قِيلَ هُنَا " الْمُعَامَلَاتُ "؛ لِأَنَّ السَّفِيهَ كَالْبَالِغِ الرَّشِيدِ فِي وُجُوبِ الْعِبَادَاتِ وَفِي غَيْرِهَا كَالطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ وَفِي الْعُقُوبَاتِ أَيْضًا كَالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ كَمَا مَرَّ آنِفًا (الْكِفَايَةُ) . وَعَلَيْهِ فَيَجُوزُ تَزَوُّجُ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ بِامْرَأَةٍ مَعَ تَسْمِيَةِ مَهْرٍ مُعَيَّنٍ، فَإِذَا كَانَ الْمَهْرُ الْمُسَمَّى مَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ أَنْقَصَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ فَبِهَا، وَإِذَا زَادَ فَالزِّيَادَةُ بَاطِلَةٌ. وَإِذَا طَلَّقَ الْمَحْجُورُ بِالسَّفَهِ زَوْجَتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ لَزِمَهُ نِصْفُ الْمَهْرِ الْمُسَمَّى، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِيمَا لَوْ تَزَوَّجَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ حَيَاةُ الْإِنْسَانِ بَعْدَ وَفَاتِهِ إنَّمَا تَكُونُ بِبَقَاءِ الْأَوْلَادِ، فَالنِّكَاحُ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ لِلْإِنْسَانِ أَيْ كَالطَّعَامِ. وَالْمَرْأَةُ الْمَحْجُورَةُ بِمَا أَنَّهَا كَالرَّجُلِ الْمَحْجُورِ، فَتَزْوِيجُ الْمَرْأَةِ الْمَحْجُورَةِ نَفْسَهَا مِنْ رَجُلٍ كُفُؤٍ بِمَهْرِ الْمِثْلِ جَائِزَةٌ (الْهِدَايَةُ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) .
وَلَوْ تَزَوَّجَتْ امْرَأَةٌ سَفِيهَةٌ مِنْ رَجُلٍ كُفُؤٍ بِمَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ بِأَقَلَّ مِمَّا يُتَغَابَنُ فِيهِ جَازَ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَصِحُّ مَعَ الْحَجْرِ، وَإِنْ كَانَ الْمَهْرُ أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا بِمَا لَا يُتَغَابَنُ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا يُقَالُ لَهُ: إنْ شِئْتَ الدُّخُولَ بِهَا فَتَمِّمْ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا، وَإِلَّا يُفَرَّقُ بَيْنَكُمَا، وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يُتَمِّمَ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا، فَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا مَحْجُورًا مِثْلَهَا وَسُمِّيَ أَكْثَرُ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا بَطَلَ الْفَضْلُ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ خُوطِبَ بِالْإِتْمَامِ أَوْ الْفُرْقَةِ. أَمَّا إذَا تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ كُفُؤٍ فَلِلْقَاضِي أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهَا أَدْخَلَتْ الشَّيْنَ عَلَى أَوْلِيَائِهَا، فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ لِأَجْلِهِمْ (الْجَوْهَرَةُ) .
كَذَلِكَ لَوْ تَخَالَعَتْ امْرَأَةٌ سَفِيهَةٌ مَعَ زَوْجِهَا عَلَى مَالٍ مُعَيَّنٍ وَقَعَ الْخُلْعُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَلَا يَلْزَمُ الْمَالُ (الطُّورِيُّ) . كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ السَّفِيهُ الْمَحْجُورُ بِأَمْرٍ يُوجِبُ الْقِصَاصَ فِي نَفْسِهِ أَوْ أَطْرَافِهِ يَكُونُ ذَلِكَ صَحِيحًا وَنَافِذًا، كَمَا أَنَّ لَهُ الْإِنْفَاقَ، كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (٩٩٢) ، وَتَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ لِجِهَةِ الْقُرْبَةِ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .
[ (مَادَّةُ ٩٩١) تَصَرُّفَاتُ السَّفِيهِ الْقَوْلِيَّةُ بَعْدَ الْحَجْرِ فِي الْمُعَامَلَاتِ]
(مَادَّةُ ٩٩١) - (تَصَرُّفَاتُ السَّفِيهِ الْقَوْلِيَّةُ بَعْدَ الْحَجْرِ فِي الْمُعَامَلَاتِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ وَلَكِنَّ تَصَرُّفَاتِهِ قَبْلَ الْحَجْرِ نَافِذَةٌ كَتَصَرُّفَاتِ سَائِرِ النَّاسِ) .
تَصَرُّفَاتُ السَّفِيهِ الْقَوْلِيَّةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمُعَامَلَاتِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (٩٩٠) ، أَمَّا قَبْلَ الْحَجْرِ فَتَصَرُّفَاتُهُ كَتَصَرُّفَاتِ سَائِرِ النَّاسِ. هَذِهِ الْمَادَّةُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى فِقْرَتَيْنِ حُكْمِيَّتَيْنِ:
الْأُولَى: أَنَّهُ لَا تَصِحُّ تَصَرُّفَاتُ السَّفِيهِ الْقَوْلِيَّةُ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالْمُعَامَلَاتِ بَعْدَ الْحَجْرِ، وَهَذِهِ الْفِقْرَةُ تُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ (٩٩٠) وَالتَّصَرُّفَاتُ الْقَوْلِيَّةُ هِيَ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِقْرَارِ وَأَشْبَاهِهَا (الْعِنَايَةُ) وَسَبَبُ قَوْلِهِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ (الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمُعَامَلَاتِ) هُوَ كَمَا ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ، وَعِلَّةُ تَقْيِيدِ التَّصَرُّفَاتِ (بِالْقَوْلِيَّةِ) هُوَ لُزُومُ الضَّمَانِ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْفِعْلِيَّةِ، أَيْ ضَمَانِ مَا نَشَأَ عَنْ فِعْلِهِ مِنْ الْخَسَارَةِ وَالْأَضْرَارِ، كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (٩٦٠) . وَالتَّصَرُّفَاتُ الْقَوْلِيَّةُ هِيَ مِثْلُ امْرَأَةٍ مُسْرِفَةٍ سَفِيهَةٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا عَلَى مَالٍ وَقَبِلَتْ، وَقَعَ الطَّلَاقُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute