للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْمُسْتَعِيرِ صَلَاحِيَّةً فِي ذَلِكَ. مَثَلًا لَوْ رَكِبَ الْمُسْتَعِيرُ أَوَّلًا ثُمَّ أَرْكَبَ غَيْرَهُ وَتَلِفَ الْفَرَسُ فَقَدْ قَالُوا بِعَدَمِ الضَّمَانِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (٩١) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَعَارَ أَحَدٌ الْفَرَسَ الْمَذْكُورَ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ وَرَكِبَهُ وَتَلِفَ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اسْتَعْمَلَهُ بِإِذْنِ الْمُسْتَعِيرِ وَتَمْلِيكِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ رَكِبَهُ هُوَ بَعْدَ أَنْ أَرْكَبَهُ غَيْرَهُ وَتَلِفَ فَبِطَرِيقِ الْأَوْلَوِيَّةِ لَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ قَدْ اسْتَعْمَلَ الْمَنَافِعَ لِكَوْنِهِ مَالِكًا لَهَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لَهَا لَمَا اسْتَطَاعَ تَمْلِيكَهَا لِلْغَيْرِ. (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ، وَقَاضِي خَانْ) .

وَعَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ تُشِرْ الْمَجَلَّةُ إلَى اخْتِيَارِهَا أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ فَقَدْ اخْتَارَتْ الْمُتُونُ الْفِقْهِيَّةُ كَالْمُنْتَقَى وَالْهِدَايَةِ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ كَمَا أَنَّ الْكَافِيَ وَالزَّيْلَعِيّ قَالَا بِصِحَّةِ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ فَلِذَلِكَ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ. وَالْحَالُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِي الْإِجَارَةِ هِيَ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٥٥٢) وَعَلَيْهِ يَجِبُ إيجَادُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْإِحَارَةِ وَالْإِعَارَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَمَّا كَانَتْ مِنْ الْمُعَاوَضَاتِ فَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُمَاكَسَةِ.

أَمَّا الْإِعَارَةُ فِيمَا أَنَّهَا مِنْ التَّبَرُّعَاتِ فَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَةِ.

وَرَدَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ (بِلَا تَعْيِينِ الْمُنْتَفِعِ) ؛ لِأَنَّ الْمُنْتَفِعَ إذَا تَعَيَّنَ فَلَيْسَ لِغَيْرِ الْمُسْتَعِيرِ الِانْتِفَاعُ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. مَثَلًا لَوْ عَيَّنَ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْمُسْتَعَارَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِأَجِيرِهِ فُلَانٍ كَانَ ذَلِكَ مُعْتَبَرًا وَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُخَالِفَ هَذَا التَّعَيُّنَ.

[ (الْمَادَّةُ ٨٢٠) تَعْيِينُ الْمُنْتَفِعِ فِي إعَارَةِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ]

(الْمَادَّةُ ٨٢٠) (يُعْتَبَرُ تَعْيِينُ الْمُنْتَفِعِ فِي إعَارَةِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي إعَارَةِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهِ إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُعِيرُ نَهَى الْمُسْتَعِيرَ عَنْ أَنْ يُعْطِيَهُ لِغَيْرِهِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُعِيرَهُ لِآخَرَ لِيَسْتَعْمِلَهُ. مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ: أَعَرْتُك هَذَا الْفَرَسَ لِتَرْكَبَهُ أَنْتَ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُرْكِبَ خَادِمَهُ إيَّاهُ. وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ: أَعَرْتُك هَذَا الْبَيْتَ لِتَسْكُنَهُ أَنْتَ، كَانَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَسْكُنَهُ وَأَنْ يُسْكِنَ فِيهِ غَيْرَهُ، لَكِنْ إذَا قَالَ لَهُ أَيْضًا: لَا تُسْكِنْ فِيهِ غَيْرَك فَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يُسْكِنَ فِيهِ غَيْرَهُ) .

يُعْتَبَرُ تَعْيِينُ الْمُنْتَفِعِ فِي إعَارَةِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الْإِجَارَةِ حَسَبَ مَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (٤٢٧) ؛ لِأَنَّ الْمُعِيرَ يَكُونُ رَاضِيًا بِاسْتِعْمَالِ الشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي عَيَّنَهُ بِعَقْدِ الْإِعَارَةِ وَلَمْ يَرْضَ بِاسْتِعْمَالِ شَخْصٍ آخَرَ لَهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) كَرُكُوبِ الدَّابَّةِ وَلُبْسِ الثَّوْبِ فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ مُخَالَفَةُ التَّعْيِينِ الْمَذْكُورِ وَالسَّبَبُ فِي اعْتِبَار التَّعْيِينِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ هُوَ احْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ الثَّانِي أَيْ فِعْلُ الْمُسْتَعِيرِ الثَّانِي أَكْثَرَ ضَرَرًا مِنْ فِعْلِ الْمُسْتَعِيرِ الْأَوَّلِ وَلَمَّا كَانَ الْمُعِيرُ رَاضِيًا بِاسْتِعْمَالِ الْمُسْتَعِيرِ وَغَيْرَ رَاضٍ بِاسْتِعْمَالِ غَيْرِهِ فَلَزِمَ اعْتِبَارُ التَّعْيِينِ لِدَفْعِ زِيَادَةِ الضَّرَرِ عَنْ الْمُعِيرِ (الْكِفَايَةُ وَالْهِدَايَةُ) .

وَلَيْسَ تَعْيِينُ الِانْتِفَاعِ فِي الْإِعَارَةِ مُعْتَبَرًا فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ كَمَا هُوَ الْحَالُ أَيْضًا فِي الْإِجَارَةِ حَسَبَ مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (٤٢٨) ؛ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَدِيمُ الْفَائِدَةِ كَحِمْلِ الدَّابَّةِ وَسُكْنَى الدَّارِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>