحَ نَافِذَةً أَوْ عَلَى أَنْ يَسُدَّ النَّافِذَةَ الَّتِي فَتَحَهَا فَالصُّلْحُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ إعْطَاءَ الْجَارِ نُقُودًا لِلْآخَرِ هُوَ لِلِامْتِنَاعِ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ (الْخَانِيَّةُ) .
وَعَلَى ذَلِكَ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ السَّاحَةِ أَنْ يَمْنَعَ فَتْحَ الْكَوَّةِ إلَّا أَنَّهُ لِصَاحِبِ السَّاحَةِ أَيْضًا أَنْ يَبْنِيَ فِي سَاحَتِهِ حَائِطًا يَسُدُّ بِهَا الْكَوَّةَ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْكَوَّةِ مَنْعُهُ (فَتْحُ الْقَدِيرِ) .
كَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَاءُ دَارِ أَحَدٍ يَسِيلُ مِنْ الْقَدِيمِ عَلَى سَطْحِ دَارِ جَارِهِ الْوَاطِئِ فَأَرَادَ الْجَارُ إعْلَاءَ سَطْحِهِ أَوْ بِنَاءَ طَابَقٍ فَوْقَ فَلَهُ ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُخِلَّ ذَلِكَ بِمَجْرَى مِيَاهِ جَارِهِ وَلَيْسَ لِجَارِهِ مَنْعُهُ مِنْ الْإِعْلَاءِ (التَّنْقِيحُ) .
وَلَيْسَ لِجَارِهِ مَنْعُهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الضَّرَرُ الْفَاحِشُ الْمُبَيَّنُ فِي الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١١٩٧) . .
فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِلْجَارِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ تَعْلِيَةِ جِدَارِهِ بِدَاعِي أَنَّ تَعْلِيَةَ الْجِدَارِ تَمْنَعُ نَظَّارَةَ دَارِهِ أَوْ يَمْنَعُ دُخُولَ الشَّمْسِ إلَى دَارِهِ أَوْ يَمْنَعُ جَرَيَانَ الْهَوَاءِ فِيهَا كَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِاثْنَيْنِ دَارَانِ تَحْتَ سَقْفٍ وَاحِدٍ مِنْ الْقَدِيمِ وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا نَقْضَ السَّقْفِ وَبِنَاءَ سَقْفٍ مُسْتَقِلٍّ لِدَارِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ أَيْ أَنَّ لِلْآخِرِ مَنْعَهُ.
أَمَّا إذَا كَانَ لِلدَّارَيْنِ سَقْفَانِ فِي السَّابِقِ أَيْ لِكُلِّ دَارٍ سَقْفٌ عَلَى حِدَةٍ فَلَيْسَ لِلْآخَرِ مَنْعُهُ. أَمَّا إذَا اُخْتُلِفَتْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْقِدَمِ وَالْحُدُوثِ فَبَيِّنَةُ الْقِدَمِ أَوْلَى. وَ