للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالْإِكْرَاهِ]

الْبَابُ الثَّانِي

فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالْإِكْرَاهِ

لِلْإِكْرَاهِ تَعْرِيفٌ، وَرُكْنٌ، وَدَلِيلٌ، وَشَرْطٌ، وَحُكْمٌ وَقَدْ بَيَّنَ تَعْرِيفَهُ فِي الْمَادَّةِ، (٩٤٨) وَرُكْنُهُ هُوَ اللَّفْظُ الَّذِي يُفِيدُ الْإِكْرَاهَ وَدَلِيلُهُ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ {إِلا مَنْ أُكْرِهَ} [النحل: ١٠٦] وَالْحَدِيثُ النَّبَوِيُّ الشَّرِيفُ «، أَلَا لَا إقَالَةَ فِي الطَّلَاقِ» وَإِيضَاحُ ذَلِكَ أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ مُكْرَهًا فَرَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الْمُتَقَدِّمَ، (الطُّورِيُّ) . شُرُوطُ الْإِكْرَاهِ: لِلْإِكْرَاهِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ، (الدُّرَرُ) .

١ - كَوْنُ الْمُجْبَرِ مُقْتَدِرًا عَلَى إيقَاعِ مَا تَهَدَّدَ بِهِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (١٠٠٣)

٢ - خَوْفُ الْمُكْرَهِ مِنْ وُقُوعِ الْمُكْرَهِ بِهِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (١٠٠٤) .

٣ - كَوْنُ الْمُكْرَهِ بِهِ مُتْلِفًا لِلنَّفْسِ أَوْ لِلْعُضْوِ أَوْ مُوجِبًا لِلْغَمِّ وَمُعْدِمًا لِلرِّضَا، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (٩٤٩) فَلَوْ خَوَّفَ زَوْجَتَهُ بِالضَّرْبِ حَتَّى وَهَبَتْهُ مَهْرَهَا لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ هَدَّدَهَا بِطَلَاقٍ أَوْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ تَسَرَّى فَلَيْسَ بِإِكْرَاهٍ، (أَبُو السُّعُودِ عَنْ الْخَانِيَّةِ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ فِعْلٍ مِنْ هَذِهِ الْأَفْعَالِ جَائِزٌ شَرْعًا، وَالْأَفْعَالُ الشَّرْعِيَّةُ لَا تُوصَفُ بِالْإِكْرَاهِ، (الطَّحْطَاوِيُّ) وَكَذَا التَّهْدِيدُ بِالشَّتْمِ، (الْقُهُسْتَانِيُّ) أَيْ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ.

٤ - كَوْنُ الْمُكْرَهِ مُمْتَنِعًا عَنْ الْمُكْرَهِ عَلَيْهِ قَبْلَ الْإِكْرَاهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُمْتَنِعًا لَا يَكُونُ إكْرَاهًا لِفَوَاتِ رُكْنِهِ وَهُوَ فَوْتُ الرِّضَا كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ فِي الِاخْتِيَارِ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ مُسْتَدْرَكٌ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، أَبُو السُّعُودِ، الطَّحْطَاوِيُّ) . وَيَكُونُ الِامْتِنَاعُ بِسَبَبٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ:

السَّبَبُ الْأَوَّلُ: فِي حَقِّ نَفْسِهِ، كَالْإِكْرَاهِ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ.

السَّبَبُ الثَّانِي: فِي حَقِّ شَخْصٍ آخَرَ، كَالْإِكْرَاهِ عَلَى إتْلَافِ مَالِ غَيْرِهِ.

السَّبَبُ الثَّالِثُ: فِي حَقِّ الشَّرْعِ، كَالْإِكْرَاهِ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ وَالزِّنَا، (الْهِنْدِيَّةُ) وَيَكُونُ غَيْرُ الْمُمْتَنِعِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي:

إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُكْرَهُ عَلَيْهِ مُبَاحًا: كَمَا لَوْ أُكْرِهَ أَحَدٌ عَلَى فِعْلٍ مُبَاحٍ، فَلَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِكْرَاهُ الشَّرْعِيُّ. مَثَلًا، لَوْ أَكْرَهَ أَحَدٌ آخَرَ بِقَوْلِهِ لَهُ: اشْرَبْ كَأْسَ الْمَاءِ هَذَا، أَوْ بِعْ ثَوْبَكَ مِنْ فُلَانٍ، فَشَرِبَ الْمَاءَ أَوْ بَاعَ الثَّوْبَ، جَازَ الْمَبِيعُ وَصَحَّ وَلَا يَكُونُ بَيْعَ مُكْرَهٍ لَكِنْ لَوْ كَانَ الْمَالُ لِغَيْرِهِ أَوْ كَانَ مُحَرَّمًا، كَأَنْ يَكُونَ خَمْرًا، فَيَكُونُ الْبَيْعُ حِينَئِذٍ بَيْعَ مُكْرَهٍ، (الطَّحْطَاوِيُّ، الْأَنْقِرْوِيُّ، مُنْلَا مِسْكِينٍ) . وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فَرْضًا: مَثَلًا إذَا حَنِثَ أَحَدٌ فِي يَمِينِهِ وَلَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ فَجَاءَهُ شَخْصٌ فَأَكْرَهَهُ عَلَى إيفَاءِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بِدُونِ تَعْيِينِ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْكَفَّارَاتِ وَأَوْفَى ذَلِكَ الشَّخْصُ أَحَدَ أَنْوَاعِ الْكَفَّارَاتِ جَازَ وَلَا يَلْزَمُ الْمُجْبَرَ شَيْءٌ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) .

<<  <  ج: ص:  >  >>