للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِلَيْك ثَمَرَةُ الْخِلَافِ لِهَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ: إذَا تُوُفِّيَ الْمَكْفُولُ لَهُ قَبْلَ الْقَبُولِ بَطَلَتْ الْكَفَالَةُ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَلَا يَكُونُ الْكَفِيلُ مُطَالَبًا بِمُقْتَضَى الْكَفَالَةِ، أَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فَلَا تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ وَيَكُونُ الْكَفِيلُ مُطَالَبًا وَمُؤَاخَذًا (الشِّبْلِيُّ) وَعَلَى ذَلِكَ فَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ (تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ بِإِيجَابِ الْكَفِيلِ فَقَطْ) تَكُونُ قَدْ اخْتَارَتْ مَذْهَبَ أَبِي يُوسُفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَوْلُهَا (وَتَنْفُذُ) قَدْ اخْتَارَتْ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ لِمَذْهَبِ الْإِمَامِ الْمُشَارِ إلَيْهِ وَعَلَيْهِ فَقَدْ أَصْبَحَ مِنْ الثَّابِتِ أَنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ قَدْ تَأَسَّسَتْ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (الْهِنْدِيَّةُ، الْكَفَالَةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .

[ (الْمَادَّةُ ٦٢٢) أَلْفَاظُ الْكَفَالَةِ]

(الْمَادَّةُ ٦٢٢) إيجَابُ الْكَفِيلِ أَيْ أَلْفَاظُ الْكَفَالَةِ هِيَ الْكَلِمَاتُ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى التَّعَهُّدِ وَالِالْتِزَامِ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ مَثَلًا لَوْ قَالَ كَفَلْتُ أَوْ أَنَا كَفِيلٌ أَوْ ضَامِنٌ تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ. إيجَابُ الْكَفِيلِ هِيَ الْكَلِمَاتُ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى التَّعَهُّدِ وَالِالْتِزَامِ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (٣٦ و ٣٧) كَقَوْلِك الْكَفَالَةُ أَوْ الضَّمَانُ أَوْ الزَّعَامَةُ عَلَيَّ أَوْ كَقَوْلِك أَنَا قَبِيلٌ، وَحَمِيلٌ بِمَعْنَى كَفِيلٍ وَإِلَيَّ وَلَك عِنْدِي هَذَا الرَّجُلُ أَوْ عَلَيَّ أَنْ أُوَافِيَك بِهِ أَوْ عَلَيَّ أَنْ أَلْقَاك بِهِ أَوْ دَعْهُ إلَيَّ وَغَيْرُ ذَلِكَ. (التَّنْوِيرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالشَّلَبِيّ) . هَذِهِ الْمَادَّةُ تُوَافِقُ الْمَادَّتَيْنِ (١٦٨ و ٤٣٤) مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ كَفَلْت نَفْسَ هَذَا الرَّجُلِ أَوْ دَيْنَهُ أَوْ أَنَا كَفِيلٌ أَوْ ضَامِنٌ أَوْ أَنَا زَعِيمٌ أَوْ أَنَا أَلْتَزِمُ دَيْنَ فُلَانٍ أَوْ فَلْيَكُنْ هَذَا الرَّجُلُ وَهَذَا الدَّيْنُ عَلَيَّ تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ. وَحَذْفُ الْمَكْفُولِ بِهِ فِي الْمِثَالِ وَقَوْلُهُ (أَنَا كَفِيلٌ) عَلَى وَجْهِ الْإِطْلَاقِ يُرَادُ بِهِ التَّعْمِيمُ أَيْ أَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ تُسْتَعْمَلُ فِي الْكَفَالَةِ النَّفْسِيَّةِ كَمَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْكَفَالَةِ الْمَالِيَّةِ. فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ يَصِحُّ الضَّمَانُ بِهَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ ضَمَانِ النَّفْسِ وَضَمَانِ الْمَالِ يَعْنِي إذَا قَالَ ضَمِنْتُ زَيْدًا أَوْ أَنَا كَفِيلٌ بِهِ أَوْ هُوَ عَلَيَّ أَوْ إلَيَّ يَكُونُ كَفَالَةُ نَفْسٍ وَإِذَا قَالَ ضَمِنْتُ لَكَ مَالَكَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ أَوْ أَنَا كَفِيلٌ بِهِ إلَخْ فَهُوَ كَفَالَةُ مَالٍ قَطْعًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْكَفَالَةِ) .

كَذَلِكَ تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ فِيمَا لَوْ سَلَّمَ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ الْمَكْفُولَ بِهِ إلَى طَالِبِهِ وَقَالَ لِلْمَكْفُولِ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ (اُتْرُكْ الْمَكْفُولَ بِهِ فَإِنِّي بَاقٍ عَلَى كَفَالَتِي) . وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ إذَا تُوُفِّيَ فُلَانٌ وَلَمْ يَدْفَعْ إلَيْك مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ أَدْفَعُهُ إلَيْك، جَازَ وَتَنْعَقِدُ هَذِهِ الْكَفَالَةُ الْمَالِيَّةُ مُعَلَّقَةً. كَمَا أَنَّ الْكَفَالَةَ تَنْعَقِدُ بِقَوْلِ " أَنَا أَكْفُلُ فُلَانًا أَوْ نَفْسَهُ أَوْ أَنَّ فُلَانًا عَلَيَّ ".

تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ بِإِضَافَتِهَا إلَى أَحَدِ الْأَعْضَاءِ الَّتِي يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ الْكُلِّ كَالْبَدَنِ، وَالْعُنُقِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>