أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْجَرْحِ هُنَا هُوَ الْجَرْحُ الْوَاقِعُ بِنَاءً عَلَى سُؤَالِ الْقَاضِي مِنْ الْمُزَكِّينَ، أَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْمُبَيَّنَةُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ فَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الطَّعْنِ الَّذِي يَقَعُ مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فَلِذَلِكَ لَا تَبَايُنَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
[ (الْمَادَّةُ ١٧٢٦) إذَا مَاتَ الشُّهُودُ أَوْ غَابُوا بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ فِي الْمُعَامَلَاتِ]
الْمَادَّةُ (١٧٢٦) - (إذَا مَاتَ الشُّهُودُ أَوْ غَابُوا بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ فِي الْمُعَامَلَاتِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يُزَكِّيَهُمْ وَيَحْكُمَ بِشَهَادَتِهِمْ) .
إذَا مَاتَ الشُّهُودُ أَوْ غَابُوا بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَقَبْلَ التَّزْكِيَةِ فِي الْمُعَامَلَاتِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يُزَكِّيَهُمْ وَيَحْكُمَ بِشَهَادَتِهِمْ إذَا تَبَيَّنَتْ عَدَالَتُهُمْ (الْبَزَّازِيَّةُ) كَذَلِكَ إذَا مَاتَ أَوْ غَابَ الشُّهُودُ بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَالتَّزْكِيَةِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِشَهَادَتِهِمْ (الْهِنْدِيَّةُ) .
إنَّهُ وَإِنْ كَانَ يَلْزَمُ حُضُورُ الشُّهُودِ أَثْنَاءَ التَّزْكِيَةِ الْعَلَنِيَّةِ إلَّا أَنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ قَدْ جَوَّزَتْ بِصُورَةٍ اسْتِثْنَائِيَّةٍ إجْرَاءَ التَّزْكِيَةِ سِرًّا وَعَلَنًا فِي غِيَابِ الشُّهُودِ.
أَمَّا إذَا طَرَأَ عَلَى الشُّهُودِ بَعْدَ أَدَائِهِمْ الشَّهَادَةَ عَمًى أَوْ خَرَسٌ أَوْ فِسْقٌ فَلَا يُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِمْ (الْبَزَّازِيَّةُ فِيمَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ لَا) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (١٦٨٦) .
وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ فِي الْمُعَامَلَاتِ احْتِرَازٌ مِنْ الْقِصَاصِ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ الَّذِي يَشْهَدُ عَلَى الْقِصَاصِ إذَا تُوُفِّيَ أَوْ غَابَ فَلَا يَحْكُمُ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ حَكَمَ الْقَاضِي بِنَاءً عَلَى شَهَادَةِ الشُّهُودِ وَطَرَأَ عَلَى الشُّهُودِ حَالٌ مَانِعٌ لِلشَّهَادَةِ كَالْعَمَى أَوْ الْخَرَسِ فَلَا يَنْفُذُ ذَلِكَ الْحُكْمُ بَلْ يَحْتَاجُ الْأَمْرُ لِمُحَاكَمَةٍ وَلِبَيِّنَةٍ جَدِيدَةٍ. تَذْنِيبٌ إنَّ لَفْظَ تَذْنِيبٍ مِنْ بَابِ تَفْعِيلٍ، وَثُلَاثِيَّةٌ مِنْ الْبَابِ الْأَوَّلِ بِفَتْحِ الذَّالِ وَسُكُونِ النُّونِ ذَنْبٌ مَعْنَاهُ لُحُوقُ أَثَرِ أَحَدٍ بِدُونِ الِافْتِرَاقِ عَنْهُ فَعَلَى ذَلِكَ يَكُونُ لَفْظُ تَذْنِيبٍ بِمَعْنَى اللِّحَاقِ بِشَيْءٍ وَقَدْ أَلْحَقْتُ الْمَادَّةَ الْآتِيَةَ بِآخِرِ هَذَا الْفَصْلِ.
فِي حَقِّ تَحْلِيفِ الشُّهُودِ
إنَّ أَكْثَرَ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ قَدْ بَيَّنَتْ عَدَمَ وُجُوبِ الْيَمِينِ عَلَى الشَّاهِدِ وَأَنَّ تَحْلِيفَ الشَّاهِدِ الْيَمِينَ هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَنَّهُ غَيْرُ مُوَافِقٍ لِلشَّرْعِ وَقَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١٦٨٩) أَنَّ لَفْظَ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ تَتَضَمَّنُ الْيَمِينَ، فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ تَحْلِيفُ الشُّهُودِ بَعْدَ الشَّهَادَةِ مَا هُوَ إلَّا تَكْرِيرٌ لِلْيَمِينِ إلَّا أَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْفُقَهَاءِ كَصَاحِبِ الْبَحْرِ قَدْ قَالَ بِأَنَّ عَدَمَ لُزُومِ تَحْلِيفِ الشَّاهِدِ يَكُونُ فِي حَالَةِ ظُهُورِ عَدَالَتِهِ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ عَدَالَتُهُ ظَاهِرَةً بَلْ كَانَتْ خَفِيَّةً فَيَجِبُ تَقْوِيَتُهَا بِالْيَمِينِ، إذْ يَكُونُ الشَّاهِدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute