يَتِيمَةُ الدَّهْرِ، وَأَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) وَعَلَيْهِ لَوْ أَلْبَسَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ الثَّوْبَ الْمَغْصُوبَ بِدُونِ عِلْمِهِ وَبَقِيَ لَابِسًا إيَّاهُ حَتَّى صَارَ عَتِيقًا كَانَ الْغَاصِبُ بَرِيئًا (الْبَزَّازِيَّةُ) .
كَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ خُبْزًا فَأَطْعَمَهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَرِئَ الْغَاصِبُ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَنَّهُ خُبْزُهُ (الْبَزَّازِيَّةُ) إلَّا أَنَّهُ لَوْ غَيَّرَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ إلَى أَنْ تَبَدَّلَ اسْمُهُ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (٨٩٩) وَأَطْعَمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَلَا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ لِأَنَّهُ مَتَى غَيَّرَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَانَ مَالِكًا لَهُ فَيَكُونُ الْغَاصِبُ حِينَئِذٍ قَدْ أَطْعَمَهُ مَالَهُ وَتَبَرَّعَ لَهُ بِهِ (الْجَوْهَرَةُ) . فَعَلَيْهِ لَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ الدَّقِيقَ فَعَمِلَهُ خُبْزًا أَوْ غَصَبَ اللَّحْمَ وَطَبَخَهُ وَأَطْعَمَهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ لَا يَبْرَأُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ مِنْ الْغَصْبِ) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَصِحُّ الرَّدُّ مَا لَمْ يَقِفْ عَلَى كَوْنِهِ مَالَهُ. لِأَنَّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ لَيْسَتْ رَدًّا، وَإِنَّمَا هِيَ حِيلَةٌ وَخُدْعَةٌ (الطَّحْطَاوِيُّ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ، لَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الرَّدِّ عَلَى التَّصْرِيحِ بِكَوْنِهِ مِنْ جِهَةِ الْغَصْبِ. وَعَلَيْهِ لَوْ أَوْدَعَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ وَوَهَبَهُ إيَّاهُ فَكَمَا أَنَّهُ يَبْرَأُ بِذَلِكَ فَلَوْ سَرَقَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ مِنْ غَاصِبِ الْغَاصِبِ، كَانَ الْغَاصِبُ بَرِيئًا. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ اسْتَرَدَّ غَاصِبُ الْغَاصِبِ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ مِنْ صَاحِبِهِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْمَالِ الْمُخَاصَمَةُ مَعَ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ (الْبَزَّازِيَّةُ) .
[ (الْمَادَّةُ ٨٩٣) وَضَعَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوب أَمَامَ صَاحِبِهِ بِصُورَةٍ يَقْدِرُ مَعَهَا عَلَى أَخْذِهِ]
(الْمَادَّةُ ٨٩٣) إذَا وَضَعَ الْغَاصِبُ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ أَمَامَ صَاحِبِهِ بِصُورَةٍ يَقْدِرُ مَعَهَا عَلَى أَخْذِهِ يَكُونُ قَدْ رَدَّ الْمَغْصُوبَ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ قَبْضٌ حَقِيقِيٌّ وَأَمَّا لَوْ تَلَفَ الْمَغْصُوبُ وَوَضَعَ الْغَاصِبُ قِيمَتَهُ أَمَامَ صَاحِبِهِ بِتِلْكَ الصُّورَةِ فَلَا يَبْرَأُ مَا لَمْ يُوجَدْ قَبْضٌ حَقِيقِيٌّ إذَا وَضَعَ الْغَاصِبُ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ أَمَامَ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (٠ ٨٩) بِحَيْثُ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ وَيَأْخُذَهُ بِمَدِّهِ يَدَهُ وَهُوَ فِي مَكَانِهِ فَيُعَدُّ قَابِضًا حُكْمًا وَيُعْتَبَرُ الْمَغْصُوبُ قَدْ رُدَّ إلَى صَاحِبِهِ وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ مِنْ الضَّمَانُ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ قَبْضٌ حَقِيقِيٌّ وَلَمْ يَقْبَلْهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ. لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَرْدُودُ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَيْنَ مَالٍ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِهِ وَرِضَاهُ. وَالرَّدُّ بِمُقْتَضَى هَذِهِ الْمَادَّةِ يُطْلَقُ عَلَيْهِ الرَّدُّ الْحُكْمِيُّ وَلُحُوقُ عِلْمِ صَاحِبِ الْمَالِ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ هَذَا الرَّدِّ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَتَتَفَرَّعُ عَنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ الْمَسْأَلَتَانِ الْآتِيَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا وَضَعَ الْغَاصِبُ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ أَمَامَ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ بِحَيْثُ يَسْتَطِيعُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَنْ يَمُدَّ يَدَهُ وَيَأْخُذَ الْمَغْصُوبَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي مَكَانِهِ وَلَمْ يَقْبَلْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَخْذَهُ فَأَخَذَهُ الْغَاصِبُ وَأَعَادَهُ إلَى دَارِهِ فَيَكُونُ الْغَاصِبُ قَدْ غَصَبَهُ ثَانِيَةً وَيَضْمَنُ بَدَلَهُ فِي زَمَانِ وَمَكَانِ الْغَصْبِ الثَّانِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ، إذَا وَضَعَ الْغَاصِبُ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ فِي حِجْرِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَرَمَى بِهَا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مِنْ حِجْرِهِ فَأَخَذَهَا شَخْصٌ آخَرُ بَرِئَ الْغَاصِبُ. وَفِي الدَّيْنِ لَا يَبْرَأُ إلَّا أَنْ يُقَبِّضَهُ أَوْ يَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute