الِادِّعَاءِ لِأَنَّهُ - عَلَى رَأْيِهِمَا - يَكُونُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الدَّيْنِ خَصْمًا عَنْ الْآخَرِ فِي غَيْرِ الْإِرْثِ أَيْضًا. وَسَتُوَضَّحُ هَذِهِ الْمَسَائِلُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١٨٣٠) . وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ فِي الدَّيْنِ أَخْذُ أَكْثَرَ مِنْ حِصَّتِهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ نَاشِئًا عَنْ الْإِرْثِ أَوْ عَنْ سَبَبٍ آخَرَ فَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ آخَرَ وَتُوُفِّيَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ وَتَرَكَ أُمَّهُ وَعَمَّهُ فَلَيْسَ لِعَمِّهِ أَخْذُ حِصَّتِهِ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّةَ الْأُمِّ أَيْضًا (الْفَيْضِيَّةُ) . وَإِذَا رَاجَعَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ الْقَاضِيَ فِي غِيَابِ الْآخَرِ وَطَلَبَ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَدِينِ فَيَأْمُرُ الْقَاضِي بِإِعْطَاءِ ذَلِكَ وَإِذَا أَدَّى الْمَدِينُ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْأَمْرِ وَالْحُكْمِ نِصْفَ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ لِأَحَدِ الدَّائِنَيْنِ فَيُشَارِكُ الدَّائِنُ الْآخَرُ الدَّائِنَ الْقَابِضَ فِيمَا قَبَضَهُ كَمَا سَيُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ، أَيْ أَنَّ أَخْذَهُ حِصَّتَهُ بِحُكْمِ الْقَاضِي لَا يَقْطَعُ حَقَّ الْمُشَارَكَةِ.
[الْمَادَّةُ (١ ٠ ١ ١) مَا يَقْبِضُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الدَّائِنَيْنِ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ]
الْمَادَّةُ (١ ٠ ١ ١) - (مَا يَقْبِضُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الدَّائِنَيْنِ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ وَيَأْخُذُ شَرِيكُهُ حِصَّتَهُ مِنْهُ وَلَا يَسُوغُ لِلْقَابِضِ أَنْ يَحْبِسَهُ مِنْ حِصَّتِهِ فَقَطْ) أَيُّ مِقْدَارٍ أَوْ جِنْسٍ يَقْبِضُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الدَّائِنَيْنِ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ سَوَاءٌ قَبَضَ حِصَّتَهُ تَمَامًا أَوْ قَبَضَ جَمِيعَ الدَّيْنِ بِمَا فِيهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ أَيْ إذَا حَصَلَ الْقَبْضُ بِرِضَاءِ الْمَدِينِ أَوْ كَانَ الْمَقْبُوضُ مِثْلَ الدَّيْنِ أَوْ أَدْنَى أَوْ أَعْلَى مِنْهُ أَيْ يَكُونُ الدَّائِنُ الْغَيْرُ الْقَابِضِ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْقَابِضِ بِحِصَّتِهِ، وَإِذَا اسْتَهْلَكَهَا ضَمَّنَهُ إيَّاهَا حَسَبِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ وَفِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ الدَّيْنُ الْبَاقِي فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ مُشْتَرَكًا، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الْمَقْبُوضَ لِلْقَابِضِ وَطَلَبَ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَدِينِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٥ ٠ ١ ١) .
وَيَثْبُتُ حَقُّ مُشَارَكَةِ الشَّرِيكِ الْغَيْرِ الْقَابِضِ لِلشَّرِيكِ الْقَابِضِ فِيمَا قَبَضَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: وَهُوَ أَنَّ الدَّيْنَ قَبْلَ الْقَبْضِ يُعْتَبَرُ وَصْفًا شَرْعِيًّا وَغَيْرَ مَعْدُودٍ مِنْ الْمَالِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَحَدٌ لَا يَمْلِكُ مِنْ الْأَعْيَانِ شَيْئًا مُطْلَقًا وَكَانَ لَهُ مَطْلُوبٌ فِي ذِمَمِ النَّاسِ فَحَلَفَ الْيَمِينَ بِأَنْ لَيْسَ لَهُ مَالٌ لَا يَكُونُ حَانِثًا فِي يَمِينِهِ وَبِمَا أَنَّ الدَّيْنَ بَعْدَ الْقَبْضِ يَكُونُ مَالًا مُنْتَفَعًا بِهِ وَقَابِلًا لِلتَّصَرُّفِ وَبِذَلِكَ تَكُونُ قَدْ تَزَايَدَتْ مَالِيَّةُ الْقَابِضِ وَبِمَا أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ رَاجِعَةٌ إلَى أَصْلِ الْحَقِّ فَهِيَ زِيَادَةٌ كَزِيَادَةِ وَلَدٍ وَثَمَرَةِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ وَكَمَا أَنَّهُ يَشْتَرِكُ أَصْحَابُ الْمَالِ فِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ فَيَشْتَرِكُ أَيْضًا الشُّرَكَاءَ فِي الدَّيْنِ فِي الزِّيَادَةِ الْحَاصِلَةِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ (الْهِدَايَةُ وَالْعِنَايَةُ) . مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ: إنَّنِي اسْتَوْفَيْت جَمِيعَ مَا هُوَ مَطْلُوبٌ لِمُوَرَّثِي مِنْ فُلَانٍ وَلَمْ يَبْقَ فِي ذِمَّتِهِ شَيْءٌ فَإِذَا لَمْ يُؤَدِّ الْوَارِثُ الْقَابِضُ حِصَّةَ الْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ فِيمَا قَبَضَهُ فَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يَطْلُبُوا حِصَّتَهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْمَدِينِ وَلَيْسَ لِلْمَدِينِ أَنْ يَقُولَ إنَّنِي أَدَّيْت كَامِلَ الدَّيْنِ لِلْوَارِثِ الْقَابِضِ فَخُذُوا حِصَصَكُمْ مِنْهُ. وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْقَبْضِ هُنَا هُوَ الْقَبْضُ الْوَاقِعُ بِطَرِيقِ الِاسْتِيفَاءِ (الْكِفَايَةُ) أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَبْضُ بِطَرِيقِ الِاسْتِيفَاءِ بَلْ كَانَ بِشِرَاءِ مَالٍ مِنْ الْمَدِينِ مُقَابِلَ حِصَّةٍ مِنْ الدَّيْنِ فَحُكْمُ ذَلِكَ سَيُذْكَرُ فِي الْمَادَّةِ (٣ ٠ ١ ١) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute