[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ لُزُومِ مُوَافَقَةِ الْقَبُولِ لِلْإِيجَابِ]
الْفَصْلُ الثَّانِي:
فِي بَيَانِ لُزُومِ مُوَافَقَةِ الْقَبُولِ لِلْإِيجَابِ (الْمَادَّةُ ١٧٧) إذَا أَوْجَبَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ بَيْعَ شَيْءٍ بِشَيْءٍ يَلْزَمُ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ قَبُولُ الْعَاقِدِ الْآخَرِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُطَابِقِ لِلْإِيجَابِ وَلَيْسَ لَهُ تَبْعِيضُ الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ وَتَفْرِيقُهُمَا فَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: بِعْتُك هَذَا الثَّوْبَ بِمِائَةِ قِرْشٍ مَثَلًا فَإِذَا قَبِلَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ أَخَذَ الثَّوْبَ جَمِيعَهُ بِمِائَةِ قِرْشٍ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ جَمِيعَهُ أَوْ نِصْفَهُ بِخَمْسِينَ قِرْشًا وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ: بِعْتُك هَذَيْنِ الْفَرَسَيْنِ بِثَلَاثَةِ آلَافِ قِرْشٍ وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي، يَأْخُذُ الْفَرَسَيْنِ بِالثَّلَاثَةِ آلَافٍ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَحَدَهُمَا بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ.
يُشْتَرَطُ فِي انْعِقَادِ الْبَيْعِ أَنْ يَكُونَ الْقَبُولُ مُوَافِقًا لِلْإِيجَابِ فِي خَمْسَةِ أَشْيَاءَ:
أَوَّلًا: فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ.
ثَانِيًا: فِي جِنْسِهِ.
ثَالِثًا: فِي الْمُثَمَّنِ.
رَابِعًا: فِي صِفَةِ الثَّمَنِ.
خَامِسًا: فِي شَرْطِ الْخِيَارِ.
لِئَلَّا تَتَفَرَّقَ صَفْقَةُ الْبَيْعِ. وَيُفْهَمُ مِنْ الْمِثَالِ الْوَارِدِ فِي الْمَجَلَّةِ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ تَبْعِيضُ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ أَوْ كِلَيْهِمَا أَوْ تَغْيِيرُهُمَا أَوْ تَبْدِيلُهُمَا سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَبِيعُ وَاحِدًا أَمْ مُتَعَدِّدًا فَإِذَا فَرَّقَ فِي ذَلِكَ فَالْبَيْعُ لَا يَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ وَإِنْ كَانَ مُقْتَدِرًا عَلَى تَفْرِيقِ صَفْقَةِ الْبَيْعِ فَالْبَائِعُ يَتَضَرَّرُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِنْ عَادَةِ التُّجَّارِ أَنْ يَضُمُّوا الْمَالَ الْجَيِّدَ إلَى الْمَالِ الدُّونِ وَيَبِيعُوهُمَا مَعًا بِقَصْدِ تَرْوِيجِ الْمَالِ الدُّونِ فَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَحِقُّ لَهُ تَفْرِيقُ صَفْقَةِ الْبَيْعِ لَاخْتَارَ الْمَالَ الْجَيِّدَ لِنَفْسِهِ وَتَرَكَ الدُّونَ لِلْبَائِعِ فَيَتَضَرَّرُ الْبَائِعُ مِنْ ذَلِكَ إذْ يَخْرُجُ الْمَالُ الْجَيِّدُ مِنْ يَدِهِ وَيَبْقَى لَهُ الدُّونُ. وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ شَيْئًا وَاحِدًا وَكَانَ يَحِقُّ لِلْمُشْتَرِي تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ فَإِنَّ الْمَبِيعَ سَيَكْتَسِبُ صِفَةَ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فَالْبَائِعُ أَيْضًا يَتَضَرَّرُ مِنْ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ الْبَائِعُ إذَا كَانَ مُقْتَدِرًا عَلَى تَفْرِيق صَفْقَةِ الْبَيْعِ فَالْمُشْتَرِي يَتَضَرَّرُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ إمَّا أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَتَضَرَّرُ الْمُشْتَرِي بِضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مُتَعَدِّدًا فَفِي هَذِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute