وَيُفْهَمُ مِنْ قَيْدِ مَرَضِ الْمَوْتِ الْوَارِدِ فِي الْمَجَلَّةِ بِأَنَّ لِلْمَدِينِ الصَّحِيحِ الْغَيْرِ مَحْجُورٍ أَنْ يُؤَدِّيَ دَيْنَهُ لِبَعْضِ مَنْ شَاءَ مِنْ مَدِينِيهِ مُرَجِّحًا إيَّاهُ عَلَى مَدِينِيهِ الْآخَرِينَ، وَلَيْسَ لِلدَّائِنِينَ الْآخَرِينَ مُشَارَكَةُ الدَّائِنِ الَّذِي رُجِّحَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَصُرَّةُ الْفَتَاوَى فِي الْإِقْرَارِ وَنُقُولُ الْفَيْضِيَّةِ قُبَيْلَ إقْرَارِ الْمَرِيضِ) .
إلَّا أَنَّهُ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ النُّقُودَ الَّتِي اسْتَقْرَضَهَا، وَثَمَنَ الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَاهُ أَثْنَاءَ مَرَضِهِ.
إذَا كَانَ الثَّمَنُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ.
أَمَّا إذَا كَانَ الثَّمَنُ زَائِدًا فَتَكُونُ الزِّيَادَةُ تَبَرُّعًا وَوَصِيَّةً يَعْنِي إذَا ثَبَتَ اسْتِقْرَاضُهُ وَاشْتِرَاؤُهُ بِالْبَيِّنَةِ فَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ الْآخَرِينَ الِاشْتِرَاكُ فِي الْبَدَلِ الَّذِي أَدَّاهُ.
وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إنَّ حُكْمَ هَذِهِ الْفِقْرَةِ مَشْرُوطٌ بِشَرْطَيْنِ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ ثَمَنُ الْمُشْتَرِي بِمِثْلِ الْقِيمَةِ فَإِذَا كَانَ زَائِدًا فَالزِّيَادَةُ تَبَرُّعٌ وَوَصِيَّةٌ.
الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَثْبُتَ الِاشْتِرَاءُ وَالِاسْتِقْرَاضُ بِالْبَيِّنَةِ وَلَيْسَ بِإِقْرَارِ الْمَرِيضِ الْمُجَرَّدِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تُهْمَةً (التَّنْوِيرُ) .
فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا أَدَّى الْمَرِيضُ بَدَلَ الْمُسْتَقْرَضِ لِلْمُقْرِضِ، أَوْ بَدَلَ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ فَيَبْقَى سَالَمَا لِلْأَخْذِ، وَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ الْآخَرِينَ الْمُشَارَكَةُ فِي الْمَأْخُوذِ بَعْدَ الْوَفَاةِ؛ لِأَنَّ مَنْعَ الْمَرِيضِ مِنْ تَأْدِيَةِ دَيْنِ بَعْضِ غُرَمَائِهِ هُوَ بِسَبَبِ أَنَّ تِلْكَ التَّأْدِيَةَ تُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ حُقُوقِ الْغُرَمَاءِ الْآخَرِينَ.
فَإِذَا حَصَلَ لِلْغُرَمَاءِ بَدَلُ مَا أَدَّاهُ الْمَرِيضُ قَدْ جَازَ الْقَضَاءُ.
مَثَلًا؛ لَوْ اشْتَرَى الْمَرِيضُ فَرَسًا، وَأَدَّى ثَمَنَهَا، وَإِنْ خَرَجَ مِنْ التَّرِكَةِ ثَمَنُهَا إلَّا أَنَّهُ دَخَلَ إلَى التَّرِكَةِ بَدَلُهَا وَهِيَ الْفَرَسُ (الطَّحَاوِيَّ) .
أَمَّا إذَا تُوُفِّيَ الْمُشْتَرِي الْمَرِيضُ قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ فَحُكْمُهُ قَدْ مَرَّ فِي الْمَادَّتَيْنِ (٢٩٥ وَ ٢٩٦) .
وَيُفْهَمُ مِنْ تَعْبِيرِ (فَلَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ) بِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ لَهُ الِاشْتِرَاءُ بَعْدَ التَّأْدِيَةِ إلَّا أَنَّهُ إذَا تُوُفِّيَ الْمَرِيضُ قَبْلَ التَّأْدِيَةِ يَدْخُلُ الْمُقْرِضُ وَالْبَائِعُ فِي تَقْسِيمِ الْغُرَمَاءِ وَلَيْسَ لَهُمَا أَخْذُ تَمَامِ حَقِّهِمَا (التَّكْمِلَةُ) .
وَتَعْبِيرُ الِاسْتِقْرَاضِ وَالِاشْتِرَاءِ الْوَارِدُ فِي الْمَجَلَّةِ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ التَّزَوُّجِ وَالِاسْتِئْجَارِ فَعَلَيْهِ إذَا أَدَّى الْمَرِيضُ مَهْرَ الزَّوْجَةِ الَّتِي تَزَوَّجَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، أَوْ بَدَلَ إيجَارِ الدَّارِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا فَالْمَبْلَغُ الَّذِي أَخَذَتْهُ الزَّوْجَةُ، أَوْ أَخَذَهُ الْمُؤَجِّرُ لَا يَبْقَى سَالِمًا لَهُمَا، وَيُشَارِكُهُمَا فِيهِ غُرَمَاءُ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَعَلَّقَ حَقُّ الْغُرَمَاءِ بِالشَّيْءِ الَّذِي يَحْصُلُ لِلْمَرِيضِ مِنْ النِّكَاحِ وَسُكْنَى الدَّارِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْحَقُّ صَالِحًا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِهِ فَالتَّخْصِيصُ الْمَذْكُورُ يَكُونُ مُبْطِلًا لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ.
[ (الْمَادَّةُ ١٦٠٥) الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ فِي هَذَا الْمَبْحَثِ]
الْمَادَّةُ (١٦٠٥) - (الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ فِي هَذَا الْمَبْحَثِ فِي حُكْمِ الدَّيْنِ الْأَصْلِيِّ بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ دَيْنَ وَارِثِهِ أَوْ مَطْلُوبَهُ لَا يَكُونُ نَافِذًا، وَإِذَا كَفَلَ الْأَجْنَبِيُّ يُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِكَوْنِهِ قَدْ كَفَلَ