صُورَةِ الِاسْتِحْقَاقِ هُوَ هَذَا: فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى حَيْثُ إنَّ الدَّيْنَ الَّذِي تَقَيَّدَتْ بِهِ الْحَوَالَةُ سَقَطَ بِأَمْرٍ عَارِضٍ وَلَمْ تَتَبَيَّنْ بَرَاءَةُ الْأَصِيلِ مِنْ الدَّيْنِ وَقْتَ الْحَوَالَةِ.
وَأَمَّا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ حَيْثُ إنَّ بَرَاءَةَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ تَبَيَّنَتْ وَقْتَ الْحَوَالَةِ كَانَتْ الْحَوَالَةُ بَاطِلَةً. وَفِي الْحَوَالَةِ الْمُطْلَقَةِ لَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ بِالِاسْتِحْقَاقِ كَهَذَا كَمَا مَرَّ مُفَصَّلًا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٦٩١) بَلْ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَجْبُورٌ لِتَأْدِيَةِ الْمُحَالِ بِهِ. صَوَّرَ الْبَائِعِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مُحِيلًا وَالْمُشْتَرِيَ مُحَالًا عَلَيْهِ فَقَطْ لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي مُحِيلًا وَمَدِينُ الْمُشْتَرِي مُحَالًا عَلَيْهِ وَالْبَائِعِ مُحَالًا لَهُ يَعْنِي لَوْ أَحَالَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِدَيْنِهِ الَّذِي لِلْبَائِعِ الْمَذْكُورِ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ عَلَى مَدِينِهِ بِالْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ، ثُمَّ رُدَّ الْمَبِيعُ الْمَذْكُورُ بِخِيَارِ الْعَيْبِ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ إلَى الْبَائِعِ تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ أَجَّلَ الْمُحَالَ عَلَيْهِ بِالْمَالِ فَإِنَّ الْأَجَلَ يَنْقَضِي أَيْضًا إذَا كَانَ الرَّدُّ بِحُكْمٍ فَإِنْ كَانَ الرَّدُّ بِغَيْرِ حُكْمٍ لَا يَبْطُلُ الْأَجَلُ وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَتْبَعَ الْبَائِعَ بِهِ حَالًّا وَإِنْ شَاءَ أَجَّلَ الْمُحَالَ عَلَيْهِ إلَى أَجَلِهِ، بَيْدَ أَنَّهُ ثَمَّةَ فَرْقٌ بَيْنَ إحَالَةِ الْبَائِعِ غَرِيمَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَبَيْنَ إحَالَةِ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَلَى غَرِيمِهِ، حَيْثُ لَا تَبْطُلُ فِي الْأُولَى بِالْفَسْخِ وَتَبْطُلُ فِي الثَّانِيَةِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ فِي الْأُولَى تَبَيَّنَ أَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَهِيَ تَصِحُّ بِدُونِ دَيْنٍ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَفِي الثَّانِيَةِ ظَهَرَ أَنَّ الْمُحِيلَ لَيْسَ بِمَدِينٍ فَبَطَلَتْ (الْبَحْرُ) .
[ (الْمَادَّةُ ٦٩٤) إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ]
(الْمَادَّةُ ٦٩٤) إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِأَنْ تُعْطَى مِنْ الْمَبْلَغِ الْمَوْجُودِ لِلْمُحِيلِ أَمَانَةً بِيَدِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَضُبِطَ ذَلِكَ الْمَالُ تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ وَيَعُودُ هَذَا الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ، وَإِذَا أُعْطِيت مِنْ الْمَبْلَغِ الْمَغْصُوبِ تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ وَيَبْرَأُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ، لِأَنَّ الْمَغْصُوبَ وَصَلَ لِصَاحِبِهِ وَحَصَلَتْ بَرَاءَةُ الْغَاصِبِ مِنْ الضَّمَانِ بِهَذَا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ تَصِيرُ تَأْدِيَةُ الدَّيْنِ لَازِمَةً عَلَى الْمُحِيلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
[ (الْمَادَّةُ ٦٩٥) فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ]
(الْمَادَّةُ ٦٩٥) فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِأَنْ تُعْطَى مِنْ الْمَبْلَغِ الَّذِي لِلْمُحِيلِ بِيَدِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ إذَا هَلَكَ ذَلِكَ الْمَبْلَغُ تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَضْمُونًا، وَيَعُودُ هَذَا الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ وَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا لَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ بِهَلَاكٍ كَهَذَا، مَثَلًا لَوْ أَحَالَ أَحَدُهُمْ دَايَنَهُ عَلَى شَخْصٍ عَلَى أَنْ يُعْطَى مِنْ دَرَاهِمِ الْأَمَانَةِ الَّتِي لَهُ عِنْدَ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ وَهَلَكَتْ تِلْكَ الدَّرَاهِمُ قَبْلَ الْأَخْذِ بِلَا تَعَدٍّ تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ وَيَعُودُ مَطْلُوبُ الدَّيْنِ إلَى الْمُحِيلِ. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الدَّرَاهِمُ مَغْصُوبَةً أَوْ كَانَتْ أَمَانَةً وَلَزِمَتْ تَأْدِيَتُهَا بِاسْتِهْلَاكِ ذَلِكَ الشَّخْصِ لَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute