[الْبَابُ الثَّامِنُ فِي بَيَانِ الْمُزَارَعَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَيَنْقَسِمُ إلَى فَصْلَيْنِ] [ (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ) فِي بَيَانِ الْمُزَارَعَةِ وَيَحْتَوِي عَلَى لَاثَةِ مَبَاحِثَ] [ (الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ) فِي تَعْرِيفِ الْمُزَارَعَةِ وَتَقْسِيمِهَا وَرُكْنِهَا]
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ " فِي بَيَانِ الْمُزَارَعَةِ وَيَحْتَوِي عَلَى ثَلَاثَةِ مَبَاحِثَ " الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي تَعْرِيفِ الْمُزَارَعَةِ وَتَقْسِيمِهَا وَرُكْنِهَا الْمُزَارَعَةُ مِنْ بَابِ الْمُفَاعَلَةِ مِنْ الزَّارِعُ، وَالزَّارِعُ أَيْضًا مِنْ الزَّرْعِ، وَالزَّرْعُ لُغَةً زَرْعُ الْبَذْرِ وَيُسَمَّى الْمَحَلُّ الْمَزْرُوعُ مَزْرَعَةً مُثَلَّثَةَ الرَّاءِ (الْقُهُسْتَانِيُّ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَتُدْعَى الْمُزَارَعَةُ مُخَابَرَةً وَعَاقِلَةً أَيْضًا كَمَا أَنَّ أَهْلَ الْعِرَاقُ يُسَمُّونَهَا قَرَاحًا وَالْقَرَاحُ بِالْفَتْحِ فِي الْأَصْلِ هُوَ الْمَزْرَعَةُ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا أَبْنِيَةٌ وَأَشْجَارٌ وَجَمْعُهَا أَقْرِحَةٌ اخْتِلَافُ الْأَئِمَّةِ فِي حَقِّ الْمُزَارَعَةِ فَاسِدَةٌ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَدْ نَهَى عَنْ الْمُخَابَرَةِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَجَائِزَةٌ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَدْ اتَّفَقَ مَعَ أَهْلِ خَيْبَرَ عَلَى نِصْفِ الْمَحْصُولَاتِ كَمَا أَنَّهُ مِنْ الْمُحْتَمَلِ أَنْ لَا يَكُونَ صَاحِبُ الْأَرْضِ مُقْتَدِرًا عَلَى زِرَاعَتِهَا بِنَفْسِهِ وَأَنْ لَا يُوجَدَ لَدَيْهِ نُقُودٌ لِدَفْعِ أُجْرَةٍ لِزَرْعِ أَرْضِهِ فَيَكُونُ مُحْتَاجًا لِإِعْطَاءِ أَرْضِهِ مُزَارَعَةً، وَبِمَا أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَكُونُ قَادِرًا عَلَى الْعَمَلِ وَلَا يَكُونُ لَدَيْهِ أَرْضٌ يَزْرَعُهَا أَوْ عَمَلٌ يَعْمَلُ بِهِ أَوْ نَقْدٌ يَسْتَأْجِرُ بِهِ فَجُوِّزَتْ الْمُزَارَعَةُ دَفْعًا لِلْحَاجَةِ وَفِي الْمُسَاقَاةِ أَيْضًا جَازَ عَيْنُ الِاخْتِلَافِ. وَالْمَوَادُّ الْوَارِدَةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ مِنْ هَذِهِ الْمَجَلَّةُ هِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامَيْنِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ بِزِيَادَةٍ) وَقَدْ بَيَّنَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ بَعْضَ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِأَحْكَامِ الْمُزَارَعَةِ إلَّا أَنَّ بَيَانَهُ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَقْوَالِ مَنْ جَوَّزُوا الْمُزَارَعَةَ لِعِلْمِهِ أَنَّ النَّاسَ لَا يَأْخُذُونَ بِقَوْلِهِ. شُرُوطُ الْمُزَارَعَةِ: وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ وَقَدْ جُمِعَتْ بِقَوْلِ (ابْنُ خَصْمِ شَجَّ) الْأَلِفُ، إشَارَةٌ إلَى أَهْلِيَّةِ الْعَاقِدَيْنِ وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي الْمَادَّةِ (١٤٣٣) الْبَاءُ، إشَارَةٌ لِلُزُومِ بَيَانِ الْبَذْرَةِ أَيْ يَجِبُ فِي صِحَّةِ الْمُزَارَعَةِ أَنْ يُذْكَرَ أَنَّ الْبُذُورَ تَكُونُ مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ أَيْ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ أَوْ مِنْ الْمُزَارِعِ قَطْعًا لِلْمُنَازَعَةِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَبَيَانُ صَاحِبِ الْبَذْرِ يَكُونُ عَلَى نَوْعَيْنِ: أَوَّلُهُمَا، الْبَيَانُ صَرَاحَةً، الثَّانِي: الْبَيَانُ دَلَالَةً وَذَلِكَ لَوْ قَالَ رَبُّ الْأَرْضِ لِلْمُزَارِعِ: قَدْ آجَرْتُكَ الْأَرْضَ وَاسْتَأْجَرْتُكَ عَلَى أَنْ تَعْمَلَ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ فَيَكُونُ فِي هَذَا الْكَلَامِ بَيَانُ أَنَّ الْبَذْرَ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ.
كَذَلِكَ لَوْ قَالَ رَبُّ الْأَرْضِ لِلْمُزَارِعِ: قَدْ أَعْطَيْتُكَ الْأَرْضَ عَلَى أَنْ تَزْرَعَهَا لِنَفْسِي فَيَكُونُ ذَلِكَ بَيَانًا بِأَنَّ الْبَذْرَ مِنْ الْعَامِلِ وَإِذَا لَمْ يُذْكَرْ رَبُّ الْبَذْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute