وَلَكِنْ فِي هَذِهِ الْحَالِ كَمَا أَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْمَالِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَجُوزُ مُطَالَبَتُهُ بِالْمُحَالِ بِهِ قَبْلَ الْبَيْعِ لِعَدَمِ وُجُودِ سَبَبِ الْأَدَاءِ، لَا يَجِبُ الْأَدَاءُ قَبْلَ الْبَيْعِ (الدُّرَرُ) ، بَلْ إنَّهُ حِينَمَا يَبِيعُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْمَالَ يُجْبَرُ عَلَى تَأْدِيَةِ الْمُحَالِ بِهِ لِتَحَقُّقِ سَبَبِ وُجُوبِ الْأَدَاءِ بِتَحَقُّقِ وُجُوبِ الْأَدَاءِ (الدُّرَرُ) . وَلَا يَكُونُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَسْئُولًا عَنْ الْبَاقِي فِي حَالَةِ بَيْعِهِ الْمَالَ بِثَمَنِ مِثْلِهِ وَتَأْدِيَتِهِ الدَّيْنَ وَعَدَمِ وَفَائِهِ بِالْمُحَالِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْأَدَاءَ مِنْ الثَّمَنِ وَقَدْ أَدَّى الثَّمَنَ بِكَمَالِهِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) ؛ لِأَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ الْتَزَمَ أَدَاءَ الدَّيْنِ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ وَأَدَّى الثَّمَنَ كَامِلًا حَسَبَ الْتِزَامِهِ، وَتَعْبِيرُ (مَالًا لَهُ) الْوَارِدُ فِي الْمَجَلَّةِ لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ هَذَا.
خُلَاصَةُ الْكَلَامِ أَنَّ فِي هَذَا أَرْبَعَ مَسَائِلَ:
مَسْأَلَةٌ ١: أَنْ يُذْكَرَ فِي الْحَوَالَةِ الْجَارِيَةِ بَيْنَ الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ شَرْطُ بَيْعِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مَالًا مُعَيَّنًا لِلْمُحِيلِ، وَتَأْدِيَةُ الدَّيْنِ مِنْ ثَمَنِهِ، وَأَنْ يَقْبَلَ الْمُحِيلُ وَالْمُحَالُ لَهُ الْحَوَالَةَ بِهَذَا الشَّرْطِ. وَالْمَذْكُورُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مِنْ الْمَجَلَّةِ هُوَ هَذِهِ الصُّورَةُ.
مَسْأَلَةٌ ٢: أَنْ يُشْرَطَ فِي الْحَوَالَةِ الْجَارِيَةِ بَيْنَ الْمُحَالِ لَهُ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ بَيْعُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مَالَ الْمُحِيلِ وَأَدَاءُ الدَّيْنِ مِنْ ثَمَنِهِ وَأَنْ لَا يَقْبَلَ الْمُحِيلُ الْحَوَالَةَ مَعَ دُخُولِهِ بِهَا.
مَسْأَلَةٌ ٣: عَقْدُ الْحَوَالَةِ عَلَى أَنْ يَبِيعَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَالَ أَجْنَبِيٍّ وَيُؤَدِّيَ مِنْ ثَمَنِهِ.
مَسْأَلَةٌ ٤: عَقْدُ الْحَوَالَةِ بِنَاءً عَلَى أَنْ يَبِيعَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَالَ ذَاتِهِ وَيُؤَدِّيَ مِنْ ثَمَنِهِ. فَالصُّورَتَانِ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ غَيْرُ صَحِيحَتَيْنِ وَالْأُولَى وَالرَّابِعَةُ صَحِيحَتَانِ وَقَدْ فُصِّلَتْ أَحْكَامُهُمَا آنِفًا.
[ (الْمَادَّةُ ٦٩٧) فِي الْحَوَالَةِ الْمُبْهَمَةِ]
(الْمَادَّةُ ٦٩٧) فِي الْحَوَالَةِ الْمُبْهَمَةِ أَيْ فِي الْحَوَالَةِ الَّتِي لَمْ يُذْكَرْ فِيهَا تَعْجِيلُ الْمُحَالِ بِهِ وَتَأْجِيلُهُ إنْ كَانَ الدَّيْنُ مُعَجَّلًا عَلَى الْمُحِيلِ فَالْحَوَالَةُ مُعَجَّلَةٌ أَيْضًا وَيَلْزَمُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ أَدَاؤُهَا حَالًا وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا فَالْحَوَالَةُ تَكُونُ أَيْضًا مُؤَجَّلَةً وَيَلْزَمُ أَدَاؤُهَا عِنْدَ حُلُولِ وَعْدَتِهَا. إنَّ الْمُحَالَ بِهِ فِي هَذِهِ الْحَوَالَةِ يَتَقَيَّدُ بِالصِّفَةِ الَّتِي لَهُ بِذِمَّةِ الْمُحِيلِ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إنْ كَانَ الدَّيْنُ مُعَجَّلًا عَلَى الْمُحِيلِ كَانَتْ الْحَوَالَةُ مُعَجَّلَةً أَيْضًا وَلَزِمَ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ تَأْدِيَتُهَا فِي الْحَالِ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا عَلَى الْمُحِيلِ لِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ كَانَتْ الْحَوَالَةُ مُؤَجَّلَةً أَيْضًا بِتِلْكَ الْمُدَّةِ وَلَزِمَ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَدَاؤُهَا عِنْدَ حُلُولِ أَجَلِهَا؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ كَانَتْ لِأَجْلِ نَقْلِ الدَّيْنِ وَتَحْوِيلِهِ، وَالدَّيْنُ يَتَحَوَّلُ بِالصِّفَةِ الَّتِي لَهُ عِنْدَ الْأَصِيلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَكَمَا أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْكَفَالَةِ كَانَ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا، رَاجِعْ الْمَادَّةَ (٦٥٢) ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا يَبْطُلُ الْأَجَلُ بِوَفَاةِ الْمُحِيلِ قَبْلَ تَمَامِ الْوَعْدَةِ، وَأَمَّا بِوَفَاةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ يَبْطُلُ الْأَجَلُ وَيَصِيرُ الدَّيْنُ عَلَيْهِ حَالًّا.
وَسَبَبُ بُطْلَانِ الْأَجَلِ بِوَفَاةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ هُوَ أَنَّ الْأَجَلَ إنَّمَا كَانَ لِمَنْفَعَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute