للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُوَ تَوْبَةٌ عَنْ كَبِيرَةِ الشَّهَادَةِ الْكَاذِبَةِ وَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ التَّوْبَةُ بِحَسَبِ الْجِنَايَةِ وَلَا اعْتِبَارَ لِرُجُوعِ الشُّهُودِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْقَاضِي وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى هَذَا الرُّجُوعِ تَعْزِيرٌ وَتَشْهِيرٌ أَوْ ضَمَانٌ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ الشُّهُودُ فِي حُضُورِ الْمَحْكَمَةِ فَلَا اعْتِبَارَ لِذَلِكَ الرُّجُوعِ الْحَمَوِيُّ.

بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ رُجُوعَ الشُّهُودِ عَنْ شَهَادَتِهِمْ فِي مَحَلٍّ آخَرَ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهُ حَسَبُ الْمَادَّةِ (١٦٣٠) يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَحْكُومًا وَمُلْزَمًا بِشَيْءٍ عَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِ الدَّعْوَى فَإِذَا ثَبَتَ بِأَنَّ الشُّهُودَ قَدْ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ فِي غَيْرِ حُضُورِ الْقَاضِي فَلَا يَلْزَمُ الشُّهُودَ شَيْءٌ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا تُقَامُ الْبَيِّنَةُ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى كَمَا أَنَّهُ لَا يُحَلِّفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ الشُّهُودَ؛ لِأَنَّ ادِّعَاءَ وُقُوعِ الرُّجُوعِ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي هُوَ ادِّعَاءٌ لِلرُّجُوعِ الْبَاطِلِ، وَالْبَيِّنَةُ وَالْيَمِينُ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالشِّبْلِيُّ) .

فَلِذَلِكَ إذَا رَجَعَ الشُّهُودُ فِي مَحَلٍّ غَيْرِ حُضُورِ الْقَاضِي وَأَقَرُّوا بِأَنَّ الْمَحْكُومَ بِهِ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِمْ ثُمَّ أَنْكَرُوا الرُّجُوعَ أَوْ الْإِقْرَارَ فَلَا تُقَامُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الرُّجُوعِ وَلَا عَلَى الْإِقْرَارِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) .

مُسْتَثْنًى: إذَا ادَّعَى الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنَّ الشُّهُودَ قَدْ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ فِي مَحَلٍّ غَيْرِ حُضُورِ الْقَاضِي فَأَقَرَّ الشُّهُودُ فِي حُضُورِ الْقَاضِي بِأَنَّهُمْ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ أَوْ أَنَّهُمْ أَنْكَرُوا إقْرَارَهُمْ الْمَشْرُوعَ أَيْ إقْرَارَهُمْ فِي حُضُورِ الْقَاضِي بِذَلِكَ وَأَثْبَتَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ هَذَا الْإِقْرَارَ يُقْبَلُ وَيُعَدُّ إنْشَاءً فِي الْحَالِ (الزَّيْلَعِيّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَأَبُو السُّعُودِ) .

وَإِذَا شَهِدُوا فِي حُضُورِ الْقَاضِي ثُمَّ رَجَعُوا بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ شَهَادَتِهِمْ فِي حُضُورِ قَاضٍ آخَرَ يُعْتَبَرُ رُجُوعُهُمْ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) .

إنَّ دَعْوَى الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي بَعْدَ الشَّهَادَةِ تُقْبَلُ مَعَ حُكْمِ الضَّمَانِ وَإِلَّا فَلَا الشِّبْلِيُّ مَثَلًا أَنْ يَدَّعِيَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّ هَؤُلَاءِ الشُّهُودَ قَدْ شَهِدُوا عَلَيَّ فِي حُضُورِ الْقَاضِي الْفُلَانِيِّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَدْ حَكَمَ الْقَاضِي الْمَذْكُورُ عَلَيَّ بِمُوجَبِ شَهَادَتِهِمْ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ هَذِهِ فِي حُضُورِ قَاضٍ آخَرَ وَقَدْ حَكَمَ لِي الْقَاضِي عَلَى هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ بِضَمَانِ الْمَشْهُودِ بِهِ وَادَّعَى ذَلِكَ فِي حُضُورِ قَاضٍ ثَالِثٍ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ، وَإِذَا عَجَزَ عَنْ الْإِثْبَاتِ يَتَوَجَّبُ الْيَمِينُ أَمَّا إذَا لَمْ يَدَّعِ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ الْحُكْمَ بِالضَّمَانِ بَلْ ادَّعَى الرُّجُوعَ الْوَاقِعَ أَمَامَ الْقَاضِي الثَّانِي فَلَا تُقْبَلُ الدَّعْوَى وَلَا يُحَلِّفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ الشُّهُودَ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِيَ عَشَرَ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>