عَلَى خَطَرٍ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ كَأَنَّمَا يَقُولُ لِلْمُشْتَرِي: إذَا وَقَعَ الْحَجَرُ عَلَى مَتَاعٍ فَقَدْ بِعْته لَك وَمِثْلُ هَذَا الْبَيْعِ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا اتَّضَحَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ ٨٧
[ (الْمَادَّةُ ٢١٤) بَيْعُ حِصَّةٍ شَائِعَةٍ مَعْلُومَةٍ]
(الْمَادَّةُ ٢١٤) :
بَيْعُ حِصَّةٍ شَائِعَةٍ مَعْلُومَةٍ كَالثُّلُثِ وَالنِّصْفِ وَالْعُشْرِ مِنْ عَقَارٍ مَمْلُوكٍ قَبْلَ الْإِفْرَازِ صَحِيحٌ.
مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا بَاعَ إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ حِصَّتَهُ فِي الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ فَإِذَا كَانَ الْآخَرُ عَالِمًا بِمِقْدَارِ حِصَّتِهِ فِي تِلْكَ الدَّارِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ إنْ كَانَ الْبَائِعُ أَيْضًا عَالِمًا بِمِقْدَارِ حِصَّتِهِ أَوْ مُصَدِّقًا لِلْمُشْتَرِي فِيمَا بَيَّنَهُ مِنْ مِقْدَارِ حِصَّتِهِ، أَمَّا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي لَا يَعْرِفُ الْحِصَّةَ فَالْبَيْعُ غَيْرُ صَحِيحٍ سَوَاءٌ أَكَانَ الْبَائِعُ يَعْرِفُ تِلْكَ الْحِصَّةَ أَمْ لَا يَعْرِفُهَا (الْهِنْدِيَّةُ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٢٠٠) .
وَتَحْتَ حُكْمِ هَذِهِ الْمَادَّةِ الصُّورَتَانِ الْآتِيَتَانِ:
الْأُولَى أَنْ يَكُونَ الْعَقَارُ جَمِيعُهُ مِلْكًا لِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ فَيَبِيعَ ثُلُثَهُ وَيُبْقِيَ ثُلُثَيْهِ.
الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ الْعَقَارُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا النِّصْفُ مَثَلًا فَيَبِيعُ أَحَدُهُمَا نِصْفَ حِصَّتِهِ الشَّائِعَةِ مِنْ آخَرَ فَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ يَصِحُّ الْبَيْعُ إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِالْحِصَّةِ وَعِنْدَ الثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ، وَلَوْ كَانَتْ الْحِصَّةُ مَجْهُولَةً وَيُسْتَفَادُ مِنْ تَعْبِيرِ الْمَجَلَّةِ
(بِمَعْلُومٍ) أَنَّهَا اخْتَارَتْ قَوْلَ الطَّرَفَيْنِ إلَّا أَنَّهُ فِي الْبَيْعِ لِأَجْنَبِيٍّ يَكُونُ لِلشَّرِيكِ حَقُّ الشُّفْعَةِ وَلَا يُسْتَغْنَى بِهَذِهِ الْمَادَّةِ عَنْ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ؛ لِأَنَّ الْمَادَّةَ الْآتِيَةَ أَعَمُّ مِنْ مِلْكِ الْعَقَارِ وَالْمَنْقُولِ وَغَايَةُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّ الْعَامَّ قَدْ ذُكِرَ بَعْدَ الْخَاصِّ فَلَا يَخْلُو مِنْ تَكْرَارٍ وَلَوْ أَنَّ الْمَجَلَّةَ حَذَفَتْ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ لَفْظَةَ (الْعَقَارِ) لَأَفَادَتْ مَعْنَى الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ وَأَغْنَتْ عَنْهَا كُلَّ الْإِغْنَاءِ وَقَدْ أَوْضَحْنَا فِي شَرْحِ الْمَادَّتَيْنِ ١٣٨ و ١٣٩ أَنَّ الْحِصَّةَ الشَّائِعَةَ هِيَ السَّارِيَةُ فِي جُزْءٍ مِنْ الْمِلْكِ وَعَلَى ذَلِكَ لَا تَكُونُ إلَّا قَبْلَ الْإِفْرَازِ فَعِبَارَةُ (حِصَّةٍ شَائِعَةٍ) تُغْنِي عَنْ عِبَارَةِ (قَبْلَ الْإِفْرَازِ) كَمَا أَنَّ الثَّانِيَةَ تُغْنِي عَنْ الْأُولَى.
وَعَلَى ذَلِكَ يَجُوزُ لِمَنْ يَمْلِكُ مِلْكًا مُشْتَرَكًا مَشَاعًا مَعَ آخَرَ أَنْ يَبِيعَ نِصْفَهُ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَهَذَا النِّصْفُ يَنْصَرِفُ إلَى مَا يَمْلِكُهُ الْبَائِعُ مِنْ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ يَكُونُ الْبَيْعُ صَحِيحًا وَنَافِذًا؛ لِأَنَّ الْأَوْلَى حَمْلُ تَصَرُّفِ الْإِنْسَانِ عَلَى الْجَوَازِ مَا أَمْكَنَ أَمَّا إذَا بَاعَ فُضُولِيٌّ نِصْفَ مَالٍ شَائِعٍ فَالْبَيْعُ يَنْصَرِفُ إلَى نَصِيبِ الشَّرِيكَيْنِ فِي تِلْكَ الدَّارِ؛ لِأَنَّهُ لَا مُرَجِّحَ لِصَرْفِهِ إلَى حِصَّةِ أَحَدِهِمَا دُونَ حِصَّةِ الْآخَرِ فَإِذَا أَجَازَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بَيْعَ ذَلِكَ الْفُضُولِيِّ فَالْبَيْعُ يَنْصَرِفُ إلَى حِصَّةِ الْمُجِيزِ وَهِيَ النِّصْفُ عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّانِي وَحِكْمَةُ الْقَوْلِ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ مُنْصَرِفٌ إلَى نِصْفِ كُلِّ حِصَّةٍ مِنْ حِصَّتَيْ الشَّرِيكَيْنِ أَيْ إلَى رُبْعِ جُمْلَةِ الْمَبِيعِ فَكَيْفَ يُصْرَفُ إلَى حِصَّةِ الْمُجِيزِ كُلِّهَا، وَلَوْ قُلْنَا إنَّ الْإِجَازَةَ اللَّاحِقَةَ بِمَنْزِلَةِ الْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ أَيْضًا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْبَائِعُ الشَّرِيكَ نَفْسَهُ انْصَرَفَ الْبَيْعُ إلَى نِصْفِ حِصَّتِهِ فَقَطْ فَإِجَازَةُ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ فِي ذَلِكَ لَمْ تَكُنْ إلَّا بِمَنْزِلَةِ التَّوْكِيلِ لِذَلِكَ الْفُضُولِيِّ وَعِنْدَ الْإِمَامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute