للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا أَنَّ لِلْبَالِغِ أَنْ يُصَالِحَ بِالْإِمْهَالِ وَالتَّأْجِيلِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (١٥٥٣) .

مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ عَلَى آخَرَ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ دَيْنًا، وَبَعْدَ أَنْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ تَصَالَحَ مَعَ الصَّبِيِّ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ بَعْدَ سِتَّةِ شُهُورٍ كَانَ صَحِيحًا، وَلِلصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ حَسَبَ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنْ يُصَالِحَ عَلَى حَطِّ وَتَنْزِيلِ مِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ، وَعَلَيْهِ لَوْ ظَهَرَ عَيْبٌ قَدِيمٌ فِي الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ، وَأَرَادَ الْمُشْتَرِي رَدَّهُ بِخِيَارِ الْعَيْبِ فَلِلصَّبِيِّ أَنْ يَعْقِدَ الصُّلْحَ بِحَطِّ وَتَنْزِيلِ بَعْضِ الثَّمَنِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الصُّلْحُ بِحَطِّ الثَّمَنِ بِدُونِ وُجُودِ عَيْبٍ كَمَا بَيَّنَ آنِفًا.

إنَّ قَيْدَ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ هُوَ قَيْدٌ احْتِرَازِيٌّ.

لِأَنَّ الصَّبِيَّ إذَا كَانَ مَحْجُورًا لَا يَصِحُّ صُلْحُهُ بَلْ إنَّ لِأَبِيهِ أَوْ لِجَدِّهِ أَوْ لِوَصِيِّهِ الصُّلْحَ عَنْهُ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) .

وَإِذَا صَالَحَ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ دَيْنِهِ، وَكَانَتْ لَدَيْهِ بَيِّنَةٌ عَلَى إثْبَاتِ دَيْنِهِ فَلَا يَصِحُّ صُلْحُهُ.

لِأَنَّ فِي هَذَا الصُّلْحِ ضَرَرًا بَيِّنًا، وَجِهَتُهُ تَرْكُ مِقْدَارٍ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ، وَعَلِمَ أَنَّ خَصْمَهُ سَيَحْلِفُ الْيَمِينَ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الصُّلْحِ ضَرَرٌ بَلْ فِيهِ نَفْعٌ؛ لِأَنَّ الْمَالَ أَوْلَى مِنْ الْيَمِينِ، وَإِنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا فَصَالَحَ عَلَى مِقْدَارِ قِيمَتِهِ يَصِحُّ، وَلَوْ كَانَ لَدَيْهِ بَيِّنَةٌ أَوْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِرًّا؛ لِأَنَّ هَذَا الصُّلْحَ يَتَضَمَّنُ الْمُبَادَلَةَ، وَالصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ هُوَ أَهْلٌ لِلتِّجَارَةِ وَالْمُبَادَلَةِ، وَلَكِنْ إذَا صَالَحَ عَلَى نُقْصَانٍ فَاحِشٍ عَنْ قِيمَةِ ذَلِكَ الْمَالِ لَا يَصِحُّ.

لِأَنَّ فِي هَذَا الصُّلْحِ ضَرَرًا بَيِّنًا.

سُؤَالٌ - مَا دَامَ أَنَّ هَذَا الصُّلْحَ هُوَ مُبَادَلَةٌ وَتِجَارَةٌ، وَكَانَ بَيْعُ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ جَائِزًا كَمَا ذُكِرَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٩٧٣) فَكَانَ مِنْ اللَّازِمِ جَوَازُ صُلْحِ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ بِنُقْصَانٍ فَاحِشٍ مِنْ قِيمَةِ ذَلِكَ الْمَالِ فَمَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ الْبَيْعِ وَبَيْنَ هَذَا الصُّلْحِ؟ .

[ (الْمَادَّةُ ١٥٤٠) إذَا صَالَحَ وَلِيُّ الصَّبِيِّ عَنْ دَعْوَاهُ]

الْمَادَّةُ (١٥٤٠) - (إذَا صَالَحَ وَلِيُّ الصَّبِيِّ عَنْ دَعْوَاهُ يَصِحُّ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ فَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ لَا يَصِحُّ، فَلِذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى صَبِيٍّ كَذَا دَرَاهِمَ وَصَالَحَ أَبُوهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ كَذَا دَرَاهِمَ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ يَصِحُّ إنْ كَانَتْ بَيِّنَةٌ لَدَى الْمُدَّعِي. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَدَيْهِ بَيِّنَةٌ لَا يَصِحُّ، وَإِذَا كَانَ لِلصَّبِيِّ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ آخَرَ، وَصَالَحَهُ أَبُوهُ بِحَطِّ وَتَنْزِيلِ مِقْدَارٍ مِنْهُ لَا يَصِحُّ صُلْحُهُ إنْ كَانَتْ لَدَيْهِ بَيِّنَةٌ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ لَدَيْهِ بَيِّنَةٌ، وَكَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الْمَدِينَ سَيَحْلِفُ الْيَمِينَ فَيَصِحُّ الصُّلْحُ حِينَئِذٍ وَيَصِحُّ صُلْحُ وَلِيِّ الصَّبِيِّ عَلَى مَالٍ تُسَاوِي قِيمَتُهُ مِقْدَارَ مَطْلُوبِهِ، وَلَكِنْ إذَا وُجِدَ غَبْنٌ فَاحِشٌ لَا يَصِحُّ) .

إذَا صَالَحَ وَلِيُّ الصَّبِيِّ كَأَبِيهِ أَوْ جَدِّهِ عَنْ دَعْوَى الصَّبِيِّ أَوْ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ عَنْ دَعْوَى الْوَقْفِ أَوْ وَصِيُّ الصَّغِيرِ سَوَاءٌ كَانَ هَذَا الصُّلْحُ فِي عَقَارٍ أَوْ مَنْقُولٍ أَوْ فِي غَيْرِهِمَا يَصِحُّ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ لِلصَّبِيِّ أَوْ الْوَقْفِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>