مَبْلَغٌ، إنَّ هَذَا التَّعْبِيرَ هُوَ بِاعْتِبَارِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ قِيَمِيًّا كَانَ أَوْ نُقُودًا وَالْحَالُ أَنَّهُ يُوجَدُ نَوْعٌ ثَالِثٌ لِلْمَالِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ مِثْلِيًّا وَفِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ الْبَدَلُ الَّذِي هُوَ دَيْنٌ ضَمَانًا أَيْ الْمِثْلُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ أَصْحَابِ الْمَالِ دَيْنًا مُشْتَرَكًا.
مَثَلًا لَوْ أَعْطَى ثَلَاثَةُ أَشْخَاصٍ مَعًا مِنْ مَالِهِمْ كَذَا دِينَارًا رِشْوَةً لِآخَرَ وَاسْتَهْلَكَهَا فَيَكُونُ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورُ دَيْنًا مُشْتَرَكًا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورِينَ حَتَّى لَوْ أَخَذَ أَحَدُهُمْ جَمِيعَ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ فَيُشَارِكُهُ فِيهِ الِاثْنَانِ الْآخَرَانِ (الْفَيْضِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ مِنْ اثْنَيْنِ حَيَوَانًا مُشْتَرَكًا فَتَعَدَّى وَتَلِفَ الْحَيَوَانُ فَيَكُونُ الضَّمَانُ الْمُتَرَتِّبُ فِي ذِمَّتِهِ دَيْنًا مُشْتَرَكًا لِصَاحِبَيْ الْحَيَوَانِ. كَذَلِكَ لَوْ أَتْلَفَ أَحَدٌ خَمْسِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً مُشْتَرَكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ فَالْخَمْسُونَ كَيْلَةً الَّتِي تَرَتَّبَتْ فِي ذِمَّةِ الْمُتْلِفِ ضَمَانًا تَكُونُ دَيْنًا مُشْتَرَكًا لِصَاحِبَيْ الْحِنْطَةِ.
[الْمَادَّةُ (٤ ٩ ٠ ١) أَقْرَضَ اثْنَانِ مَبْلَغًا مِنْ النُّقُودِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا لِأَحَدٍ]
الْمَادَّةُ (٤ ٩ ٠ ١) - (إذَا أَقْرَضَ اثْنَانِ مَبْلَغًا مِنْ النُّقُودِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا لِأَحَدٍ صَارَ الدَّيْنُ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُسْتَقْرِضِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا أَمَّا إذَا أَقْرَضَ اثْنَانِ إلَى آخَرَ نُقُودًا عَلَى طَرِيقِ الِانْفِرَادِ - أَيْ كُلٌّ عَلَى حِدَةٍ - صَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا دَائِنًا عَلَى حِدَةٍ وَلَا يَكُونُ الدَّيْنُ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُسْتَقْرِضِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الِاثْنَيْنِ) وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ (إذَا أَقْرَضَ اثْنَانِ) هُوَ لِلِاكْتِفَاءِ بِبَيَانِ أَقَلِّ مَرَاتِبِ الشُّرَكَاءِ، وَكَانَ الْأَنْسَبُ لِلسِّيَاقِ أَنْ يُقَالَ ((إذَا أَقْرَضَ أَكْثَرُ مِنْ شَخْصٍ. فَعَلَيْهِ إذَا أَقْرَضَ أَكْثَرُ مِنْ شَخْصٍ مَبْلَغًا مِنْ النُّقُودِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ لِآخَرَ صَارَ الدَّيْنُ الَّذِي فِي ذِمَّةِ هَذَا الْمُسْتَقْرِضِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ لِأَنَّهُ نَاشِئٌ عَنْ سَبَبٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْإِقْرَاضُ.
إيضَاحُ الْقُيُودِ:
١ - مُشْتَرَكًا. وَالِاشْتِرَاكُ فِي هَذَا الدَّيْنِ يَكُونُ بِنِسْبَةِ الْمَبْلَغِ الْمُقْرَضِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَبْلَغُ الْمُقْرَضُ مُشْتَرَكًا مُنَاصَفَةً فَالدَّيْنُ يَكُونُ مُشْتَرَكًا مُنَاصَفَةً وَإِذَا كَانَ مُشْتَرَكًا أَثْلَاثًا فَالدَّيْنُ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا ثُلُثًا وَثُلُثَيْنِ وَلَا يُعْتَبَرُ الشَّرْطُ وَالْمُقَاوَلَةُ اللَّذَانِ يَكُونَانِ مُخَالِفِينَ لِذَلِكَ. وَتَعْبِيرُ (مُشْتَرَكًا) لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا لِأَنَّهُ لَوْ أَقْرَضَ اثْنَانِ النُّقُودَ (الْوَدِيعَةَ) الَّتِي فِي يَدِهِمَا بِلَا إذْنِ الْمُودِعِ فَيَكُونُ الدَّيْنُ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُسْتَقْرِضِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الِاثْنَيْنِ (الْوَدِيعَيْنِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٧٩٣) . وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ فَرْعٌ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ بِاعْتِبَارٍ وَهُوَ لَوْ أَقْرَضَ اثْنَا عَشَرَ شَخْصًا تِلْكَ الْوَدِيعَةَ لِآخَرَ وَسَلَّمُوهُ إيَّاهَا ثُمَّ ضَمِنُوا بَدَلهَا لِلْمُودَعِ فَيَكُونُونَ مَالِكِينَ لِلْوَدِيعَةِ فِي زَمَنِ الْإِقْرَاضِ بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ وَيَكُونُونَ قَدْ أَقْرَضُوا نُقُودَهُمْ الْمُشْتَرَكَةَ. وَبِاعْتِبَارٍ آخَرَ هِيَ فَرْعٌ لِلْمَادَّةِ (٩٣ ١) وَهُوَ أَنَّهُ يَكُونُ الِاثْنَا عَشَرَ شَخْصًا بِتَسْلِيمِهِمْ هَذِهِ الْوَدِيعَةِ لِآخَرَ قَدْ أَتْلَفُوهَا وَيَلْزَمُ فِي ذِمَّتِهِمْ مِثْلُهَا ضَمَانًا.
٢ - نُقُودُ، قَدْ ذَكَرَ هَذَا التَّعْبِيرَ عَلَى طَرِيقِ الْمِثَالِ لِأَنَّ الْإِقْرَاضَ لَيْسَ مَخْصُوصًا بِالنُّقُودِ فَيَجُوزُ إقْرَاضُ الْمَكِيلَاتِ كَالشَّعِيرِ وَالْحِنْطَةِ وَالْمَوْزُونَاتِ كَالدَّقِيقِ وَالتِّبْنِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ كَالْجَوْزِ وَالْبَيْضِ. فَعَلَيْهِ لَوْ أَقْرَضَ اثْنَانِ كَذَا كَيْلَةً حِنْطَةً الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَهُمَا لِآخَرَ فَدَيْنُ الْمُسْتَقْرِضِ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الِاثْنَيْنِ (الْمُقْرِضَيْنِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute