يُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ، وَقَبُولُ الْبَيْعِ قَوْلٌ صَرِيحٌ وَالْقَاعِدَةُ الْأُصُولِيَّةُ أَنْ لَا اعْتِبَارَ لِلدَّلَالَةِ مَعَ التَّصْرِيحِ وَالْجَوَابُ أَنَّ تَقْدِيمَ التَّصْرِيحِ عَلَى الدَّلَالَةِ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ التَّعَارُضِ وَلَمْ يُسْبَقْ الْحُكْمُ بِالدَّلَالَةِ فَأَمَّا هُنَا فَإِنَّ الْحُكْمَ بِالدَّلَالَةِ سَابِقٌ فَالتَّصْرِيحُ الَّذِي يَرِدُ بَعْدَئِذٍ يَكُونُ لَغْوًا فَلَا يُفِيدُ إجَازَةَ الْمَفْسُوخِ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ١٣ ".
[ (الْمَادَّةُ ١٨٤) رَجَعَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ عَنْ الْبَيْعِ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَقَبْلَ الْقَبُولِ]
(الْمَادَّةُ ١٨٤) لَوْ رَجَعَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ عَنْ الْبَيْعِ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَقَبْلَ الْقَبُولِ بَطَلَ الْإِيجَابُ فَلَوْ قَبِلَ الْآخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْمَجْلِسِ لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ مَثَلًا لَوْ قَالَ الْبَائِعُ: بِعْت هَذَا الْمَتَاعَ بِكَذَا وَقَبْلَ أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي قَبِلْت رَجَعَ الْبَائِعُ ثُمَّ قَبِلَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ لِمُوجِبِ الْبَيْعِ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ الْبَيْعِ قَبْلَ قَبُولِ الْآخَرِ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ إبْطَالٌ لِحَقِّ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّ الْإِيجَابَ بِغَيْرِ الْقَبُولِ لَا يُفِيدُ حُكْمًا الدُّرَرُ " وَالزَّيْلَعِيّ غَيْرَ أَنَّ صِحَّةَ الرُّجُوعِ عَنْ الْإِيجَابِ الَّذِي يَقَعُ مُوَاجَهَةً تَتَوَقَّفُ عَلَى سَمَاعِ الطَّرَفِ الْآخَرِ لِلرُّجُوعِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ ١٦٧) فَإِذَا قَبِلَ الْآخَرُ دُونَ أَنْ يَسْمَعَ رُجُوعَ الْمُوجِبِ فَالْقَبُولُ مُعْتَبَرٌ وَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ وَلَا حُكْمَ لِهَذَا الرُّجُوعِ.
وَإِنْ رَجَعَ الْمُوجِبُ عَنْ إيجَابِهِ بَعْدَ قَبُولِ الْآخَرِ فَرُجُوعُهُ لَغْوٌ وَالْبَيْعُ بَاقٍ عَلَى الِانْعِقَادِ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ١٢٧ و ٣٧٥ ".
وَمِمَّا يَبْطُلُ بِهِ الْإِيجَابُ أَنْ يَرُدَّهُ الطَّرَفُ الْآخَرُ فَلَوْ قَبِلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَالْبَيْعُ لَا يَنْعَقِدُ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ. فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ ١٦٧.
وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَتَغَيَّرَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبُولِ طَحْطَاوِيٌّ فَإِذَا قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي بِعْتُك هَذَا الدَّقِيقَ فَقَبِلَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ بَعْدَ أَنْ تَحَوَّلَ الدَّقِيقُ خُبْزًا فَالْبَيْعُ لَا يَنْعَقِدُ.
فَأَمَّا الْإِيجَابُ الَّذِي يَقَعُ كِتَابَةً أَوْ رِسَالَةً فَلَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الرُّجُوعِ عَنْهُ عِلْمُ الطَّرَفِ الْآخَرِ بِهَذَا الرُّجُوعِ " اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ ١٧٣ ".
[ (الْمَادَّةُ ١٨٥) تَكْرَارُ الْإِيجَابِ قَبْلَ الْقَبُولِ]
(الْمَادَّةُ ١٨٥) :
تَكْرَارُ الْإِيجَابِ قَبْلَ الْقَبُولِ يُبْطِلُ الْأَوَّلَ وَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِيجَابُ الثَّانِي فَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: بِعْتُك هَذَا الشَّيْءَ بِمِائَةِ قِرْشٍ ثُمَّ بَعْدَ هَذَا الْإِيجَابِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي قَبِلْت رَجَعَ فَقَالَ بِعْتُك إيَّاهُ بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ قِرْشًا وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي يُلْغَى الْإِيجَابُ الْأَوَّلُ وَيَنْعَقِدُ الْبَيْعُ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ قِرْشًا "؛ لِأَنَّ الْإِيجَابَ الثَّانِيَ رُجُوعٌ عَنْ الْأَوَّلِ وَلِلْمُوجِبِ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ إيجَابِهِ قَبْلَ الْقَبُولِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَذْكُرَ الْمُوجِبُ فِي إيجَابِهِ الثَّانِي رُجُوعَهُ عَنْ الْإِيجَابِ الْأَوَّلِ فَإِذَا قَبِلَ الطَّرَفُ الْآخَرُ الْبَيْعَ عَلَى الْإِيجَابِ الْأَوَّلِ فَالْبَيْعُ لَا يَنْعَقِدُ. مَثَلًا لَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: بِعْتُك بَغْلِي هَذَا بِأَلْفِ قِرْشٍ وَقَبْلَ أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي قَبِلْت قَالَ الْبَائِعُ بِعْتُكَهُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ فَأَجَابَهُ الْمُشْتَرِي قَبِلْته بِأَلْفِ قِرْشٍ فَالْبَيْعُ لَا يَنْعَقِدُ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ١٧٧ ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute