للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَلْزَمُ فِي الْإِرْدَافِ ضَمَانُ جَمِيعِ الْقِيمَةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْآتِيَتَيْنِ:

أَوَّلًا: إذَا كَانَتْ تِلْكَ الدَّابَّةُ لَا تُطِيقُ حَمْلَ اثْنَيْنِ لَزِمَ ضَمَانُ جَمِيعِ الْقِيمَةِ وَلَا يُنْظَرُ إلَى خِفَّةِ الرَّدِيفِ وَثِقَلِهِ؛ لِأَنَّهُ تَعَمَّدَ إتْلَافَهَا وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ.

وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَا تَلْزَمُ أُجْرَةٌ (الْهِنْدِيَّةُ، وَالْبَزَّازِيَّة، وَالْأَنْقِرْوِيّ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالشَّلَبِيّ) .

ثَانِيًا: لَوْ اسْتَكْرَى أَحَدٌ دَابَّةً لِرُكُوبِهِ فَرَكِبَهَا هُوَ وَأَرْكَبَ مَعَهُ آخَرَ عَلَى كَتِفِهِ وَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ ضَمِنَ كُلَّ قِيمَتِهَا، وَلَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ تُطِيقُ حَمْلَهُمَا مَعًا.

لِأَنَّهُ لَمَّا اجْتَمَعَ الثِّقَلُ فِي مَكَان وَاحِدٍ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ كَانَ شَاقًّا عَلَيْهَا.

وَإِذَا بَقِيَتْ الدَّابَّةُ سَالِمَةً فَلَا يَلْزَمُهُ سِوَى الْأَجْرِ الْمُسَمَّى (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

أَمَّا إذَا عَطِبَتْ الدَّابَّةُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ أَنْ أَوْصَلَتْ الْمُسْتَأْجِرَ إلَى الْمَكَانِ الْمَقْصُودِ فَيَلْزَمُهُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى مَعَ ضَمَانِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهَا مَعَ الزِّيَادَةِ فَإِنَّ الرُّكُوبَ لَا يَخْتَلِفُ بِأَنْ يُرْدِفَ مَعَهُ غَيْرَهُ أَوْ لَا يُرْدِفَ (كِفَايَةٌ) وَلَا يُقَالُ هُنَا: كَيْفَ اجْتَمَعَتْ الْأُجْرَةُ وَالضَّمَانُ؟ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لُزُومُ الْأُجْرَةِ لِرُكُوبِهِ، وَالضَّمَانُ لِإِرْكَابِهِ غَيْرَهُ؛ فَلَمْ يَكُنْ اجْتِمَاعُهُمَا لِسَبَبٍ وَاحِدٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٨٦) مَتْنًا وَشَرْحًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

فَإِنْ قِيلَ: الْأَجْرُ مَعَ الضَّمَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ وَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ ضَمَانُ النِّصْفِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَلَّا يَجِبَ عَلَيْهِ نِصْفُ الْأَجْرِ.

قُلْنَا: إنَّمَا يُنْفَى الْأَجْرُ عَنْهُ عِنْدَ وُجُوبِ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ بِالضَّمَانِ بِطَرِيقِ الْغَصْبِ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ فِي مِلْكِهِ.

وَهَهُنَا لَا يَمْلِكُ شَيْئًا بِهَذَا الضَّمَانِ مِمَّا شَغَلَهُ بِرُكُوبِ نَفْسِهِ، وَجَمِيعُ الْمُسَمَّى بِمُقَابَلَةِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ مَا شَغَلَهُ بِرُكُوبِ الْغَيْرِ وَلَا أَجْرَ بِمُقَابَلَةِ ذَلِكَ فَيَسْقُطُ عَنْهُ.

فِي رُجُوعِ الرَّاكِبِ عَلَى الرَّدِيفِ وَرُجُوعِ الرَّدِيفِ عَلَى الرَّاكِبِ:

إذَا ضَمَّنَ الْمَالِكُ الرَّاكِبَ أَيْ الْمُسْتَأْجِرَ قِيمَةَ الدَّابَّةِ فَلَيْسَ لِلرَّاكِبِ الرُّجُوعُ عَلَى الرَّدِيفِ مُسْتَأْجِرًا كَانَ الرَّدِيفُ أَوْ مُسْتَعِيرًا (الْكِفَايَةُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ مَالِكًا الدَّابَّةَ فَرُكُوبُ الرَّدِيفِ يَكُونُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ.

وَإِذَا ضَمَّنَ الرَّدِيفَ يَنْظُرُ فَإِذَا كَانَ مُسْتَأْجِرًا مِنْ الرَّاكِبِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٦٥٨)) وَإِنْ كَانَ مُسْتَعِيرًا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ ثَمَّةَ تَغْرِيرٌ فِي مِثْلِ هَذَا الْحَالِ فَكَمَا أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ ضِمْنَ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ فَلَيْسَ الْغَارُّ ضَامِنًا صِفَةَ السَّلَامَةِ لِلْمَغْرُورِ وَسَيَصِيرُ تَوْضِيحُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٦٥٨) (الشُّرُنْبُلَالِيُّ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالطُّورِيُّ) .

هَذَا إذَا أَرْدَفَهُ حَتَّى صَارَ الْأَجْنَبِيُّ كَالتَّابِعِ لَهُ أَمَّا إذَا أَقْعَدَهُ فِي السَّرْجِ صَارَ غَاصِبًا وَلَمْ يَجِبْ شَيْءٌ مِنْ الْأَجْرِ؛ لِأَنَّهُ رَفَعَ يَدَهُ عَنْ الدَّابَّةِ وَأَوْقَعَهَا فِي يَدٍ مُتَعَدِّيَةٍ فَصَارَ ضَامِنًا وَالْأَجْرُ لَا يُجَامِعُ الضَّمَانَ (الشَّلَبِيُّ) .

وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَكْرَى أَحَدٌ دَابَّةً لِرُكُوبِهِ فَرَكِبَهَا وَهُوَ مُكْثِرٌ مِنْ لُبْسِ الثِّيَابِ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ قَدْ لَبِسَ مَا لَا يُلْبَسُ عَادَةً وَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ يَضْمَنُ أَمَّا إذَا لَبِسَ مَا يَلْبَسُهُ النَّاسُ عَادَةً فَلَا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٣٦) رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

[ (الْمَادَّةُ ٥٥٣) اسْتَكْرَى دَابَّةً عَلَى أَنْ يُرْكِبَهَا مَنْ شَاءَ]

(الْمَادَّةُ ٥٥٣) مَنْ اسْتَكْرَى دَابَّةً عَلَى أَنْ يُرْكِبَهَا مَنْ شَاءَ فَإِنْ شَاءَ رَكِبَهَا بِنَفْسِهِ وَإِنْ شَاءَ أَرْكَبَهَا غَيْرَهُ وَلَكِنْ إنْ رَكِبَهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ فَقَدْ تَعَيَّنَ الْمُرَادُ وَتَخَصَّصَ فَلَا يَصِحُّ إرْكَابُ آخَرَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>