للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إيَّاهَا وَأَنْفَقُوا هُمْ بِأَنْفُسِهِمْ فَالْحُكْمُ وَاحِدٌ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِ الرُّجُوعِ.

إيضَاحُ الصَّرْفِ بِأَمْرِهِ: إذَا ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ بِأَنَّهُ صَرَفَ تِلْكَ النُّقُودِ بِأَمْرِ الْمُودِعِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذُكِرَ فِي شَرْحِ هَذِهِ الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ وَأَنْكَرَ الْمُودِعُ الْأَمْرَ فَإِنْ أَثْبَتَ فَبِهَا. وَإِنْ لَمْ يَقْتَدِرْ عَلَى الْإِثْبَاتِ يَحْلِفُ الْمُودِعُ بِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ فَإِنْ نَكِلَ عَنْ الْيَمِينِ ثَبَتَ أَمْرُ الْمُسْتَوْدَعِ وَإِنْ حَلَفَ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ.

وَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَدَّعِي فِيهَا الْمُسْتَوْدَعُ بِأَنَّهُ تَصَدَّقَ الْوَدِيعَةِ بِأَمْرِ الْمُودِعِ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ أَنَّهُ وَهَبَهَا لِفُلَانٍ.

وَإِذَا صَرَفَ الْمُسْتَوْدَعُ بِلَا أَمْرٍ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ وَأَجَازَ صَاحِبُ الْمَالِ أَيْ الْمُودِعُ ذَلِكَ فَحَيْثُ إنَّ الْإِجَازَةَ الْمَذْكُورَةَ تَتَضَمَّنُ مَعْنَى الْإِبْرَاءِ مِنْ الضَّمَانِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ إذْ ذَاكَ أَلْبَتَّةَ.

الْحُكْمُ فِيمَا لَوْ صَرَفَ الْمُسْتَوْدَعُ وَكَانَ اسْتِحْصَالُ أَمْرِ الْحَاكِمِ غَيْرَ مُمْكِنٍ: ذَكَرَتْ الْمَجَلَّةُ لُزُومَ الضَّمَانِ عَلَى تَقْدِيرِ الصَّرْفِ بِلَا أَمْرٍ هَذَا إذَا كَانَ اسْتِحْصَالُ الْأَمْرِ مُمْكِنًا وَلَمْ يُسْتَحْصَلْ عَلَيْهِ كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ شَرْحًا وَأَمَّا إذَا كَانَ اسْتِصْدَارُ الْأَمْرِ مِنْ الْحَاكِمِ غَيْرَ مُمْكِنٍ وَصَرَفَ فَحِينَئِذٍ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ اسْتِحْسَانًا كَمَا نَقَلَ عَنْ النَّوَادِرِ (الْبَحْرُ فِي النَّفَقَة) إذَا طَلَبَتْ زَوْجَةُ الْمُودِعِ مَثَلًا نَفَقَةً مِنْ نُقُودِ الْوَدِيعَةِ وَأَنْكَرَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا وَأَخْبَرَ بِأَنَّهَا قَدْ ضَاعَتْ يَضْمَنُ.

الْأَحْوَالُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي تُوجِبُ النَّفَقَةَ: وَهُمْ الَّذِينَ تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ عَلَى صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ وَكَيْفَ تَصْدُرُ مِنْ قِبَلِ الْحَاكِمِ؟ هَذَا مَذْكُورٌ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ تَحْتَ عُنْوَانِ " بَابُ النَّفَقَةِ " وَبِنَاءً عَلَيْهِ سَرْدُ التَّفْصِيلَاتِ هُنَا فِي حَقِّ هَذِهِ الْمَسَائِلِ لَا يُنَاسِبُ الْمَقَامَ وَلَكِنْ نَقُولُ هُنَا مِنْ قَبِيلِ الْمَعْلُومَاتِ الْمُجْمَلَةِ: إنَّ الْأَحْوَالَ الَّتِي تُوجِبُ النَّفَقَةَ ثَلَاثَةٌ: الْأُولَى: الزَّوْجِيَّةُ. يَعْنِي أَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ وَاجِبَةٌ عَلَى الزَّوْجِ.

الثَّانِيَةُ: الْقَرَابَةُ. يَعْنِي أَنَّ نَفَقَةَ الْوَلَدِ الْفَقِيرِ لَازِمَةٌ عَلَى أَبِيهِ وَنَفَقَةَ الْأَبِ الْفَقِيرِ لَازِمَةٌ عَلَى وَلَدِهِ.

الثَّالِثَةُ: الْمِلْكُ. يَعْنِي أَنَّ نَفَقَةَ الْمَمْلُوكِ وَاجِبَةٌ عَلَى مَالِكِهِ. كَمَا لَوْ امْتَنَعَ أَحَدُ أَصْحَابِ الْحَيَوَانِ الْمُشْتَرَكِ عَنْ إعَاشَتِهِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (١٣٢٠) وَرَاجَعَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ الْحَاكِمَ، يَأْمُرُ الْحَاكِمُ الشَّرِيكَ الْمُمْتَنِعَ إمَّا بِبَيْعِ حِصَّتِهِ مِنْ الْآخَرِ أَوْ بِإِعَاشَتِهِ الْحَيَوَانَ الْمُشْتَرَكَ.

[ (الْمَادَّةُ ٨٠٠) عَرَضَ لِلْمُسْتَوْدَعِ جُنُونٌ وَانْقَطَعَ الرَّجَاءُ مِنْ شِفَائِهِ الْوَدِيعَةُ غَيْرَ مَوْجُودَةٍ عَيْنًا]

(الْمَادَّةُ ٨٠٠) إذَا عَرَضَ لِلْمُسْتَوْدَعِ جُنُونٌ وَانْقَطَعَ الرَّجَاءُ مِنْ شِفَائِهِ وَكَانَتْ الْوَدِيعَةُ الَّتِي أَخَذَهَا قَبْلَ الْجِنَّةِ غَيْرَ مَوْجُودَةٍ عَيْنًا فَلِصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ حَقٌّ بِأَنْ يَرَى كَفِيلًا مُعْتَبَرًا وَيُضَمِّنَ الْوَدِيعَةَ مِنْ مَالِ الْمَجْنُونِ. وَإِذَا أَفَاقَ وَأَخْبَرَ بِأَنَّهُ رَدَّ الْوَدِيعَةَ إلَى صَاحِبِهَا أَوْ أَنَّهَا تَلِفَتْ أَوْ ضَاعَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ يَسْتَرِدُّ الْمَبْلَغَ الَّذِي أُخِذَ مِنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>