زَمَانُ تَقْيِيدِ الْمُضَارَبَةِ: كَمَا يَجُوزُ تَقْيِيدُ الْمُضَارَبَةِ وَقْتَ الْعَقْدِ يَجُوزُ تَقْيِيدُهَا بَعْدَ الْعَقْدِ أَيْضًا أَيْ إذَا قَيَّدَ رَبُّ الْمَالِ الْمُضَارَبَةَ بَعْدَ الْعَقْدِ حَالَ وُجُودِ رَأْسِ الْمَالِ عَلَى حَالِهِ صَحَّ. وَكَذَلِكَ لِرَبِّ الْمَالِ تَقْيِيدُ الْمُضَارَبَةِ بِعَدَمِ بَيْعِ الْمُضَارِبِ الْمَالَ نَسِيئَةً بَعْدَ التَّصَرُّفِ بِرَأْسِ الْمَالِ بَيْعًا وَشِرَاءً وَعَوْدَةُ رَأْسِ الْمَالِ إلَى حَالِهِ النَّقْدِيَّةِ أَمَّا إذَا اشْتَرَى بِرَأْسِ الْمَالِ عُرُوضًا وَكَانَتْ الْعُرُوض بَاقِيَةً عَلَى حَالِهَا وَنُهِيَ عَنْ الْبَيْعِ نَسِيئَةً وَقُيِّدَتْ الْمُضَارَبَةُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَالنَّهْيُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ فِي هَذَا الْحَالِ عَزْلُ الْمُضَارِبِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَقْتَدِرُ عَلَى التَّخْصِيصِ، وَالتَّقْيِيدُ نَوْعًا مَا عَزْلٌ، فَإِذَا اشْتَرَى بِبَعْضِ الْمَالِ ثُمَّ قَالَ لَهُ لَا: تَعْمَلْ بِهِ إلَّا فِي الْحِنْطَةِ.
لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِالْبَاقِي إلَّا الْحِنْطَةَ فَإِذَا بَاعَ ذَلِكَ الشَّيْءَ وَصَارَ نَقْدًا لَمْ يَشْتَرِ بِهِ إلَّا الْحِنْطَةَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) الْأَنْوَاعُ الثَّلَاثَةُ لِلتَّقْيِيدِ فِي الْمُضَارَبَةِ: قَدْ ذُكِرَ شَرْحًا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْقَيْدِ الْمُفِيدُ؛ لِأَنَّ الْقَيْدَ فِي الْمُضَارَبَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ:
١ - الْقَيْدُ الْمُفِيدُ، فَعَلَى الْمُضَارِبِ أَنْ يُرَاعِيَ هَذَا الْقَيْدَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٤٢٠) ٢ - الْقَيْدُ الْغَيْرُ الْمُفِيدِ، لَا حُكْمَ لِهَذَا الْقَيْدِ وَلَا يَلْزَمُ الْمُضَارِبَ مُرَاعَاتُهُ كَالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْمَالِ بِثَمَنٍ مُعَجَّلٍ، وَذَلِكَ لَوْ نَهَى رَبُّ الْمَالِ الْمُضَارِبَ قَائِلًا لَهُ: لَا تَبِعْ الْمَالَ بِثَمَنٍ مُعَجَّلٍ فَلِلْمُضَارِبِ بَيْعُ الْمَالِ نَسِيئَةً كَمَا أَنَّ لَهُ بَيْعَهُ نَقْدًا (الْبَحْرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِرَبِّ الْمَالِ مِنْ هَذَا التَّقْيِيدِ ٣ - الْقَيْدُ الْمُفِيدُ فِي الْجُمْلَةِ، كَقَوْلِ رَبِّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ: اعْمَلْ فِي السُّوقِ الْفُلَانِيِّ مِنْ الْمَدِينَةِ الْفُلَانِيَّةِ، وَحُكْمُ هَذَا الْقَيْدِ أَنَّهُ إذَا نَهَى رَبُّ الْمَالِ عَنْ خِلَافِهِ كَقَوْلِهِ: بِعْ فِي السُّوقِ الْفُلَانِيِّ وَلَا تَبِعْ فِي أَسْوَاقٍ أُخْرَى فَيَلْزَمُ الْمُضَارِبَ اتِّبَاعُ هَذَا الْقَيْدِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَنْهَهُ عَنْ خِلَافِهِ كَقَوْلِهِ: اعْمَلْ فِي السُّوقِ الْفُلَانِيِّ فَقَطْ فَلَا يَكُونُ هَذَا التَّقْيِيدُ صَحِيحًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّ الْبَلْدَةَ مَعَ تَبَايُنِ أَطْرَافِهِ كَبُقْعَةٍ وَاحِدَةٍ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْبَحْرِ أَمْثِلَةٌ عَدِيدَةٌ لِهَذَا النَّوْعِ مِنْ التَّغْيِيرِ فَعَلَى مَنْ يَرْغَبُ الِاطِّلَاعَ عَلَى ذَلِكَ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ
[ (الْمَادَّةُ ١٤٠٧) الْمُضَارَبَةُ الْمُطْلَقَةُ]
الْمَادَّةُ (١٤٠٧) - (الْمُضَارَبَةُ الْمُطْلَقَةُ هِيَ الَّتِي لَمْ تَتَقَيَّدْ بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان أَوْ بِنَوْعِ تِجَارَةٍ أَوْ بِتَعْيِينِ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ، وَإِذَا تَقَيَّدَتْ بِأَحَدِ هَذِهِ فَتَكُونُ مُضَارَبَةً مُقَيَّدَةً. مَثَلًا إذَا قَالَ: اعْمَلْ فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ أَوْ الْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ أَوْ بِعْ وَاشْتَرِ مَالًا مِنْ الْجِنْسِ الْفُلَانِيِّ أَوْ عَامِلْ فُلَانًا وَفُلَانًا أَوْ أَهَالِيَ الْبَلْدَةِ الْفُلَانِيَّةِ. تَكُونُ الْمُضَارَبَةُ مُقَيَّدَةً) الْمُضَارَبَةُ الْمُطْلَقَةُ هِيَ الَّتِي لَمْ تَتَقَيَّدْ (١) بِزَمَانٍ (٢) أَوْ مَكَان (٣) أَوْ بِنَوْعِ تِجَارَةٍ (٤) أَوْ بِمَتَاعٍ مُعَيَّنٍ (٥) أَوْ بِتَعَيُّنِ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ، مَثَلًا لَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ: قَدْ أَعْطَيْتُكَ هَذَا الْمَالَ مُضَارَبَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute