للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُفْهَمُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ السَّالِفَةِ أَنَّ قِسْمَةَ الرِّضَاءِ نَوْعَانِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ - هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ تَقْسِيمِ الْمُتَقَاسِمِينَ بِالذَّاتِ بِالرِّضَاءِ.

النَّوْعُ الثَّانِي - تَقْسِيمُ الْقَاضِي بِرِضَاءِ الْمُتَقَاسِمِينَ.

وَيُفْهَمُ مِنْ قَيْدِ (بِرِضَاءِ أَصْحَابِهِمْ) أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا فَلَا يَكُونُ حُكْمٌ لِرِضَائِهِ فَلِذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَنُوبَ أَحَدٌ عَنْهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١١٢٨) (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .

[الْمَادَّةُ (١١٢٢) قِسْمَةُ الْقَضَاءِ]

الْمَادَّةُ (١١٢٢) - (قِسْمَةُ الْقَضَاءِ هِيَ تَقْسِيمُ الْقَاضِي الْمِلْكَ الْمُشْتَرَكَ جَبْرًا وَحُكْمًا بِطَلَبِ بَعْضِ الْمَقْسُومِ لَهُمْ أَيْ بِطَلَبِ بَعْضِ أَصْحَابِ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ) .

قِسْمَةُ الْقَضَاءِ هِيَ تَقْسِيمُ الْقَاضِي الْمِلْكَ الْمُشْتَرَكَ جَبْرًا وَحُكْمًا بِطَلَبِ بَعْضِ الْمَقْسُومِ لَهُمْ. وَقَدْ تَفَنَّنَ فِي الْعِبَارَةِ فَلَمْ يَذْكُرْ عِبَارَةَ الْمُتَقَاسِمِينَ الْوَارِدَةَ فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ، وَتَعْبِيرُ (جَبْرًا) عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَذَلِكَ لَوْ كَانَ الشُّرَكَاءُ خَمْسَةَ أَشْخَاصٍ فَرَاجَعَ أَحَدُهُمْ الْقَاضِي أَوْ اثْنَانِ مِنْهُمْ أَوْ ثَلَاثَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ مِنْهُمْ وَطَلَبَ الْقِسْمَةَ لِامْتِنَاعِ الشُّرَكَاءِ الْآخَرِينَ فَيَقْسِمُ الْقَاضِي بَيْنَهُمْ.

وَقَدْ بُيِّنَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الْقَاضِيَ هُوَ الَّذِي يَقْسِمُ بَيْنَهُمْ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ التَّقْسِيمُ لَيْسَ قَضَاءً وَحُكْمًا حَقِيقَةً فَغَيْرُ مَفْرُوضٍ عَلَى الْقَاضِي مُبَاشَرَةُ الْقِسْمَةِ بِالذَّاتِ، وَعَلَيْهِ فَالْقَاضِي إنْ شَاءَ بَاشَرَ الْقِسْمَةَ بِالذَّاتِ وَإِنْ شَاءَ حَوَّلَ أَمْرَ التَّقْسِيمِ إلَى قَسَّامٍ لَكِنَّهُ مَفْرُوضٌ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُجْبِرَ الشَّرِيكَ الْمُمْتَنِعَ عَنْ الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْتَدِرُ غَيْرُ الْقَاضِي عَلَى الْجَبْرِ إلَّا أَنَّ الْقُضَاةَ فِي زَمَانِنَا يُبَاشِرُونَ الْقِسْمَةَ بِالذَّاتِ.

وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي جَوَازِ أَخْذِ الْقَاضِي أُجْرَةً مُقَابِلَةً عَمَلَهُ بِالتَّقْسِيمِ، فَقَدْ بُيِّنَ فِي الْمُتُونِ الْفِقْهِيَّةِ أَنَّ التَّقْسِيمَ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْقَضَاءِ حَقِيقَةً وَأَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَأْخُذَ مُقَابِلَ عَمَلِهِ فِي التَّقْسِيمِ أُجْرَةً أَيْ أَجْرَ مِثْلِهِ أَيْ أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْقِسْمَةُ غَيْرَ مَعْدُودَةٍ مِنْ الْقَضَاءِ حَقِيقَةً فَغَيْرُ مَفْرُوضٍ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُبَاشِرَ الْقِسْمَةَ بِالذَّاتِ بَلْ أَنَّ الْمَفْرُوضَ عَلَيْهِ أَنْ يُجْبِرَ الْمُمْتَنِعَ عَنْ الْقِسْمَةِ فَقَطْ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْإِجْبَارُ عَلَى الْقِسْمَةِ مُمْكِنًا مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي فَأَصْبَحَتْ الْقِسْمَةُ مُشَابِهَةً لِلْقَضَاءِ وَالْحُكْمِ فَلِذَلِكَ يُسْتَحَبُّ عَدَمُ أَخْذِ أُجْرَةٍ عَلَى ذَلِكَ (الْعِنَايَةُ) .

وَقَدْ بُيِّنَ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ الْأُخْرَى كَالْخُلَاصَةِ والوهبانية أَنَّ التَّقْسِيمَ هُوَ مِنْ جِنْسِ عَمَلِ الْقَضَاءِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَخْذُ أُجْرَةٍ.

مِقْدَارُ الْأُجْرَةِ هِيَ رُبْعُ عُشْرِ الْأَمْوَالِ الْمَقْسُومَةِ، أَيْ جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعِينَ مِنْ قِيمَةِ الْمَقْسُومِ (مِنْ فَتَاوَى اللَّامِشِيِّ وَيَحْيَى أَفَنْدِي فِي الْقِسْمَةِ) . وَيُعْمَلُ الْيَوْمَ فِي الْمَحَاكِمِ الشَّرْعِيَّةِ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ.

لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَأْخُذَ أُجْرَةً مُقَابِلَ حُكْمِهِ وَقَضَائِهِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْقَاضِي فَرْضٌ وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (٤٥٧) أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَخْذُ أُجْرَةٍ مُقَابِلَ عَمَلٍ مَفْرُوضٍ، وَإِذَا أَخَذَ يَكُونُ الْمَأْخُوذُ رِشْوَةً وَحُكْمُهُ بَاطِلٌ.

اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي أُجْرَةِ الْقِسْمَةِ: إذَا أَخَذَ الْقَاسِمُ أُجْرَةً مُقَابِلَ عَمَلِ التَّقْسِيمِ فَتَكُونُ هَذِهِ الْأُجْرَةُ عَلَى نِسْبَةِ عَدَدِ الرُّءُوسِ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ هِيَ مُقَابِلَةٌ لِلتَّمْيِيزِ وَالتَّمْيِيزُ قَدْ يَكُونُ صَعْبًا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>