مَضْمُونٌ بِالْإِتْلَافِ (الْهِدَايَةُ، الْعَيْنِيُّ، الزَّيْلَعِيّ، مُنْلَا مِسْكِينٍ، أَبُو السُّعُودِ) . ٣ - مِقْدَارُ النُّقْصَانِ، يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ الْغَاصِبُ عَلَى بِنَائِهِ كَالْأَوَّلِ. وَقَدْ وُضِّحَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٩١٨) وَبُيِّنَ سَبَبُهُ. كَذَلِكَ لَوْ احْتَرَقَتْ الدَّارُ مِنْ النَّارِ الَّتِي أَوْقَدَهَا الْغَاصِبُ ضَمِنَ الْغَاصِبُ قِيمَتَهَا مَبْنِيَّةً بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ الْعَقَارَ الْمَغْصُوبَ فِي هَذِهِ الْحَالِ يَكُونُ قَدْ أُتْلِفَ مِنْ طَرَفِ الْغَاصِبِ وَقَدْ اُتُّفِقَ عَلَى كَوْنِهِ مَضْمُونًا بِإِتْلَافِهِ (الْهِدَايَةُ) اُنْظُرْ الْفِقْرَةَ الْأَخِيرَةَ مِنْ الْمَادَّةِ (٩٠٣) . وَسَوَاءً أُوقِدَتْ النَّارُ كَالْمُعْتَادِ أَمْ عَلَى خِلَافِ الْمُعْتَادِ فَالْحَالَانِ مُتَسَاوِيَتَانِ فِي الْحُكْمِ وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْفَتَاوَى مُطْلَقًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. أَيْ أَنَّهُ إذَا احْتَرَقَتْ الدَّارُ لِظُهُورِ الْحَرِيقِ عَلَى إحْدَى الْحَالَيْنِ لَزِمَ الْغَاصِبَ الضَّمَانُ. مَعَ أَنَّهُ لَوْ احْتَرَقَتْ الدَّارُ الْمَأْجُورَةُ بِإِيقَادِ النَّارِ فِيهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ.
وَالْفَرْقُ: أَنَّ إقَامَةَ الْمُسْتَأْجِرِ فِي الْمَأْجُورِ مُسْتَنِدَةٌ إلَى عَقْدٍ وَمَشْرُوعَةٌ أَمَّا إقَامَةُ الْغَاصِبِ فِي الْعَقَارِ الْمَغْصُوبِ فَغَيْرُ مَشْرُوعَةٍ وَظُلْمٌ. لَكِنْ لَوْ احْتَرَقَتْ الدَّارُ الْمَذْكُورَةُ بِظُهُورِ حَرِيقٍ فِي الْحَيِّ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّالِثِ فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ كَذَلِكَ لَوْ اجْتَاحَ السَّيْلُ الْبُسْتَانَ الَّذِي اغْتَصَبَهُ وَاجْتَرَفَ أَبْنِيَتَهُ وَأَشْجَارَهُ أَوْ اجْتَاحَتْ الْمِيَاهُ الْأَرْضَ الْمَغْصُوبَةَ فَطَرَأَ عَلَى قِيمَتِهَا نُقْصَانٌ أَوْ بَقِيَتْ الْأَرْضُ الْمَذْكُورَةُ تَحْتَ الْمِيَاهِ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَحِكْمَةُ قَوْلِهِ النَّارَ الَّتِي أَشْعَلَهَا الْغَاصِبُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ: أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ فِي الْعَقَارِ الَّذِي غَصَبَهُ أَحَدٌ الضَّرَرَ الْمَذْكُورَ فِي الْفِقْرَةِ هَذِهِ أَوْ الضَّرَرَ الْمَذْكُورَ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى بِفِعْلِ آخَرَ غَيْرِ الْغَاصِبِ يَلْزَمُ ذَلِكَ الشَّخْصَ الضَّمَانُ - عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَالْمَالِكُ مُخَيَّرٌ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَلَهُ أَنْ يَضْمَنَ مَنْ شَاءَ مِنْ الْغَاصِبِ وَالشَّخْصِ الْآخَرِ كَمَا لَوْ هَدَمَ أَحَدٌ الْعَقَارَ الَّذِي غَصَبَهُ الْغَاصِبُ وَهُوَ فِي يَدِهِ أَيْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَوْ قَطَعَ أَشْجَارَهُ كَانَ الْمَالِكُ مُخَيَّرًا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ، إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ ذَلِكَ الشَّخْصَ. وَلَيْسَ لِلْمُتْلِفِ الرُّجُوعُ عَلَى أَحَدٍ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُتْلِفِ بِمَا ضَمِنَ (الْجَوْهَرَةُ وَالْبَزَّازِيَّةُ فِي أَوَائِلِ الْغَصْبِ، الْهِنْدِيَّةُ فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْغَصْبِ) .
[ (الْمَادَّةُ ٩٠٦) الْمَغْصُوبُ أَرْضًا وَالْغَاصِبُ أَنْشَأَ عَلَيْهَا بِنَاءً أَوْ غَرَسَ فِيهَا أَشْجَارًا]
(الْمَادَّةُ ٩٠٦) - (إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ أَرْضًا وَكَانَ الْغَاصِبُ أَنْشَأَ عَلَيْهَا بِنَاءً أَوْ غَرَسَ فِيهَا أَشْجَارًا يُؤْمَرُ الْغَاصِبُ بِقَلْعِهَا وَإِنْ كَانَ الْقَلْعُ مُضِرًّا بِالْأَرْضِ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يُعْطِيَ قِيمَتَهُ مُسْتَحَقَّ الْقَلْعِ وَيَضْبِطَ الْأَرْضَ وَلَكِنْ لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْأَشْجَارِ أَوْ الْبِنَاءِ أَزْيَدَ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ وَكَانَ قَدْ أَنْشَأَ أَوْ غَرَسَ بِزَعْمِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ كَانَ حِينَئِذٍ لِصَاحِبِ الْبِنَاءِ أَوْ الْأَشْجَارِ أَنْ يُعْطِيَ قِيمَةَ الْأَرْضِ وَيَتَمَلَّكَهَا. مَثَلًا لَوْ أَنْشَأَ أَحَدٌ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute