[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي إجَارَةِ الْعُرُوضِ]
(الْمَادَّةُ ٥٣٤) يَجُوزُ إجَارَةُ الْأَلْبِسَةِ وَالْأَسْلِحَةِ وَالْخِيَامِ وَأَمْثَالِهَا مِنْ الْمَنْقُولَاتِ إلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ فِي مُقَابِلِ بَدَلٍ مَعْلُومٍ.
أَيْ أَنَّهُ يَجُوزُ إجَازَةُ الثِّيَابِ وَالْأَسْلِحَةِ وَالْخِيَامِ وَالْبَرْذعَةِ وَالرَّحْلِ وَاللَّبَبِ وَالْقِدْرِ لِأَجْلِ الطَّبْخِ وَمَا إلَيْهَا مِنْ الْمَنْقُولَاتِ إلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ فِي مُقَابِلِ بَدَلٍ مَعْلُومٍ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ فَضْلًا عَنْ أَنَّ لَهَا مَنَافِعَ مَعْلُومَةً فَقَدْ اُعْتِيدَ إيجَارُهَا (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ ٤٠٥) .
مَثَلًا لَوْ أَجَرَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ مِرْجَلًا مَمْلُوكًا لَهُ بِكَذَا قِرْشًا لِمُدَّةِ سَنَةٍ وَاسْتَلَمَهُ الشَّخْصُ وَاسْتَعْمَلَهُ تِلْكَ الْمُدَّةِ لَزِمَهُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى. لَكِنْ إذَا لَمْ يُبَيَّنْ فِي إيجَارِ الثِّيَابِ الشَّخْصَ الَّذِي يُرَادُ إلْبَاسُهُ إيَّاهَا أَوْ إذَا لَمْ يَحْصُلُ الْخِيَارُ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي إلْبَاسِهَا لِمَنْ شَاءَ عَلَى وَجْهِ التَّعْمِيمِ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً. وَلَكِنْ فَإِنْ لَبِسَ الثَّوْبَ وَطَبَخَ فِي الْقِدْرِ فَمَضَتْ الْمُدَّةُ فَلِلْآجِرِ مَا سَمَّى اسْتِحْسَانًا وَلَوْ فَسَخَ الْقَاضِي الْإِجَارَةَ لِأَجْلِ الْفَسَادِ ثُمَّ لَبِسَ لَا يَجِبُ شَيْءٌ (الْهِنْدِيَّةُ، الْبَزَّازِيَّةُ، الدُّرَرُ) .
وَإِذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ فُسْطَاطًا أَوْ أَسْلِحَةً مِنْ آخَرَ وَضَرَبَهُ حَسَبَ الْمُعْتَادِ وَاحْتَرَقَ مِنْ الشَّمْسِ أَوْ خَرِبَ مِنْ الثَّلْجِ وَالْأَمْطَارِ أَوْ صَارَ فِيهِ خُرُوقٌ مِنْ دُونِ عُنْفٍ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ وَكَذَلِكَ فِي الْأَسْلِحَةِ إذَا خَرِبَتْ وَهُوَ يَسْتَعْمِلُهَا كَالْعَادَةِ فِي دَرْءِ الْأَعْدَاءِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ مَا تَلِفَ مِنْهَا وَقَدْ جَاءَ فِي (الْهِنْدِيَّةِ) فِي الْبَابِ الْعِشْرِينَ لَوْ اسْتَأْجَرَ فُسْطَاطًا يَخْرُجُ بِهِ إلَى مَكَّةَ لِيَسْتَظِلَّ بِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ، وَلَهُ أَنْ يَسْتَظِلَّ بِهِ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ لِعَدَمِ تَفَاوُتِ النَّاسِ فِيهِ وَإِنْ أَسْرَجَ فِي الْخَيْمَةِ أَوْ فِي الْفُسْطَاطِ أَوْ الْقُبَّةِ أَوْ عَلَّقَ بِهِ قِنْدِيلًا فَتَلِفَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ اتَّخَذَ فِيهِ مَطْبَخًا فَهُوَ ضَامِنٌ لِأَنَّهُ صَنَعَ مَا لَا يَصْنَعُ النَّاسُ عَادَةً إلَّا أَنْ يَكُونَ مُعَدًّا لِذَلِكَ الْعَمَلِ وَإِذَا أَوْقَدَ نَارًا فِي الْفُسْطَاطِ فَأَفْسَدَ الْفُسْطَاطَ أَوْ احْتَرَقَ الْفُسْطَاطُ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ جَاوَزَ الْمُتَعَارَفَ فَهُوَ ضَامِنٌ فَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ أَفْسَدَهُ كُلَّهُ بِحَيْثُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ ضَمِنَ قِيمَةَ الْكُلِّ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ وَإِنْ فَسَدَ بَعْضُهُ لَزِمَهُ ضَمَانُ النُّقْصَانِ وَعَلَيْهِ الْأَجْرُ كَامِلًا إذَا كَانَ قَدْ انْتَفَعَ بِالْبَاقِي وَإِنْ لَمْ يَفْسُدْ شَيْءٌ مِنْهُ وَسَلِمَ وَكَانَ جَاوَزَ الْمُعْتَادَ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ.
الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجِبُ وَإِنْ شَرَطَ رَبُّ الْفُسْطَاطِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَنْ لَا يُوقِدَ فِيهِ وَلَا يُسْرِجَ فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute