فَلَوْ أَجَرَ شَخْصٌ دَارًا لِمُدَّةِ سَنَةٍ وَبَعْدَ مُرُورِ شَهْرَيْنِ مِنْ السَّنَةِ شَرَطَ الْمُؤَجِّرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ الْبَدَلَ كَامِلًا وَقَبِلَ الْمُسْتَأْجِرُ بِذَلِكَ وَتَعَهَّدَ بِهِ لَزِمَ أَدَاءُ الْبَدَلِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوطِ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ شَرْطِ تَعْجِيلِ الْبَدَلِ (الشَّلَبِيُّ) وَلِلْآجِرِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى الْمُشَارِ إلَيْهَا بِرَقْمِ (١) أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَأْجُورِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَيَحْبِسَهُ عَنْهُ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ الْأَجْرَ. كَمَا أَنَّ لِلْأَجِيرِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِرَقْمِ اثْنَيْنِ (٢) الِامْتِنَاعَ عَنْ الْعَمَلِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ أُجْرَتَهُ وَإِذَا امْتَنَعَ الْآجِرُ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَأْجُورِ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ تَبْدَأُ مِنْ تَسْلِيمِ الْمَأْجُورِ. كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَجِيرِ أُجْرَةُ مَا امْتَنَعَ عَنْ الْعَمَلِ.
وَعَلَيْهِ فَبِمَا أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى إمْسَاكِ الْمَأْجُورِ أَوْ إضْرَابِ الْأَجِيرِ عَنْ الْعَمَلِ ضَرَرٌ فَلِلْآجِرِ وَلِلْأَجِيرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ إذَا طَالَبَا بِالْأُجْرَةِ وَلَمْ تُدْفَعْ لَهُمَا سَلَفًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوطِ. (الطُّورِيُّ) وَإِلَّا فَلَيْسَ لِلْآجِرِ أَنْ يَبِيعَ الْمَأْجُورَ قَبْلَ الْفَسْخِ بِدَاعِي عَدَمِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٤٩٠) .
وَلُزُومُ الْأُجْرَةِ فِي الْإِجَارَةِ الْمُنَجَّزَةِ الْوَاقِعَةِ بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
غَيْرَ أَنَّهُ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي لُزُومِ الْأُجْرَةِ فِي الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ الْوَاقِعَةِ بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ، فَبَعْضُ الْفُقَهَاءِ قَالَ بِبُطْلَانِ التَّعْجِيلِ فِي الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ وَعَدَمِ لُزُومِ الْأُجْرَةِ قَبْلَ حُلُولِ الْوَقْتِ الَّذِي تُضَافُ إلَيْهِ الْإِجَارَةُ لِأَنَّ عَدَمَ وُجُوبِ الْأُجْرَةِ لَيْسَ مِنْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ. وَإِنَّمَا يُمْنَعُ التَّصْرِيحُ بِالْإِضَافَةِ إلَى وَقْتِ مُسْتَقْبَلِ وُجُوبِ الْأُجْرَةِ مُعَجَّلَةً لِأَنَّ مَا يُضَافُ إلَى وَقْتٍ فَلَا يَكُونُ مَوْجُودًا قَبْلَ حُلُولِ الْوَقْتِ أَلَا تَرَى أَنَّ الثَّمَنَ فِي الْبَيْعِ يَجِبُ فِي الْحَالِ وَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ حَتَّى يُسَلَّمَ الثَّمَنُ لِأَنَّ الْعَقْدَ يَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ ثُمَّ إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ تَأَخَّرَ بِالْعَقْدِ صَرِيحًا (الزَّيْلَعِيّ، عَبْدُ الْحَلِيمِ، الْهِنْدِيَّةُ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
وَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِلُزُومِ الْأُجْرَةِ فِي الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ وَبِمَا أَنَّ الْمَادَّةَ (٤٤٠) مِنْ الْمَجَلَّةِ قَبِلَتْ بِالرَّأْيِ الْقَائِلِ بِلُزُومِ الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ. وَقَدْ وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (٤٧٦) بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى قَبُولِهَا الْأُجْرَةَ فِي الْإِجَارَةِ الْمَذْكُورَةِ.
فَمِنْ اللَّائِقِ أَيْضًا أَنْ يُقْبَلَ بِذَلِكَ وَلَا سِيَّمَا وَأَنَّ إطْلَاقَ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَعَدَمَ تَقْيِيدِهَا بِقَيْدِ الْإِجَارَةِ الْمُنَجَّزَةِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا.
[ (الْمَادَّةُ ٤٦٩) تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ بِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ]
(الْمَادَّةُ ٤٦٩) تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ بِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا إلَى مَحَلٍّ ثُمَّ رَكِبَهَا وَوَصَلَ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ يَسْتَحِقُّ آجِرُهَا الْأُجْرَةَ.
تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ بِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ أَيْ بِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا فِي الْإِجَارَةِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا أَوْ إيفَاءِ الْأَجِيرِ الْعَمَلَ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ لِأَجْلِهِ وَإِتْمَامِهِ؛ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ تَتَحَقَّقُ الْمُسَاوَاةُ وَتَلْزَمُ الْأُجْرَةُ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً أَوْ فَاسِدَةً، إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ فِي الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى وَفِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ أَجْرُ الْمِثْلِ.
غَيْرَ أَنَّهُ يَجِبُ لِلُزُومِ الْأُجْرَةِ أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ الْمُسْتَوْفَاةُ هِيَ الْمَنْفَعَةَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهَا.