[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ شَرَائِطِ الشُّفْعَةِ]
قَدْ بُيِّنَتْ شَرَائِطُ الشُّفْعَةِ مُجْمَلَةً فِي شَرْحِ عُنْوَانِ الْبَابِ الثَّالِثِ وَسَيُوَضِّحُ هُنَا وَيُفَصِّلُ بَعْضَ الشَّرَائِطِ التِّسْعَةِ. (مَادَّةُ ١٠١٧) -، (يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَشْفُوعُ مِلْكًا عَقَارِيًّا. بِنَاءً عَلَيْهِ لَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي السَّفِينَةِ وَسَائِرِ الْمَنْقُولَاتِ وَعَقَارِ الْوَقْفِ وَالْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ) ، لِلْمَشْفُوعِ شَرْطَانِ: أَوَّلُهُمَا أَنْ يَكُونَ مِلْكًا، ثَانِيهِمَا أَنْ يَكُونَ عَقَارًا. يَعْنِي إنَّمَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ مَقْصُودَةً فِي الْعَقَارِ الْمَمْلُوكِ، أَمَّا فِي الْمَنْقُولَاتِ فَلَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ مَقْصُودَةً وَإِنْ كَانَتْ الشُّفْعَةُ تَجْرِي فِي الْمَنْقُولَاتِ تَبَعًا لِلْعَقَارِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) .
الْعَقَارُ، كَالْأَرَاضِيِ الْعُشْرِيَّةِ وَالْخَرَاجِيَّةِ، وَالْعَرْصَةِ، وَالْكُرُومِ الْوَاقِعَةِ فِي الْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ، وَالدَّارِ وَالرَّحَى، وَالْبِئْرِ، وَالْحَانُوتِ، وَالرَّوْضَةِ، وَمَا إلَى ذَلِكَ مِنْ الْأَشْيَاءِ. كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ أَشْجَارًا فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ مَعَ أُصُولِهَا وَمَوَاضِعِهَا، أَيْ مَعَ الْأَرْضِ الْمَغْرُوسَةِ فِيهَا فَتَجْرِي فِي ذَلِكَ الشُّفْعَةُ أَيْضًا، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ، وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى) .
وَالْمُرَادُ مِنْ الْعَقَارِ غَيْرُ الْمَنْقُولِ، وَعَلَيْهِ فَالْعُلْوِيُّ دَاخِلٌ أَيْضًا فِي الْعَقَارِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (١٠١١) وَلَوْ لَمْ يَكُنْ طَرِيقُ ذَلِكَ الْعُلْوِيِّ مِنْ السُّفْلِيِّ؛ لِأَنَّ الْعَلَوِيَّ قَدْ الْتَحَقَ بِالْعَقَارِ بِحَقِّ الْقَرَارِ، (الدُّرَرُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَيُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ الْعَقَارِ مُطْلَقًا أَنَّ الشُّفْعَةَ تَجْرِي فِي الْعَقَارِ، سَوَاءٌ أَكَانَ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ كَالْقَصْرِ وَالْعَرْصَةِ الْوَاسِعَةِ أَمْ لَمْ يَكُنْ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ كَالْحَمَّامِ وَالْبِئْرِ يَعْنِي تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي كِلْتَا الصُّورَتَيْنِ فِي الْعَقَارِ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ قَدْ شُرِعَتْ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لِدَفْعِ ضَرَرِ الْجِوَارِ أَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فَقَدْ شُرِعَتْ لِدَفْعِ ضَرَرِ الْقِسْمَةِ؛ وَلِذَلِكَ فَلَا تَجِبُ عِنْدَهُمْ الشُّفْعَةُ فِي الْعَقَارِ الَّذِي لَا يَكُونُ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ، (الْهِنْدِيَّةُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى) .
فَإِذَا جَرَتْ الشُّفْعَةُ فِي عَقَارٍ قَابِلٍ لِلْقَسْمِ كَهَذَا وَبِيعَ نِصْفُ ذَلِكَ الْعَقَارِ فَقَطْ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ قَسَّمَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ الْعَقَارَ، فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ الْقَسْمِ الَّذِي يُصِيبُ حِصَّةَ الْمُشْتَرِي بِالشُّفْعَةِ فَقَطْ. وَلَيْسَ لَهُ نَقْضُ الْقِسْمَةِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (١٠١٠) ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْقَسْمُ الْمَذْكُورُ مُحَاذِيًا لِلْمَشْفُوعِ بِهِ أَمْ لَمْ يَكُنْ فَلَوْ بِيعَ نِصْفُ الْعَقَارِ الشَّائِعِ الَّذِي فِيهِ لِلشَّفِيعِ حَقُّ الشُّفْعَةِ بِسَبَبِ كَوْنِهِ جَارًا مُلَاصِقًا ثُمَّ اقْتَسَمَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ فَأَصَابَ الْمُشْتَرِي الْقِسْمَ الْغَيْرَ الْمُجَاوِرَ لِلْمَشْفُوعِ بِهِ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ تِلْكَ الْحِصَّةَ بِالشُّفْعَةِ، (الْهِدَايَةُ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute