الْبِضَاعَةِ هُنَا الِاسْتِعَانَةُ وَلَيْسَتْ الْبِضَاعَةُ الْحَقِيقِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ فِي هَذِهِ الْمُعَامَلَةِ مَعْنَى الْبِضَاعَةِ الْحَقِيقِيَّةِ (الْبَحْرُ) وَالْحُكْمُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فِيمَا إذَا سَلَّمَ جَمِيعَ رَأْسِ الْمَالِ إلَى رَبِّ الْمَالِ أَوْ سَلَّمَ إلَيْهِ بَعْضَهُ وَلَكِنْ يَجِبُ فِي هَذَا الْحَالِ أَنْ يَكُونَ رَبُّ الْمَالِ قَدْ سَلَّمَ رَأْسَ الْمَالِ إلَى الْمُضَارِبِ ثُمَّ سَلَّمَ الْمَالَ لِرَبِّ الْمَالِ، أَمَّا إذَا أَعْطَى الْمُضَارِبُ رَأْسَ الْمَالِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِصُورَةِ الْبِضَاعَةِ فَلَا يَجُوزُ أَيْ تَكُونُ الْمُعَامَلَةُ الثَّانِيَةُ فَاسِدَةً وَتَبْقَى الْمُضَارَبَةُ الْأُولَى عَلَى حَالِهَا حَيْثُ يُشْتَرَطُ تَسْلِيمُ رَأْسَ الْمَالِ إلَى الْمُضَارِبِ؛ لِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ تَنْعَقِدُ شَرِكَةً عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَعَمَلِ الْمُضَارِبِ وَلَا مَالَ هَهُنَا.
وَلَوْ جَازَتْ الْمُضَارَبَةُ الثَّانِيَةُ لَأَدَّتْ إلَى قَلْبِ الْمَوْضُوعِ وَإِذَا لَمْ تَصِحَّ بَقِيَ عَمَلُ رَبِّ الْمَالِ بِأَمْرِ الْمُضَارِبِ فَلَا تَبْطُلُ الْأُولَى (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) وَتَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا أَنَّهُ شَرْطُ ابْتِدَاءٍ فَهُوَ شَرْطُ بَقَاءٍ أَيْضًا، فَلِذَلِكَ إذَا أَخَذَ رَبُّ الْمَالِ مَالَ الْمُضَارَبَةِ بِلَا إذْنِ الْمُضَارِبِ وَبَاعَ وَاشْتَرَى بَطَلَتْ الْمُضَارَبَةُ، هَذَا إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ نَقْدًا إذْ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ عَامِلًا لِنَفْسِهِ وَلَا يَكُونُ مُعِينًا لِلْمُضَارِبِ وَإِذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ فِي حَالَةِ عُرُوضٍ فَلَا يَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ نَقْضُ الْمُضَارَبَةِ صَرَاحَةً. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٤٢٤) وَلَيْسَ لَهُ أَيْضًا نَقْضُهَا دَلَالَةً، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ جَازَ مُسْتَحَقًّا لِلْمُضَارِبِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَمْلِكُ رَبُّ الْمَالِ مَنْعَهُ فَرَبُّ الْمَالِ فِي ذَلِكَ يَكُونُ مُعِينًا لَهُ سَوَاءٌ بَاشَرَهُ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، وَكُلُّ تَصَرُّفٍ يُمْكِنُ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَمْنَعَ الْمُضَارِبَ مِنْهُ فَرَبُّ الْمَالِ فِي ذَلِكَ التَّصَرُّفِ يَكُونُ عَامِلًا لِنَفْسِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِأَمْرِ الْمُضَارِبِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ مُعِينًا لَهُ وَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا بَاعَ رَبُّ الْمَالِ الْعُرُوضَ بِنَقْدٍ آخَرَ وَاشْتَرَى عُرُوضًا بِهَا فَلِلْمُضَارِبِ أَخْذُ حِصَّتِهِ فِي الرِّبْحِ مِنْ الْعُرُوضِ الْأُولَى وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ حِصَّتِهِ فِي الرِّبْحِ مِنْ الْعُرُوضِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمَّا بَاعَ الْعُرُوضَ وَحَوَّلَهَا إلَى نَقْدٍ نَقَضَ الْمُضَارَبَةَ وَاشْتِرَاؤُهُ بَعْدَ ذَلِكَ عُرُوضًا يَكُونُ لِنَفْسِهِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَبِعْ رَبُّ الْمَالِ عُرُوضَ الْمُضَارَبَةِ بِنَقْدٍ وَبَاعَهَا بِعُرُوضٍ أُخْرَى أَوْ مُقَابِلَ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ وَرَبِحَ فَيَجِبُ تَقْسِيمُ هَذَا الرِّبْحِ بَيْنَ رَبِّ الْمَالِ وَالْمُضَارِبِ حَسْبَ الشَّرْطِ الْوَاقِعِ بَيْنَهُمَا (الْبَحْرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالتَّكْمِلَةُ)
[ (الْمَادَّةُ ١٤١١) كَوْنُ رَأْسُ الْمَالِ مَعْلُومًا]
الْمَادَّةُ (١٤١١) - (يُشْتَرَطُ فِي الْمُضَارَبَةِ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مَعْلُومًا كَشَرِكَةِ الْعَقْدِ أَيْضًا وَتَعْيِينُ حِصَّةِ الْعَاقِدَيْنِ مِنْ الرِّبْحِ جُزْءًا شَائِعًا كَالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ وَلَكِنْ إذَا ذُكِرَتْ الشَّرِكَةُ عَلَى الْإِطْلَاقِ بِأَنْ قِيلَ مَثَلًا " الرِّبْحُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَنَا " يُصْرَفُ إلَى الْمُسَاوَاةِ) يُشْتَرَطُ فِي الْمُضَارَبَةِ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مَعْلُومًا عِنْدَ الْعَاقِدَيْنِ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ أَثْنَاءَ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ أَوْ بِالتَّسْمِيَةِ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ كَشَرِكَةِ الْعَقْدِ أَيْضًا وَتَعْيِينُ حِصَّةِ الْعَاقِدَيْنِ مِنْ الرِّبْحِ جُزْءًا شَائِعًا كَالنِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ أَيْ بِصُورَةٍ لَا تَقْطَعُ الشَّرِكَةَ يُذْكَرُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ ضِمْنًا وَصَرَاحَةً خَمْسَةُ شُرُوطٍ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute