[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ إجَارَة الْآدَمِيِّ]
(الْمَادَّةُ ٥٦٢) تَجُوزُ إجَارَةُ الْآدَمِيِّ لِلْخِدْمَةِ أَوْ لِإِجْرَاءِ صَنْعَةٍ بِبَيَانِ مُدَّةٍ أَوْ بِتَعْيِينِ الْعَمَلِ بِصُورَةٍ أُخْرَى، كَمَا بُيِّنَ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي. تَجُوزُ إجَارَةُ الْآدَمِيِّ لِلْخِدْمَةِ، أَوْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْوَدِيعَةِ، أَوْ لِإِجْرَاءِ صَنْعَةٍ مَا كَالْخِيَاطَةِ وَالنِّجَارَةِ، أَوْ تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ، أَوْ عِلْمِ الصَّرْفِ وَالنَّحْوِ وَالْفِقْهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ بِبَيَانِ الْمُدَّةِ أَوْ الْمَسَافَةِ، أَوْ بِتَعْيِينِ الْعَمَلِ بِصُورَةٍ أُخْرَى، كَمَا بُيِّنَ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٧٧٧) . أَيْ إنَّهُ يَلْزَمُ فِي إجَارَةِ الْآدَمِيِّ تَعَيُّنُ الْعَمَلِ، وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُ فِي الْإِجَارَةِ الْوَارِدَةِ عَلَى الْعَمَلِ بَيَانُ مُدَّتِهَا، أَمَّا فِي الْإِجَارَةِ الَّتِي تُعْقَدُ عَلَى الْمُدَّةِ فَيَلْزَمُ بَيَانُ الْعَمَلِ مَعَ الْمُدَّةِ. فَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْعَمَلَ لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ ٤٤٥) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .
مَسَائِلُ تَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ:
أَوَّلًا: يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ أَحَدٌ آخَرَ لِيَصْطَادَ لَهُ صَيْدًا كَذَا يَوْمًا، أَوْ يَحْتَطِبَ حَطَبًا وَيَكُونُ مَا يَصْطَادُهُ الرَّجُلُ مِنْ الصَّيْدِ وَيَحْتَطِبُهُ مِنْ الْحَطَبِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ. وَإِذَا لَمْ تُبَيَّنْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ يُنْظَرُ، فَإِذَا عَيَّنَ الشَّجَرَ الَّذِي يَحْتَطِبُ مِنْهُ وَكَانَ مِلْكًا لِلْمُسْتَأْجِرِ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الشَّجَرُ مِلْكًا لِلْمُسْتَأْجِرِ، بَلْ مُبَاحًا كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً وَمَا احْتَطَبَهُ يَكُونُ مِلْكًا لِلْمُسْتَأْجِرِ وَلِلْأَجِيرِ أَجْرُ الْمِثْلِ. أَمَّا إذَا لَمْ يُعَيَّنْ الشَّجَرُ الَّذِي يَحْتَطِبُ مِنْهُ تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً وَالْحَطَبُ الَّذِي اُحْتُطِبَ لِلْأَجِيرِ (الْهِنْدِيَّةُ) . أَمَّا إذَا جَمَعَ بَيْنَ الْمُدَّةِ وَالْعَمَلِ كَاسْتِئْجَارِ خَبَّازٍ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ كَذَا أُوقِيَّةَ دَقِيقٍ خُبْزًا فِي هَذَا الْيَوْمِ تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ، أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَصَحِيحَةٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ ٤٢٢ و ٥٠٥ شَرْحًا وَمَتْنًا) . إنَّ الْأَجِيرَ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِقِيَامِهِ بِالْعَمَلِ، كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (٤٢٤) . وَعَلَى ذَلِكَ إذَا قَامَ الْأَجِيرُ بِعَمَلٍ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ وَفَسَدَ ذَلِكَ الْعَمَلُ، فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ مَا عَلَى الْأَجْرِ الْمُسَمَّى، وَلَا يُجْبَرُ الْأَجِيرُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى عَمَلِهِ وَإِصْلَاحِهِ مَرَّةً ثَانِيَةً، مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ أَجِيرًا لِإِصْلَاحِ مَجَارِي الْمِيَاهِ فِي دَارِهِ، وَبَعْدَ أَنْ أَصْلَحَهَا وَجَعَلَ الْمِيَاهَ تَجْرِي فِيهَا كَالْعَادَةِ خَرِبَتْ، فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ مَا عَلَى أُجْرَةِ الْأَجِيرِ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِهَا مَرَّةً ثَانِيَةً. (الْفَيْضِيَّةُ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute