[الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي حَقِّ التَّوَاتُرِ] [ (الْمَادَّةُ ١٧٣٢) لَا اعْتِبَارَ لِكَثْرَةِ الشُّهُودِ]
ِ الْمَادَّةُ (١٧٣٢) (لَا اعْتِبَارَ لِكَثْرَةِ الشُّهُودِ يَعْنِي لَا يَلْزَمُ تَرْجِيحُ شُهُودِ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ لِكَثْرَتِهِمْ بِالنِّسْبَةِ إلَى شُهُودِ الطَّرَفِ الْآخَرِ إلَّا أَنْ تَكُونَ كَثْرَتُهُمْ قَدْ بَلَغَتْ دَرَجَةَ التَّوَاتُرِ) لَا اعْتِبَارَ لِكَثْرَةِ الشُّهُودِ أَوْ لِزِيَادَةِ عَدَالَتِهِمْ يَعْنِي لَا يَلْزَمُ تَرْجِيحُ شُهُودِ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ لِكَثْرَتِهِمْ أَوْ لِزِيَادَةِ عَدَالَتِهِمْ بِالنِّسْبَةِ إلَى شُهُودِ الطَّرَفِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ التَّرْجِيحَ لَا يَكُونُ بِكَثْرَةِ الدَّلِيلِ بَلْ يَكُونُ بِالْوَصْفِ الْمُؤَكَّدِ وَلَا يُسَوَّغُ التَّرْجِيحُ بِاَلَّذِي يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً بِانْفِرَادِهِ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي الشُّهُودِ أَصْلُ الْعَدَالَةِ وَبِمَا أَنَّ أَصْلَ الْعَدَالَةِ غَيْرُ قَابِلٍ لِلتَّحْدِيدِ فَلَا تَكُونُ زِيَادَةُ الْعَدَالَةِ سَبَبًا لِلتَّرْجِيحِ فَلِذَلِكَ:
(أَوَّلًا) لَا يَتَرَجَّحُ قِيَاسٌ بِانْضِمَامِ قِيَاسٍ آخَرَ عَلَيْهِ.
(ثَانِيًا) إذَا تَنَازَعَ خَارِجٌ وَذُو يَدٍ فِي مَالٍ وَأَقَامَ الْخَارِجُ شَاهِدَيْنِ وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ ثَلَاثَةَ شُهُودٍ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَثْبَتَا مُدَّعَاهُمَا فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٧٥٧) وَلَا تُوجِبُ كَثْرَةُ شُهُودِ ذِي الْيَدِ تَرْجِيحَ بَيِّنَتِهِ.
(ثَالِثًا) لَا يُرَجَّحُ صَاحِبُ الْجِرَاحَاتِ عَلَى صَاحِبِ الْجِرَاحَةِ الْوَاحِدَةِ، مَثَلًا لَوْ جَرَحَ أَحَدٌ آخَرَ خَمْسَةَ جُرُوحٍ وَجَرَحَهُ آخَرُ جُرْحًا وَاحِدًا وَتُوُفِّيَ ذَلِكَ الشَّخْصُ مِنْ تِلْكَ الْجُرُوحِ فَإِذَا كَانَ الْجُرْحُ خَطَأً فَيُؤَدِّي الْجَارِحَانِ دِيَةَ الْمَقْتُولِ مُنَاصَفَةً.
(رَابِعًا) إنَّ الشُّفْعَةَ تُقَسَّمُ عَلَى الشُّفَعَاءِ الْمُتَعَدِّدِينَ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ وَلَا تُقَسَّمُ عَلَى مِقْدَارِ سِهَامِهِمْ (كَشْفُ الْأَسْرَارِ) .
إلَّا أَنْ تَكُونَ كَثْرَةُ الشُّهُودِ قَدْ بَلَغَتْ دَرَجَةَ التَّوَاتُرِ فَفِي تِلْكَ الْحَالِ يُرَجَّحُ التَّوَاتُرُ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَكُونُ التَّرْجِيحُ لِكَثْرَةِ الشُّهُودِ بَلْ لِقُوَّةِ الدَّلِيلِ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إنَّ قُوَّةَ الدَّلِيلِ هِيَ الْبَاعِثُ لِلتَّرْجِيحِ فَلِذَلِكَ:
أَوَّلًا: إنَّ بَيِّنَةَ التَّوَاتُرِ مُرَجَّحَةٌ عَلَى الْبَيِّنَةِ الْعَادِيَةِ؛ لِأَنَّ التَّوَاتُرَ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ يُفِيدُ عِلْمَ الْيَقِينِ، أَمَّا شَهَادَةُ الشُّهُودِ فَلَا يُفِيدُ عِلْمَ الْيَقِينِ.
(ثَانِيًا) لَوْ قَطَعَ أَحَدٌ ذِرَاعَ زَيْدٍ وَقَطَعَ آخَرُ رَأْسَهُ فَالْقَاتِلُ هُوَ قَاطِعُ الرَّأْسِ وَلَا يَكُونُ قَاطِعُ الذِّرَاعِ قَاتِلًا؛ لِأَنَّ قَطْعَ الْيَدِ وَقَطْعَ الرَّقَبَةِ وَإِنْ كَانَا عِلَّةً لِهَذَا الْقَتْلِ إلَّا أَنَّ قَطْعَ الرَّقَبَةِ أَقْوَى؛ لِأَنَّ الْحَيَاةَ مُمْكِنَةٌ بَعْدَ قَطْعِ الْيَدِ إلَّا أَنَّهَا غَيْرُ مُمْكِنَةٍ بَعْدَ قَطْعِ الرَّقَبَةِ وَلَا يُتَوَهَّمُ بِهَا (كَشْفُ الْأَسْرَارِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute