الْجَوَابُ: هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ بَابِ الِالْتِزَامِ؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَ الْكَلَامِ " ابْنِ فِي هَذِهِ الْعَرْصَةِ وَإِنِّي لَتَارِكُهَا فِي يَدِك لِلْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ وَإِذَا لَمْ أَتْرُكْهَا فَإِنِّي ضَامِنٌ لِبِنَائِك.
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي لُزُومِ الضَّمَانِ فِيمَا إذَا ضُبِطَتْ الْأَرْضُ فِي الْعَارِيَّةِ الْمُؤَقَّتَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ وَأَصْبَحَ الْمُسْتَعِيرُ مُجْبَرًا عَلَى الْقَلْعِ. فَلَوْ رَجَعَ الْمُعِيرُ فِي الْعَارِيَّةِ الْمُؤَقَّتَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْوَقْتِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ آنِفًا فَلَوْ ضُبِطَتْ الْأَرْضُ الْمُسْتَعَارَةُ بِالِاسْتِحْقَاقِ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ وَأَصْبَحَ الْمُسْتَعِيرُ مُجْبَرًا عَلَى قَلْعِ الْبِنَاءِ وَالْأَشْجَارِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُعِيرَ الضَّمَانُ الْمَذْكُورُ آنِفًا سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُطْلَقَةً أَمْ مُؤَقَّتَةً فَالْحُكْمُ وَاحِدٌ عَلَى كِلْتَا الْحَالَتَيْنِ هَذَا مَا قَالَتْهُ الْهِنْدِيَّةُ أَوَّلًا ثُمَّ أَعْقَبَتْهُ بِقَوْلِهَا وَقَدْ قَالَ الْخَصَّافُ: إنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُعِيرَ الضَّمَانُ الْمَذْكُورُ عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٦٥٨) .
لَوْ غَرَّرَ أَحَدٌ آخَرَ فِي الْعَقْدِ الَّذِي نَفْعُهُ لِلْقَابِضِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ وَالْإِمَامُ أَبُو يُوسُفَ بِلُزُومِ الضَّمَانِ.
مَثَلًا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ وَالْأَشْجَارِ مَقْلُوعَةً حِينَ الرُّجُوعِ عَنْ الْإِعَارَةِ اثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا وَكَانَتْ قِيمَتُهَا لَوْ بَقِيَتْ إلَى انْتِهَاءِ وَقْتِ الْإِعَارَةِ عِشْرِينَ دِينَارًا وَطَلَبَ الْمُعِيرُ قَلْعَهَا لَزِمَ أَنْ يُعْطِيَ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ ثَمَانِيَةَ دَنَانِيرَ مِقْدَارَ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ. وَيُعْتَبَرُ فِي الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ قِيمَتُهَا وَقْتَ الِاسْتِرْدَادِ يَعْنِي يُعْتَبَرُ بَدَلُ الْأَرْضِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي يَسْتَرِدُّهَا فِيهِ الْمُعِيرُ (الْبَحْرُ) لِأَنَّ قِيمَةَ وَقْتِ الِاسْتِرْدَادِ أَسْهَلُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَلْزَمُ الْقِيمَةُ وَقْتَ مُرُورِ الْمُدَّةِ وَلَكِنْ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَبَرُ.
مِثَالٌ آخَرُ: لَوْ أَعَارَ أَحَدٌ أَرْضَهُ لِلْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ سَنَتَيْنِ وَبَعْدَ مُرُورِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ عَلَى غَرْسِ الْمُسْتَعِيرِ أَوْ بِنَائِهِ فِي الْأَرْضِ رَجَعَ الْمُعِيرُ عَنْ الْإِعَارَةِ وَأَمَرَ بِالْقَلْعِ وَتَحَقَّقَ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ أَنَّ قِيمَةَ الْبِنَاءِ أَوْ الْأَشْجَارِ إذَا بَقِيَتْ سَنَتَيْنِ تَامَّتَيْنِ أَلْفُ قِرْشٍ وَقِيمَتَهَا فِي الْحَالِ مَقْلُوعَةً مِائَةُ قِرْشٍ ضَمِنَ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ تِسْعَمِائَةِ قِرْشٍ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
[ (الْمَادَّةُ ٨٣٢) اسْتِرْدَاد الْمُسْتَعِير الْأَرْض الْمُعَارَّة قَبْل وَقْت الْحَصَاد]
(الْمَادَّةُ ٨٣٢) - (لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ اسْتِرْدَادُ الْأَرْضِ الَّتِي أُعِيرَتْ لِلزَّرْعِ إذَا رَجَعَ عَنْ إعَارَتِهِ قَبْلَ وَقْتِ الْحَصَادِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْإِعَارَةُ مُؤَقَّتَةً أَمْ غَيْرَ مُؤَقَّتَةٍ) .
قَدْ جُوِّزَتْ هَذِهِ الْمَادَّةُ اسْتِحْسَانًا. وَالسَّبَبُ فِي عَدَمِ الِاسْتِرْدَادِ هُوَ: أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَمْ يَكُنْ فِي زِرَاعَتِهِ الْأَرْضَ مُبْطِلًا وَغَيْرَ مُحِقٍّ وَإِنَّمَا هُوَ مَغْرُورٌ بِإِعْطَاءِ الْمُعِيرِ إيَّاهُ إذْنًا بِالزِّرَاعَةِ بِنَاءً عَلَيْهِ يَلْزَمُ تَرْكُ الْأَرْضِ بِطَرِيقِ الْإِجَارَةِ، وَبَعْدَ رُجُوعِ الْمُعِيرِ تَنْقَلِبُ الْإِعَارَةُ إلَى إجَارَةٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٩) تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ. وَلَمْ يُجِزْ الرُّجُوعَ وَالِاسْتِرْدَادَ فِي الْأَرْضِ الْمُعَارَةِ لِلزَّرْعِ مَعَ كَوْنِهِ جَوَّزَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ الْمُعَارَةِ لِلْبِنَاءِ وَلِغَرْسِ الْأَشْجَارِ وَتَوْضِيحُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: وَقَدْ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي الْمَادَّةِ (٨٣١) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لِلْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ نِهَايَةٌ مَعْلُومَةٌ وَإِبْقَاءُ الْأَرْضِ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ إلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ وَلَوْ بِأَجْرِ الْمِثْلِ مِمَّا يَضُرُّ بِالْمُعِيرِ فَلِأَجْلِ رَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْمَالِكِ أَيْ الْمُعِيرِ قُلِعَتْ الْأَبْنِيَةُ وَالْأَشْجَارُ أَمَّا فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ فَلِلزَّرْعِ نِهَايَةٌ مَعْلُومَةٌ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ تَبْقَى الْأَرْضُ الْمُسْتَعَارَةُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute