الْمُدَّعَى بِهِ لَا يَكُونُ عِوَضًا عَنْ كُلِّهِ حَيْثُ يَكُونُ ذَلِكَ بِمَثَابَةِ أَنَّ الشَّيْءَ يَكُونُ عِوَضًا عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْبَعْضَ دَاخِلٌ ضِمْنَ الْكُلِّ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَيُقَالُ لِهَذَا الْقَوْلِ قَوْلٌ غَيْرُ ظَاهِرِ الرُّؤْيَةِ.
وَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الصُّلْحَ صَحِيحٌ بِالْإِبْرَاءِ عَنْ بَاقِي الدَّعْوَى وَلَوْ لَمْ يَبْرَأْ عَنْ بَاقِي الدَّعْوَى، أَوْ لَمْ يُضَمَّ شَيْءٌ عَلَى بَدَلِ الصُّلْحِ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ بَعْضِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَى بِهَا إبْرَاءٌ فِي الْحَقِيقَةِ عَنْ دَعْوَى الْبَعْضِ فَالصُّلْحُ صَحِيحٌ، وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بَعْدَ ذَلِكَ الصُّلْحِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ والشُّرُنْبُلاليُّ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) .
فَعَلَيْهِ لَوْ ادَّعَى شَاةً وَصَالَحَ عَلَى صُوفِهَا يَجُزُّهُ لِلْحَالِ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ الصُّلْحُ عَلَى بَعْضِ الدَّارِ عِنْدَهُ أَيْضًا (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) .
إنَّ ظَاهِرَ عِبَارَةِ الْمَجَلَّةِ تَحْتَمِلُ أَكْثَرَ عَلَى الرِّوَايَةِ الْغَيْرِ ظَاهِرَةٍ إلَّا أَنَّهُ لَا يُوجَدُ عِبَارَةٌ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ بِصُورَةٍ قَطْعِيَّةٍ فَلِذَلِكَ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِأَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ اكْتَفَتْ بِبَيَانِ الْمَسْأَلَةِ الِاتِّفَاقِيَّةِ.
[مُلْحَقٌ فِي حَقِّ صُلْحِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ مَعَ الْبَعْضِ الْآخَرِ فِي أَمْوَالِ التَّرِكَةِ]
ِ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: التَّخَارُجُ هُوَ أَخْذُ بَعْضِ الْوَرَثَةِ مَالًا مَعْلُومًا مِنْ الْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ مُقَابِلَ حِصَصِهِمْ الْإِرْثِيَّةِ، وَالْخُرُوجُ مِنْ التَّرِكَةِ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الصُّلْحِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا أَخْرَجَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ وَارِثًا مِنْهُمْ مِنْ التَّرِكَةِ بِإِعْطَائِهِ مِقْدَارًا مِنْ الْمَالِ فَإِذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ عُرُوضًا وَعَقَارًا كَانَ التَّخَارُجُ صَحِيحًا، وَلَا فَرْقَ فِي أَنْ يَكُونَ بَدَلُ الصُّلْحِ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ الْحِصَّةِ الْإِرْثِيَّةِ.
مَثَلًا لَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ مِنْ الْوَرَثَةِ مِائَةَ شَاةٍ وَخَمْسِينَ بَقَرَةً وَعِشْرِينَ فَرَسًا وَثَلَاثِينَ بِسَاطًا وَأَرْبَعِينَ خُوَانًا وَخَمْسَةَ حَوَانِيتَ وَأَعْطَى الْوَرَثَةُ الثَّلَاثَةُ لِلْوَارِثِ الرَّابِعِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَأَخْرَجُوهُ مِنْ التَّرِكَةِ بِرِضَائِهِ كَانَ صَحِيحًا، وَأَصْبَحَ بَاقِي التَّرِكَةِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْوَرَثَةِ الثَّلَاثَةِ.
أَمَّا إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ عِبَارَةً عَنْ نَقْدٍ فَيُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ كَانَ الصُّلْحُ صَحِيحًا سَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ، مَثَلًا لَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ دَنَانِيرَ ذَهَبًا وَأَعْطَى صُلْحًا لِلْوَارِثِ فِضَّةً، وَأَخْرَجُوهُ مِنْ التَّرِكَةِ كَانَ صَحِيحًا كَذَلِكَ إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ ذَهَبًا وَفِضَّةً، وَكَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ مِنْ كِلَيْهِمَا أَيْ مِقْدَارًا مِنْهُ ذَهَبًا وَمِقْدَارًا مِنْهُ فِضَّةً يَصِحُّ الصُّلْحُ سَوَاءٌ كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا.