الْحَبَلُ، بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالْبَاءِ، يُقَالُ حَبِلَتْ الْمَرْأَةُ حَبَلًا مِنْ بَابِ تَعِبَ إذَا حَمَلَتْ بِالْوَلَدِ، وَكَذَلِكَ يُطْلَقُ عَلَى احْتِلَامِ النَّائِمِ بِرُؤْيَتِهِ الْجِمَاعَ وَإِنْزَالِ الْمَنِيِّ فِي الْغَالِبِ، فَغَلَبَ لَفْظُ الِاحْتِلَامِ فِي هَذَا دُونَ غَيْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَنَامِ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
الْإِنْزَالُ أَصْلٌ فِي الِاحْتِلَامِ وَالْإِحْبَالِ وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْمَجَلَّةِ صَرَاحَةً إلَّا أَنَّهُ ضِمْنًا؛ لِأَنَّ الِاحْتِلَامَ الْحَاصِلَ بِدُونِ إنْزَالِ الْمَنِيِّ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي إثْبَاتِ الْبُلُوغِ كَمَا أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ إحْبَالٌ بِدُونِ إنْزَالٍ، وَالْأَصْلُ هُوَ الْإِنْزَالُ وَمَا عَدَاهُ فَهُوَ عَلَامَةٌ (الطُّورِيُّ وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى) .
وَإِذَا جَامَعَ امْرَأَتَهُ بَعْدَ مَا بَلَغَتْ حَدًّا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْإِحْبَالُ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَيُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ ضَرُورَةً ثُبُوتُ نَسَبِ الْوَلَدِ (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الْحَجْرِ) .
الِاحْتِلَامُ كَمَا يَكُونُ لِلرِّجَالِ عَلَامَةٌ لِلْبُلُوغِ يَكُونُ لِلنِّسَاءِ كَذَلِكَ، لَكِنْ كَمَا يَخْتَصُّ الْإِحْبَالُ بِالرِّجَالِ يَخْتَصُّ الْحَيْضُ بِالْإِنَاثِ، وَيُفْهَمُ مِنْ تَقْيِيدِ الْمَجَلَّةِ الْبُلُوغَ بِالِاحْتِلَامِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْبُلُوغَ لَا يَثْبُتُ بِنَبَاتِ الْعَانَةِ وَالذَّقَنِ وَالشَّارِبِ وَشَعْرِ مَا تَحْتَ الْإِبْطِ وَخُشُونَةِ الصَّوْتِ وَبُرُوزِ النُّهُودِ وَمَا إلَى ذَلِكَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
[ (مَادَّةُ ٩٨٦) مَبْدَأُ سِنِّ الْبُلُوغِ]
(مَادَّةُ ٩٨٦) - (مَبْدَأُ سِنِّ الْبُلُوغِ فِي الرَّجُلِ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً وَفِي الْمَرْأَةِ تِسْعُ سَنَوَاتٍ وَمُنْتَهَاهُ فِي كِلَيْهِمَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَإِذَا أَكْمَلَ الرَّجُلُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَلَمْ يَبْلُغْ يُقَالُ لَهُ " الْمُرَاهِقُ " وَإِذَا أَكْمَلَتْ الْمَرْأَةُ تِسْعًا وَلَمْ تَبْلُغْ يُقَالُ لَهَا " الْمُرَاهِقَةُ " إلَى أَنْ يَبْلُغَا)
إنَّ أَقَلَّ سِنٍّ يُمْكِنُ أَنْ يَحْتَلِمَ فِيهَا الذُّكُورُ وَيَبْلُغُوا هِيَ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً، وَالْإِنَاثُ تِسْعُ سَنَوَاتٍ، وَمُنْتَهَى السِّنِّ فِي الِاثْنَيْنِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ، وَعَلَيْهِ فَمَتَى أَتَمَّ الذَّكَرُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ مِنْ عُمُرِهِ يُمْكِنُ أَنْ تَظْهَرَ عَلَيْهِ آثَارُ الْبُلُوغِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ شُوهِدَتْ عَلَامَةُ الْبُلُوغِ فِي هَذِهِ السِّنِّ، وَلَقَدْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَصْغَرَ مِنْ أَبِيهِ بِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً فَقَطْ، كَذَلِكَ يُمْكِنُ أَنْ تَظْهَرَ آثَارُ الْبُلُوغِ عَلَى الْأُنْثَى مَتَى اكْتَمَلَتْ السَّنَةُ التَّاسِعَةُ مِنْ عُمُرِهَا؛ لِأَنَّ الْبِنْتَ أَسْرَعُ بُلُوغًا مِنْ الْغُلَامِ (أَبُو السُّعُودِ) وَجَاءَ فِي الْجَوْهَرَةِ (لِأَنَّ الْإِنَاثَ نُشُوءُهُنَّ وَإِدْرَاكُهُنَّ أَسْرَعُ مِنْ إدْرَاكِ الذُّكُورِ) .
وَإِذَا أَكْمَلَ الشَّخْصُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ وَلَمْ تَظْهَرْ عَلَيْهِ آثَارُ الْبُلُوغِ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَكَرًا أَمْ أُنْثَى فَيُحْكَمُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ بِبُلُوغِهِ. وَقَدْ أَفْتَى بِقَوْلِ الْإِمَامَيْنِ، مَشَايِخُ الْإِسْلَامِ وَاخْتَارَتْهُ الْمَجَلَّةُ أَيْضًا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي مِنْ كِتَابِ الْحَجْرِ) وَإِذَا أَكْمَلَ الْغُلَامُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَالْبِنْتُ تِسْعَ سَنَوَاتٍ فَيُدْعَى الْغُلَامُ بِالْبَالِغِ الْمُرَاهِقِ وَتُدْعَى الْبِنْتُ بِالْبَالِغَةِ الْمُرَاهِقَةِ إلَى حِينِ ظُهُورِ آثَارِ الْبُلُوغِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ أَوْ إلَى بُلُوغِهَا سِنَّ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَمَعْنَى الْمُرَاهِقُ: الْمُتَقَارِبُ، أَيْ الْقَرِيبُ مِنْ الْبُلُوغِ (مُنْلَا مِسْكِينٍ) .
بِمَا أَنَّهُ تَعَيَّنَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مَبْدَأُ الْبُلُوغِ وَمُنْتَهَاهُ فَالْمَادَّةُ (٩٨٨) تَتَفَرَّعُ مِنْ الْمَبْدَأِ كَمَا أَنَّ الْمَادَّةَ الْآتِيَةَ تَتَفَرَّعُ مِنْ الْمُنْتَهَى. فَكَانَ مِنْ الْمُنَاسِبِ تَقْدِيمُ الْمَادَّةِ (٩٨٨) عَلَى الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ.
[ (مَادَّةُ ٩٨٧) أَدْرَكَ سِنَّ الْبُلُوغِ وَلَمْ تَظْهَرْ عَلَيْهِ آثَارُ الْبُلُوغِ]
(مَادَّةُ ٩٨٧) - (مَنْ أَدْرَكَ سِنَّ الْبُلُوغِ وَلَمْ تَظْهَرْ عَلَيْهِ آثَارُ الْبُلُوغِ يُعَدُّ بَالِغًا حُكْمًا)